أتحفني بقدرة الدراويش على المسكنة أمام بهاء مجلس الأمن الدولي، وقوة وميض الكون الذي أصبح هالة فوق رؤوس البعض، فإذا قامت القيامة رددت مع الجموع "ألهم بدد شملهم" وكأنهم قبيلة بني عبس أو قريش، فلا ينتابني سوى مرارة الانتماء لبني هاشم أو أمية.

ربما علينا أن نعيد ترتيب الأدعية عندما نقرر في يوم رمضاني أن نسلم أمرنا لله من سطوة المحافظون الجدد، فنقول "ألهم لا تدع عضوا في مجلس الأمن إلا هديته ولا محافظا جديدا إلا غفرت له" ... وبدلا من تفريق الشمل على مذهب العشائر فعلينا أن نتحدث عن افتراق الزنوج والبيض والإيطاليين والأيرلنديين، وانصياع "اليانكي" لإرادة المستعمرين ... وربما علينا إعادة النظر في قانون الدعاء الذي كان صالحا ضد جيش تيمورلنك وليس ضد الأسطول السادس أو قوات المارينز، فهؤلاء لا يأتون حشودا حتى يتفرقوا، بل هم يمتنعون عن الظهور أمامنا طالما أن الأسلحة الذكية والانتحاريون الأغبياء قادرين على حصد أرواحنا.

الأدعية تنعي الوطن أحيانا وكأنها طيف من الماضي يستحضر مجازر القرون الوسطى، بينما نطلب من الله عز وجل أن يقطع نسلهم وهم الذين يبحثون عن تحديد النسل ويحذرون من "القنبلة السكانية"، وعذرا لاستخدام مصطلح يعود إلى القرن الماضي. لكن الظاهر أن الطاقة التي نملكها في الدعاء تعفينا حتى عن التفكير بما سنطلبه في يوم تفتح به أبواب السماء ...

وعندما نشعر بأن "المحافظين الجدد" في جبروتهم يطالون الحقائق فإن الله يبقى في عليائه، ونحن هنا لا ننتظر مصيرنا بل نطلب العودة للوراء فـ"لا يصلح آخر الأمة إلا ما أصلح أولها"، ويأخذ الدعاء عندها اللون المصيري الذي يجمعنا في عصبية جديدة ... عصبية المواجهة على نمط القبيلة وصراع "حروب الردة" أو مقاومة "هولاكو" وهو يجتاح بقاع آسيا.

أنا هنا على أرض يحكمها "المحافظون الجدد" وهم يعتقدون بأن سياستهم "رسولية"، ومن لم يصدق فليحاول النظر إلى الرئيس بوش الذي لا تسعفه ذاكرته سوى بأمثلة "تبشيرية" .. فهل أمامي سوى الدعاء ... ربما يكون التفكير "الرسولي" للمحافظين الجدد يقف على مساحة من البحث العلمي والجهد المتواصل لعالم يتكون يوميا ... وأنا هنا على الأرض لن أقبل أن أصب دعائي على الآخرين وأنا أقف على مساحة من الماضي و "الخيال التراثي" ... فعذرا لن أنعي الوطن بدعاء يعود إلى زمن الحروب الصليبية ... لأن الوطن هو الغد وليس التاريخ وحكمة الأجداد.