ستعقد الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الثلاثاء المقبل اجتماعا من المنتظر أن يشكل بداية الحسم الدولي ضد سورية، فالولايات المتحدة وفرنسا بدأتا الاعداد لمشروع قرار يضع نظام بشار الأسد أمام مسؤولياته ويحذره من الاستمرار في عدم التعاون مع التحقيق الدولي ويمهد لاجراءات عقابية ,
وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية ان «اجتماعا لمجلس الامن سيعقد في 25 اكتوبر الجاري لبحث ما بعد تقرير المحقق الدولي ديتليف ميليس» مشيرا الى ان «فرنسا تدرس حاليا مسودة» مشروع قرار ، واعتبر ان هذا «أمر طبيعي في حالات كهذه حيث تعكف فرنسا وغيرها من الدول على دراسة مجموعة من الأفكار»,
ولم ينف المسؤول الفرنسي ان تكون فكرة انشاء محكمة دولية قابلة للبحث لكنه اشار الى ان هذا الموضوع «ليس على طاولة البحث الآن» وسيتطور وفق سير الاحداث مؤكدا ان فكرة انشاء مثل هذه المحكمة ينبغي ان يتم بالاتفاق مع السلطات اللبنانية «وليس بدونها او ضدها» ، لكنه اعتبر ان الموضوع سابق لأوانه .
وجاء الموقف الفرنسي هذا كنسخة مخففة عن التهديدات الاميركية لدمشق حيث ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس حملت صراحة سورية المسؤولية من دون تحديد تفاصيل ما يمكن عمله ضدها، بينما كان الناطق باسم الخارجية الاميركية يقول ان تقرير ميليس يؤكد ان «افعال سورية قد تسببت بزعزعة الاوضاع في العراق وفلسطين».
وكانت الخارجية الفرنسية شددت على «الاهداف السياسية» في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، وركزت خصوصا على الفقرة الواردة في التقرير حول عدم تعاون دمشق,
وتسعى باريس وواشنطن في الوقت الراهن لاقناع الصين وروسيا بالموافقة على اتخاذ موقف مشترك من سورية ودعم الخطوات المقبلة في تقرير ميليس بغية اعتقال المشتبه بهم ومحاكمتهم، وهو الامر الذي سيؤدي عمليا الى مواجهة حتمية مع سورية.
فالتقرير الاصلي الذي اعده ميليس كان يشير بالامس الى ماهر الاسد شقيق الرئيس السوري والى كل من آصف شوكت ( زوج شقيقة الاسد ) وبهجت سليمان الذي كان احد ابرز المقربين من الاسد وتولى منصب مسؤولي الامن السياسي، وحسن خليل .
وتقول المصادر الغربية في فرنسا بان الاسرة الدولية ستطالب سورية بعدم اعاقة التحقيق الدولي والافساح في المجال امام لجنة التحقيق بالاستماع الى المتهمين والشهود حيثما رأت ذلك مناسبا خصوصا بعدما اظهر تقرير ميليس «تورط سورية»، الامر الذي يعني ان كل المقار السورية يجب ان تكون «مشرعة الابواب» للمحققين الدوليين وان يكون الشهود والمتهمون وحدهم ومن دون اي مسؤول من الخارجية السورية ، كما قد تطلب اللجنة الاستماع الى شهادة وزير الخارجية فاروق الشرع كمتهم بعدما اكد التقرير ان رسالته الى لجنة التحقيق كانت «مضللة»,
سيقارب موقف الاسرة الدولية ما كان عليه موقفها من العراق حين اجبرت الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين على فتح قصوره ومقار الدولة للجنة التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل .
والسؤال سيكون اذا حول موقف الاسد، فهل سيقبل بتشريع ابواب سورية للجان الدولية؟ وهل يوافق على تسليم شقيقه وصهره وعدد من المسؤولين الآخرين في حال ثبت تورطهم؟ وهل بات قادرا أمنيا وسياسيا على اتخاذ مثل هذا القرار في حال ارتأى ذلك مناسبا؟ وهل اذا سلمهم سينتهي الامر عند هذا الحد أم ان التحقيق سيصل اليه ؟
المشكلة امام الاسد ان الولايات المتحدة التي وجدت في تقرير ميليس فرصة كبيرة لتكثيف ضغوطها عليه والتلويح باسقاط نظامه (حتى ولو ان المراقبين يقولون ان قرارا بهذا الشأن لم يتخذ اميركيا بعد) ، تريد محاسبة النظام السوري على موقفه ليس فقط من اغتيال الحريري وانما من العراق وفلسطين وايران، ولذلك فان التحليل السوري يفيد بانه مهما فعل الاسد ومهما قدم من تنازلات فان السكين الاميركية ستبقى على رقبته,
هل يتراجع الاسد ويقبل باقل الحلول مرارة ويسلم المتهمين تماما كما فعل العقيد معمر القذافي في نهاية المطاف؟ ام يتخذ قرار المواجهة مع ما يعنيه ذلك من حصار اقتصادي وديبلوماسي خطير على بلاده ؟
وهل تواصل الولايات المتحدة وفرنسا ضغوطهما على سورية حتى النهاية أم ان الضغوط ستؤدي عاجلا أم آجلا الى تسوية وصفقة ؟
يبدو وفق السيناريوهات الراهنة، ان المواجهة هي أقرب الاحتمالات، ولذلك فمن المنتظر حدوث تغييرات في بعض المواقف اللبنانية بحيث ان ثمة اطرافا كانت ناهضت سورية في الآونة الاخيرة قد تغير موقفها وتقرر الوقوف الى جانب دمشق لمناهضة ما تعتقد انه «مشروع اميركي لتقسيم المنطقة وضرب سورية»، وهذا يعني ان لبنان متجهة لانقسامات خطيرة في المرحلة المقبلة وان الاوضاع السياسية والامنية في لبنان وسورية ستكون امام «مرحلة قاتمة جدا»,

مصادر
الرأي العام (الكويت)