قال مصدر قريب من «حزب الله» إن الحزب يستشف من سياق الأمور إن تحولاً جذرياً يسود في البلاد على مستوى التعاطي مع القضايا الأساسية والمصيرية والتي تتم مقاربتها بعيداً عن التوافق والإجماع الوطنيين، وخلافاً لمندرجات اتفاق الطائف الذي ارتضاه اللبنانيون دستوراً لهم».

وتحدث هذا المصدر عن بعض الوقائع المتعلقة بملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات والمقصود به مواقع سلاح «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة» بزعامة احمد جبريل، فقال: «هناك سباق محموم بين إتمام الاتفاق بشأن السلاح خارج المخيمات وصدور تقرير ميليس. اذ تفضل السلطة اللبنانية، ممثلة برئيسها فؤاد السنيورة، انجاز هذا الامر قبل صدور التقرير في ظل تقديم عروض وعروض مضادة».

ويعتبر المصدر ان سبب استعجال اتمام هذا الأمر يعود الى «سحب هذه الورقة من ساحة التجاذب الذي قد يحصل بعد صدور التقرير». في حين أن رأياً آخر (جزء منه داخل الحكومة) يرى ان فتح ملف السلاح الفلسطيني وبالطريقة التي تمت «هو مقدمة لتصفية كل العناصر المرتبطة بالصراع العربيـ الإسرائيلي تمهيداً لاخلاء الساحة امام ما يعتبرونه العائق الاخير، وهو سلاح المقاومة».

وكشف المصدر عن عرضين جرى تداولهما بشأن السلاح الفلسطيني؛ الأول صيغة لبنانية، مدعومة فرنسياً واميركياً، تقول بأن يقوم الفلسطينيون بإخلاء مواقعهم خارج المخيمات وسحب العناصر وتسليم السلاح مقابل دفع ثمن هذا السلاح ونفقات الاخلاء. وهذا العرض رفضه احمد جبريل بقوله إن السلاح الفلسطيني «هو سلاح قضية وليس معروضاً للمساومة او البيع».

أما العرض الثاني فتقدم به جبريل نفسه ويقترح سحب العناصر وتسليم المواقع والسلاح للمقاومة الإسلامية «طالما ان المقاومة تحظى بالشرعية وموضع إجماع لبناني». وقد وافق «حزب الله» مبدياً استعداده لتسلم المواقع والسلاح. الا ان هذا العرض رفض من قبل جزء من فريق الأكثرية النيابية في لبنان ولقي رفضاً مطلقاً من الجانب الاميركي الذي حذر المعنيين من السير فيه.

ويقول المصدر نفسه انه في ظل الرفض المتبادل للعرضين، انكب المعنيون على صياغة حلول أخرى يجري بحثها راهناً. وستكون على طاولة النقاش بين الوفد الفلسطيني الموحد والسلطة اللبنانية الممثلة بالهيئة التي شكلها مجلس الوزراء للحوار مع الفلسطينيين.

وأشار المصدر الى ان الأسابيع الماضية شهدت توتراً خطيراً في العلاقة بين الفلسطينيين والسلطة اللبنانية، وكاد الأمر ان يتطور الى التصعيد الأمني في اعقاب تشديد الاجراءات في محيط المخيمات والمواقع الفلسطينية. وأكد انه لولا تدخل «حزب الله» الحاسم لانفجر الوضع الميداني، اذ ان الحزب وضع كل إمكاناته التي اثمرت منع احمد جبريل من الدخول في مواجهة مع السلطة. وهذا التوتر نجم أيضا عن السعي من قبل الحكومة اللبنانية لحل ملف السلاح قبل تقرير ميليس.

أما في ما خص التقرير المرتقب للقاضي ميليس فأوضح المصدر نفسه ان «حزب الله» بعث برسائل الى المعنيين من منطلق حرصه على كشف حقيقة ملابسات الجريمة النكراء. وهذه الرسائل أبلغت مباشرة الى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وأبرزها رسالتان:

الأولى تتعلق بتمديد مهمة عمل لجنة التحقيق الدولية بعدما اشتم الحزب توجهاً للتمديد المفتوح، بما يعني وضع القضاء اللبناني تحت الوصاية وإدخال جهات دولية في أمور سيادية لبنانية. وربما أدى هذا التدخل الى توتير الأجواء وتحريك الأمور في اتجاهات لا يُعرف مسارها. ولكن بعدما تلقى الحزب جواباً يفيد بأن التمديد هو «في نطاق ما يسمح به قرار مجلس الأمن 1595، ومن باب حسن النية» وافق على التمديد حتى الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

والثانية هي ان «حزب الله» لن يقبل بمضمون تقرير في جريمة غير عادية يتضمن تحليلات سياسية أو استنتاجات غير مقرونة بأدلة ووقائع وإثباتات دامغة. كما ان الشيعة في لبنان لا يتحملون اتهاماً سياسياً لسورية لأن هذا سيؤدي الى أمور لا تحمد عقباها».

مصادر
الشرق الأوسط (المملكة المتحدة)