قبل خمسة أشهر، عندما أنهى رئيس الشاباك السابق آفي ديختر مهام منصبه، نال أكاليل مجد لا سابق لها في تاريخ حروب اسرائيل. فقد جرى الحديث عن نصر لم يكن له مثيل على الارهاب الفلسطيني، عن ضربة لن يتمكن العدو من النهوض منها، عن خطوة عسكرية ستدرس في المدارس العسكرية في أرجاء العالم.

هذا الثناء لا يستقيم مع معطى واحد: في المواجهة الحالية مع الفلسطينيين فقدت اسرائيل أكثر من ألف شخص، معظمهم مدنيون: ـ وهو رقم قياسي حتى بالنسبة لخسائرنا في الماضي وكذا بالنسبة لخسائر العدو. لم نشهد مثل هذا الأمر الخطير منذ حرب الاستقلال. وفضلاً عن ذلك لم يقتل في أي من حروب اسرائيل مدنيون كثيرون بهذا القدر في الجبهة الداخلية للدولة (في حرب الاستنزاف التي استمرت نحو سنة ونصف سنة، على الحدود مع مصر، سوريا والأردن، سقط 733 اسرائيلياً).

منذ انسحاب اسرائيل من قطاع غزة يدعي الفلسطينيون، ولا سيما حماس بأن نشاطهم العنيف هو الذي أدى الى فك الارتباط. فمن دونه ما كانت اسرائيل لتنسحب. الموقف الذي يمثله ديختر، يرفض هذا الزعم. اتضح أن لقرار الانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة كانت أسباب مختلفة، ولكن لا شك أن الارهاب الفلسطيني أدى دوراً مركزياً فيه: من تفاقم الوضع الاقتصادي وحتى التغيير الجارف في الرأي العام في اسرائيل، وبما في ذلك تأييده المكثف لمبادرة جنيف، حتي دون معرفة تفاصيلها.

حرب الارهاب مستمرة، كما تبيّن هذا الأسبوع في العمليتين في مفترق غوش عصيون وقرب عاليه، رغم كل النجاحات في الاحباطات المركزة. وتمسك العديد من الفلسطينيين بقتل الاسرائيليين لم يضعف رغم خسائرهم الكثيرة. لو كان ديختر رئيس الأركان أو وزير الدفاع وجسد مخططاته لكان عليه أن يجند كل احتياطي الجيش الاسرائيلي لأشهر طويلة. وهكذا أيضاً اضطر شارون الى صد الاقتراحات لاحباط مركز كبير.
العمليتان هذا الأسبوع وقبل ذلك اغتيال ساسون نوريئيل يجسدان بأن حرب الارهاب مستمرة. لا يبدو أن هذه بداية انتفاضة ثالثة، ولكن يحتمل وجود نية لتوسيع النار شبه اليومية في طرق الضفة، إطلاق النار الذي يشارك فيه كل المنظمات الفلسطينية تقريباً، وربما أيضاً رجال أجهزة أمن السلطة الذين يعملون من تلقاء أنفسهم.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)