من المفترض أن تجري انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في كانون الثاني المقبل. الآن، بعد فك الارتباط، تطرح قضية مشاركة حماس في هذه العملية: هل تستطيع إسرائيل فرض قيود على الانتخابات أو حتى منع حصولها في حال مشاركة حركة حماس فيها، طالما لم يتم تجريدها من سلاحها؟ وماذا بالنسبة لما ورد في خارطة الطريق ـ الوثيقة التي يستند إليها رئيس الحكومة أرييل شارون كأساس لمواصلة المفاوضات بين الطرفين ـ بأنه يتعين تجريد المنظمات الارهابية من سلاحها؟

سبق وأن تنافست حماس في الانتخابات للسلطات المحلية، وحتى ان مرشحيها يرأسون اليوم عدة مجالس محلية، والآن، كما هو معروف، تنوي الحركة التنافس أيضاً في انتخابات المجلس التشريعي، حيث تحاول اقناع العالم انّ ثمة تمييزاً بين الجناح العسكري للحركة وبين الجناح السياسي الذي يفترض انه سيترشح للمشاركة في الانتخابات. هذا ما حصل أيضاً في شمال ايرلندا، عندما طلب الشين فين وشارك فعلياً في الانتخابات، في ظل وجود الـ(أي أر إيه) كجناح عسكري بكل معنى الكلمة. هناك أيضاً عارضوا في البداية مشاركة الشين فين في الانتخابات. وهناك أيضاً جرت المطالبة بنزع السلاح، وفي الشهر الماضي، بعد عقد من المفاوضات الحثيثة، يبدو أن الخطوة نجحت وأعلن التنظيم العسكري عن القاء السلاح، وثمة كثيرون ممن يرون في مشاركة الجناح السياسي ولعبه دورا في السلطة عنصراً مركزياً في هذه الخطوة. لكن عندنا تبذل الحكومة كل جهدها كي تحقق نزع السلاح والغاء الميثاق الذي يدعو إلى تدمير دولة إسرائيل، حتى قبل المشاركة في الانتخابات.

اذا كانت اسرائيل معنية بمساعدة أبو مازن في صراعه السياسي، فعليها القيام بذلك بشكل يثبت للجمهور الفلسطيني أنه عبر المفاوضات فقط، أي عبر نهج أبو مازن، يمكن تحقيق انجازات، ولا يدور الحديث هنا عن "عناق الدب" مع أبو مازن، بل عن استئناف المفاوضات السياسية، تقديم التسهيلات والبادرات الحسنة، التي تسمح له بالمجيء إلى جمهور الناخبين وفي جعبته انجازات حقيقية، كتلك التي تسحب البساط من تحت مزاعم حماس. وطالما بقيت اسرائيل لا تفعل شيئاً سوى اصدار البيانات العلنية بأنها لن تسمح بحصول الانتخابات في حال مشاركة حماس فيها، فانها ستتسبب في خسارة أبو مازن، ذلك انه في اعقاب كل بيان كهذا تتعزز قوة حماس في الشارع الفلسطيني.

في جميع الأحوال، لا يمكن لاسرائيل ولا يتعين عليها منع مشاركة حماس في الانتخابات، وذلك يعود قبل كل شيء إلى انها ستمس بذلك مساً شديداً بالعملية الديموقراطية في السلطة الفلسطينية، التي تقوم الان بخطواتها الأولى باتجاه ديموقراطية حقيقية، وهي بذلك ستمس أيضاً بشرعية السلطة الفلسطينية أمام الجمهور الفلسطيني. وهذا الأمر يشكل نوعاً من التدخل في الاجراءات الداخلية للسلطة من قبل إسرائيل، ومعارضة للجهود الأميركية المبذولة لبسط الديموقراطية في منطقتنا.

يجب على اسرائيل تغيير سياستها، صحيح انه ليس مطلوباً منها تشجيع مشاركة حماس في الانتخابات، لكن عليها الكف عن تهديداتها بأنها لن تسمح لمرشحي الحركة من المشاركة، أو أنها ستمنع حصول الانتخابات كلها، يجب ترك الساحة مفتوحة أمام الصراع السياسي بين فتح وحماس، ومساعدة فتح وأبو مازن بطريقة غير مباشرة من أجل التغلب على حماس، أو على الأقل العمل كي يتضاءل قدر الامكان وزن الحركة في السلطة.

مصادر
يديعوت أحرنوت (الدولة العبرية)