لا يحاول الرئيس الأمريكي التأخر في الرد على أي تطور سياسي بين لبنان وسورية، حتى ولو كان هذا التطور تصريح لمواطن ضمن ريبورتاج تلفزيوني. كما انه لا يتأخر في الحديث عن "الأمل" الذي تحمله الديمقراطية بين العراق ولبنان، بينما تقف سورية وسط "ناريين" من تجارب التحرك الديمقراطي.

في المؤشر الأول للتصريحات فإن الصورة التي يحملها بوش دائما كتعبير عن الأمل تؤكد أن هناك خطأ ما في الاتصال، فالمشاهد لا يعرف بالضبط طبيعة الأمل الذي يحمله، رغم ان المواطن السوري واللبناني والعراقي يحلم ليل نهار بالديمقراطية. فإذا كانت تجربة العراق هي المقصود بالأمل، فإنه بلا شك هناك مشكلة داخل "علمية الاتصال"، لأن الأمل العراقي مازال مبنيا على الجثث والدم ومخلفات القوات الأمريكية و "الإرهابية".

وإذا كان الأمل المقصود هو النموذج الأوكراني داخل لبنان، فإن هذا الموضوع أيضا يحتاج لدراسة العملية الاتصالية بين الإدارة الأمريكية والمنطقة. فهذا النموذج ظهر أيضا على الدم والاغتيال، وهو يتطور خارج إطار الديمقراطية بمفهومها الحداثي وليس العشوائي أو الطائفي أو ...

ربما يحق للرئيس بوش أن يتباهى بأنواع الديمقراطية التي يحققها، وهي بالفعل آليات للديمقراطية وليست "ديمقراطية" بالمعنى الاصطلاحي. ويحق لنا الارتياب لأننا عندما درسنا الديمقراطية فإننا تعلمناها على أنها لصيقة الحداثة والدولة المعاصرة .. لصيقة العلمانية وليس دول الطوائف والإقطاعيات السياسية.

الأمل هو في شعور المواطن بالأمان .. والأمل لا يعني القلق اليوم الذي نعيشه نتيجة تصريحات الرئيس الأمريكي يوميا ضد سوريا، التي تظهر وكأنها أبواق حرب غير معلنة ..

إننا نحلم بالديمقراطية كما خبرناها ودرسناها في تاريخ النهضة الأوروبية .. ديمقراطية مبنية على الثقافة الاجتماعية الجديدة، وليس اقتسام للجغرافية بين الطوائف بـ"أسلوب ديمقراطي".

هناك خلل ما في العملية الاتصالية بين الولايات المتحدة والمنطقة. وهو امر لم يعد مجال للشك .. لأن الولايات المتحدة اليوم تخنق ركيزة الديمقراطية الأساسية لتدفعنا نحو تصور تراثي فقط.