علق المرجع الديني الابرز في التيارات الاسلامية الاصولية الشيعية اللبنانية على قول اميركيين كثيرين ان بلادهم لا تريد خوض حرب ضد سوريا لان العراق "يكفيها" وانها لم تقل انها تريد اسقاط النظام السوري لكنها لن تفعل شيئا لمساعدته على البقاء والاستمرار اذا كان سيسقط، قال: "ما تتفضل به هو في ما اذا كانت هناك ظروف داخلية في سوريا لاسقاط النظام. وعندما تدرس الوضع في سوريا من خلال المعارضة، وحتى معارضة الاخوان المسلمين ترى ان الوضع لم يحمل في الاوضاع السورية الداخلية اية فرصة لاسقاط النظام من الداخل في هذا المجال. ولا يزال النظام قوياً بحسب ما يملك من الضغوط التي يضغط بها على المعارضين هنا وهناك. ففرضية سقوط النظام من الداخل ليست فرضية واقعية كما هي صورة المشهد على حقيقته في هذه المرحلة".

تصرح اسرائيل انها ليست مع اسقاط النظام في سوريا او سقوطه لان الفوضى ستطغى والسلفية ستسود. والولايات المتحدة تبدو مترددة في ما يتعلق بمصير هذا النظام. لكن اسرائيل تريد النظام السوري ضعيفا. وهذا النوع من الانظمة، مع احترامنا له، يسقط اذا ضعف. إما يبقى قويا او يسقط. كيف يمكن ان يحافظ النظام السوري على قوته بعد الضغوط التي مورست وستمارس عليه وتاليا ان يسترجع دوره المقبول دوليا؟

اجاب المرجع الاسلامي الابرز: "لا بد من التدقيق في هذه المسألة. وهي ان الضعف السوري الذي يتحدث عنه الاسرائيليون أو بعض المسؤولين الاميركيين هو ضعف من الخارج وليس من الداخل.

ان النظام يسقط بفعل الضعف الداخلي ولكن الضعف السوري ينطلق من خلال العقوبات الاقتصادية، أو العزلة السياسية وفي ملاحظتنا للوضع السوري الآن هو أن القيادة السورية تعيش حالة العنفوان في القضايا الكبرى التي تعتبرها القضايا القومية والتي تعتقد انها تمثل قاعدتها... لهذا في تصوري أن هناك نوعاً من الإصرار على تحمل الكثير من هذه المضعّفات – إذا صح التعبير – ريثما تنفتح لها كوّة هنا وكوّة هناك.

إن النظام السوري ليس النظام الذي يبقى منتظراً ضربة ما على رأسه تأتي من هنا وهناك. ولكنه النظام الذي يبحث عن موقع للقوة هنا وهناك. الى جانب مسألة لا بد من متابعتها هي ان النظام السوري لا يزال يعمل على تحقيق وتخطيط الإصلاح الداخلي وإن يكن بطريقة قد تكون سلحفاتية وتدريجية وللظروف المحيطة المانعة من السرعة في الإصلاح باعتبار مراكز القوى، وما يسمى الحرس القديم.

ان الاستمرار في هذا الاتجاه ربما يمنح النظام جرعة من وقت الى آخر من القوة الداخلية".

ألا تعتقد ان في الشعارات التي لا تزال ترفعها سوريا شيئاً من المبالغة لان هناك اقتناعا عاما بان الهدف الوحيد او على الاقل الابرز من رفعها هو حماية النظام؟

