بعد عدة أجيال سيكون على المنظرين وضع احتمالات للمصطلحات التي كانت واضحة ومفهومة. وعلى الأخص مفهومي الديمقراطية والحداثة.

فإذا كنا قبل سنوات نستطيع التميز بين نظام ديمقراطي ليبرالي وآخر مركزي، فإنه بعد المحاولات الأمريكية لنشر الديمقراطية سنجد صعوبات متكررة في إيجاد التعريفات أو تمييز الأوضاع السياسية.

الخيار الديمقراطي، وبشكل أعم الحداثي، أصبح يصب في خانة الأمريكي المعادي والمحافظ والمتصلب، وعلى الخص إذا أخذنا برأي باتريك سيل بأن الاستراتيجية الأمريكية تحمل حكما ضرب سورية وإيران مهما كانت الأسباب، وليس بالضرورة هنا أن يكون الاحتمال عسكريا.

اليوم نواجه "تعسف" الديمقراطية التي تحاول سحب النموذج الحداثي، والإبقاء على الصورة المحمولة قديما، او القناعات بأننا نملك في تاريخنا أفق المستقبل، ولسنا بحاجة إلى الجديد.

التحالف اليوم مع "ابن تيمية" قائم، عبر "عدم الاجتهاد وإغلاق بابه"، لأن الصورة في الجهة المقابلة تسعى لاستباحتنا، فليس علينا إلا القبول بما نملك منذ القدم.

تعسف الديمقراطية يطرح علينا الكثير من الأسئلة حول المستقبل .. وإمكانية صياغة الثقافة مع الحرب ضد الحداثة، أو عمليات الفرز القاسي للعالم .. فمفهوم الأشرار والأخيار ليس خظابا أمريكيا رئاسيا، بل هو حالة قيمية في النظر إلى العالم وثقافته، ونحن البوابة التي يلج منها هذا المفهوم إلى سائر أرجاء العالم.

اليوم وصلنا إلى نقطة التلاقي بين "تعسف الديمقراطية" و "تصلب اللون التراثي" .. وربما علينا البحث من جديد وكأننا امام عصر نهضة متكرر.