دمشق آخر العواصم العربية التي ما زالت تقاوم الامدادات الاميركية والاسرائيلية‚ وهي الآن محاصرة ومهددة بالمزيد من الحصار ما لم تستجب للشروط الاميركية التي قيل ان طرفا ثالثا نقلها لدمشق وجرى تسريبها الى صحيفة التايمز البريطانية وهي ان تتعاون سوريا بالكامل مع محققي الامم المتحدة بشأن التحقيق حول اغتيال الحريري وقبول اي طلب يصدر عنهم.

ان يتم استجواب اي مسؤول في النظام السوري يرد اسمه كمشتبه به وحتى ملاحقته قضائيا - ان يتوقف السوريون عن التدخل في شؤون لبنان - ان تتوقف دمشق عن تجنيد متطوعين وتمويلهم وتدريبهم ليشاركوا في اعمال العنف في العراق.

وفي مقابل ذلك تتعهد الولايات المتحدة بإقامة علاقات كاملة وودية مع سوريا لجعلها مجددا بلدا يجذب استثمارات اجنبية.

هذه الشروط مجرد عناوين عامة تندرج تحتها تفاصيل عديدة وعادة مايكمن السم في التفاصيل‚ كما ان هذه الشروط تنطوي على اتهامات مختلفة من حيث ربط تصاعد العنف المضاد لقوات الاحتلال الاميركية للعراق بجهود تسليح وتدريب واجتياز حدود ليس هناك اي ادلة عليها وانما هناك ادلة تثبت ان العراقيين الذين يقاومون الاحتلال الاميركي ليسوا بحاجة للتدريب او للسلاح ففي العراق ملايين الناس المدربين على القتال‚ والعراق ترسانة اسلحة كما يعرف المراقبون بذلك بمن فيهم القوات الاميركية التي عجزت حتى عن حماية المخازن التي اكتشفتها.

تسعى واشنطن لتحقيق ما فشلت بتحقيقه بالقوة في العراق لتحقيقه بالضغوط السياسية على سوريا وقد بدأت هذه الجبهة منذ القرار 1559 الذي انتزعته واشنطن وباريس من الامم المتحدة وللتسريع في تطبيق القرار كان لا بد من افتعال صدمة كبرى تمثلت في اغتيال الحريري وتفجير الاوضاع في لبنان في وجه سوريا وتحميلها المسؤولية عن اغتياله‚ ومن السذاجة الاعتقاد بأن اميركا تدخلت في لبنان انتصارا للديمقراطية واحقاقا للعدالة‚ ولكن اذا كانت هذه العناوين توصلها الى ما تريد فسوف تدفع في ذلك الاتجاه الى اقصى مدى يحققه لها ما تريده ولن تتورع عن التخلي عن الديمقراطية والعدالة بمجرد ان تحصل على ما يريده من دمشق‚ فحتى لو ثبت ان لا دخل لسوريا باغتيال الحريري وعاد لبنان ليكون مسرحا لتدخل كل الدول باستثناء سوريا وبالطبع لا اساس لادعاء واشنطن بأن دمشق وراء الثورة العراقية ضد الاحتلال فإن واشنطن سوف تواصل الضغط على دمشق لأن الغاية هي تركيع ما تبقى من مقاومة رسمية للاجندة الاسرائيلية - الاميركية في المنطقة وفي هذا السياق اشتمل القرار 1559 على نزع سلاح حزب الله وسلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان.

هكذا رسم القرار 1559 خط المواجهة الشاملة بين الاجندة الاميركية وحلفائها في المنطقة العربية وبين آخر جيوب المقاومة في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق‚ وتعتقد واشنطن بأن تركيع دمشق خطوة رئيسية نحو استكمال هيمنتها واعادة تشكيل الخريطة السياسية وتحت عنوان محاربة الارهاب واشاعة الحرية والديمقراطية ستتم محاربة كل وطني يقاوم المخططات الاميركية - الاسرائيلية الهادفة الى قطع الطريق على اي نهوض قومي عربي اسلامي ووصمه بتهمة الارهاب فكل من لم يركع للارادة الاميركية والاسرائيلية يعتبر ارهابيا وهذه المعضلة التي تواجهها دمشق وكل من يقف في صفها.

مصادر
الوطن (قطر)