عذرا من الحدث السياسي .. ومن تراكم الفضائيات فوق الذاكرة، أو خلف الكوابيس التي تطرق أبواب الليل منذرة بأن "عصر الذكور" أنتج "كوندليزا رايس" ... وهنا لا أشتم بل أفكر أن الصورة الذهنية لا تشكل حتى ملامح أنثى وسط قسوة التصريحات.

وعندما تتوسع دائرة السياسة يكون الحلم أخذ مجده في التشدق بـ"الليبرالية" و "الحرية" ... ومفهوم الحرية ربما سيكون - مستقبلا - هذا الحدث الذي يضغط على الأفكار ... فيعيد الصور البعيدة ويشكلها من جديد وأسأل نفسي لماذا صاغ الفنان الفرنسي تمثال الحرية على شكل أنثى؟!! ولماذا لا يبعد هذا النصب الذي شكل رمزا في عصور كانت تكون الحداثة عن مجال "الحرية" أو "الأمن" كما يصوغها المحافظون الجدد اليوم في أروقة مجلس الأمن؟

جوهر الحرية التي لا نراها إلا في صورة الأنثى .. هذا "الشيطان" المطارد في ثقافتنا التراثية، أو "الساحرة" داخل ثقافة الغرب في العصور الوسطى. أو حتى أشكال التعامل مع الخصب في ثقافة أرغمتنا على التكفير والذهاب بعيدا في إطار "الانتحار الجماهي".

هناك سؤال كان يهاجمني وأنا طفلة .. لماذا

الساحرة "أنثى"؟ ولماذا الضمائر المذكرة هي للأعظم: "هو الله" .. هو "الوطن" .. هو "تقرير ميلس"!!! بينما تأخذ القيم سمة المؤنث "الكرامة" .. "الشهادة" .. المحبة" ..

ربما لأننا نقيس قيمنا على معايير الأنوثة، فانتهاك الكرامة هو اشبه باغتصاب عذراء .. ومس سيادة الوطن يقارب إلى حد بعيد اختراق "الأعراض".

لكن المرأة أعمق من أن تنتهك بعرضها وفق الثقافة التراثية .. فالانتهاك الأول كان في إدخالها مجال "الجنس" كمحدد لصورتها النهائية.

نعم "الشيطان" امرأة طالما اننا لا نستطيع تفجير التراث اللغوي حول المرأة .. والغواية امرأة كلما بقي في داخلنا إرث الصحراء ..

رحم الله نزار قباني .. فهو أودع لنا "مفاهيم جديدة" للمرأة نحاول نسيانها اليوم.