من المزمع أن تجري انتخابات المجلس التشريعي ـ البرلمان ـ الفلسطيني ـ بعد أقل من ثلاثة أشهر. جيراننا يرون فيها فصلاً هاماً في تاريخ شعبهم. الانتخابات السابقة لهذه المؤسسة جرت قبل تسع سنوات حيث قامت حماس بمقاطعتها حينها، بينما فرضت قائمة مرشحي فتح من قبل ياسر عرفات. لهذه الأسباب وغيرها لم تعبر هذه الانتخابات عن رأي الفلسطينيين الذين يقطنون بين البحر ونهر الأردن. إلا أن الأمر لن يكون كذلك في هذه المرة.

إذا جرت الانتخابات على ما يرام، فسيكون بإمكان الأمة الفلسطينية أن تفاخر بنظام ديموقراطي، وهي ظاهرة غير موجودة في أي دولة عربية باستثناء لبنان. شاهدنا براعم هذه الديموقراطية في انتخابات رئاسة السلطة. المراقبون المصريون الذين أشرفوا على الانتخابات عبروا صراحة عن دهشتهم من مستوى الحرية التي منحت للمرشحين والناخبين. الديموقراطية، ولو كانت مشوبة بالعيوب، ستكسب الدولة الجنينية، فلسطين، ختم المشروعية من الأسرة الدولية التي تفرض قواعد اللعبة في عالمنا الراهن. هذه الديموقراطية ستقصر طريق الفلسطينيين نحو دولتهم الخاصة بهم.

الآن فرض علينا أن نختار بين الاثقال على هذه العملية وبين مساعدتها. نحن مترددون ونشترط مساعدتنا بمنع اشراك المنظمات المارقة. يجب أن ندرك أنه في ظروف شبه الاحتلال القائمة في الضفة الغربية. فإن عدم تقديم العون يعني تشويش الانتخابات لا بل احباطها. في البداية كان من الممكن تفسير طلباتنا كضغط على قيادة السلطة، ولكن المراهنة لم تنجح والوقت آخذ في النفاد. المارقون لن يتخلوا عن سلاحهم وقيادة السلطة لن تتورط في حرب أهلية حتى تفرض ذلك عليهم. وحتى إذا رغبت في ذلك فإنه من المشكوك فيه أن يكون بوسعها فعل ذلك. يمكن الافتراض أننا سنواجه بعد ثلاثة أشهر نفس الوضع الذي نواجهه اليوم.

في ظل هذه الشروط ما الذي يمكن لاسرائيل أن تفعله؟ تزييف ارادة الناخبين الفلسطينيين لن يجدي نفعاً لأن الارادة السياسية التي لا تترجم الى تمثيل سياسي تصب في صالح الأشخاص المظلومين، وفي أحيان كثيرة يعبر عنها من خلال العنف. لا جدوى من تأجيل الحسم من خلال الأمل بأن يؤدي تحسين الوضع الاقتصادي في مناطق الحكم الذاتي الى تقليص التأييد للفصائل المارقة. التحسين منوط بعملية طويلة، وحماس مسلحة بأيديولوجيا جذابة وهي متجذرة في المجتمع الفلسطيني. أبو مازن يناشدنا أن نتركه في حاله، ولكن ما الذي يوجد في سريرته ـ هذا ما لا نعرفه. من المحتمل إن افساد وتشويش الانتخابات من قبل اسرائيل سوف يؤجلها ويلقي بالمسؤولية علينا، ولكن إذا صدقنا ما يقوله فإنه على قناعة بانتصار فتح بأن يؤدي اشراك حماس في العملية السياسية الى تغيير طابع هذا التنظيم.

نحن واقعون بين المطرقة والسندان، ولكن حكم علينا أن نقرر، القرار الأقل سوءاً هو ترك الفلسطينيين يبلورون ديموقراطيتهم من دون أن نقدم لهم مساعدة غير مطلوبة. حركة حماس هي كيان كبير ومعقد: ليس كل من يؤيد الجوانب الاجتماعية من أيديولوجية حماس هو شخص دموي نحن سنتولى أمر معالجة الانذال كما نتولى أمر المخرّبين الذين لا يلبسون العباءة البرلمانية.

مصادر
يديعوت أحرنوت (الدولة العبرية)