اجاب المرجع الابرز: "في هذا الجانب كنتُ أقول ليست المسألة أن سوريا تريد حماية نفسها بهذه الشعارات القومية ولكن هناك شيئا داخل القيادة السورية ينطلق من الإصرار على البقاء في هذه الدائرة القومية. مع نقطة مهمة لا بد منها وهي ان البلاد العربية بأجمعها ابتعدت عن القضية القومية سواء الفلسطينية او حتى قضية العراق بالطريقة التي تعتبرها الشعوب العربية خاضعة لاسرائيل كما هي خاضعة لأميركا. أما سوريا فهناك بقية من الحالة العربية التي يمكن ان تحترم ذلك في هذا المجال. فالقضية ليست ان هذا الموقف يحمي سوريا ولكن ان هناك نوعاً من العناد السوري حسب ما يثار من بعض التصريحات او المواقف للقيادة، والعناد في الوقوف مع هذه المسألة وربما كان البقاء مع هذه العناوين الكبرى يُعطي موقع حاجة أميركا الى هذا الدور للاستفادة منه في ترتيب بعض الأوضاع العربية وخصوصاً القضية الفلسطينية وخاصة القضية العراقية بلحاظ الحركة المستقبلية عندما تصل المسألة الى تسوية في هذا المجال".

العناد يؤذي. ذلك ان الوصول الى تسوية يقتضي تنازلات. هل سيوصل العناد السوري الى تسوية أم لا؟ اجاب المرجع الابرز: "العناد المقصود هو بطبيعة الحال العناد السياسي وليس الذاتي او الانفعالي".

سألت عن الذي تريده اميركا من سوريا. هناك سؤال اخر: ماذا تريد سوريا من اميركا؟

اجاب المرجع الابرز: "اتصور ان سوريا تريد ان تبقى العلاقات مع اميركا في المستوى الذي لا يسقط القضايا الحيوية فيها".

هذا كلام عام:

رد المرجع الابرز نفسه: "لا، فاذا قلنا سوريا تريد الدخول في تسوية مثلاً فهذه التسوية تتحرك فيها القضايا الاقتصادية والسياسية والامنية وفي تصوري ان اميركا إذا فكرت في رفع هذا الضغط القوي عن سوريا فإن من الطبيعي جداً أن تبدأ العلاقات بشكل معقول. كأي علاقة بين دولة كبرى ودولة لها مصالح معها.

نحن نلاحظ من خلال التصريحات الاميركية بما فيها رايس: نريد حفظ الحدود مع العراق وان لا تتدخل في لبنان وفلسطين فهناك ثلاثة أمور يتحدثون عنها".

هل سوريا جاهزة لذلك؟ اذ من دون هذه الامور لن تكون هناك صفقة او بالاحرى تسوية؟

اجاب المرجع الديني الاسلامي الابرز: "اعتقد أنها جاهزة وغير جاهزة. الجهوزية ليس معناها التوقيع بل التحرك بطريقة ديبلوماسية من جهة بحيث تفسح المجال للدخول في بعض هذه التسويات".

الا تعتقد ان من اسباب تردي العلاقة السورية – الاميركية عدم معرفة سوريا اميركا وعدم معرفة طريقة ادارة الحوار معها؟ هل هناك جهل عند النظام السوري باميركا؟

اجاب المرجع الاسلامي الابرز:

"لا اتصور ان سوريا تجهل أميركا ولكنها تحاول الحديث بطريقة اننا قدمنا كذا وكذا وهو من قبيل إدارة المسألة في عملية التجاذب. فالتجربة السورية مع اميركا لا تزال تختزن حافظ الاسد وإن لم يكن هناك حافظ الاسد".

توحي طريقة عمل سوريا مع العالم وخصوصا العالم العربي ان سوريا تعيش في عالم من الاحلام والتمنيات، الامر الذي جعلها تنصدم اكثر من مرة ولا تزال. حصل معها ذلك في الموضوع الاميركي وفي الموضوع العربي. فهي حاولت وتحاول دائما اعطاء انطباع انها حاصلة على دعم مصري وسعودي وان القاهرة والرياض يبذلان المستحيل لمساعدتها. والامر نفسه بالنسبة الى الاوروبيين. لكن الاجواء الفعلية عند كل هؤلاء وفي مقدمهم المصريون والسعوديون والاوروبيون مختلفة؟

مصادر
النهار (لبنان)