إجتاز تقرير ميليس الامتحان في مجلس الامن. نال تنويها، ومدد لمهمته حتى 15 كانون الاول. وأصبحت سوريا أمام الخيار الصعب، إما الامتثال، أو... البقيّة تأتي اعتبارا من الاثنين المقبل، عندما يجتمع المجلس على مستوى وزراء الخارجية؟!.

أعاد الثنائي الشيعي (حزب الله، وحركة أمل)، بعض الوفاء الى <<الصديق السوري الصدوق>>. جاء بيانهما المشترك بمثابة جملة إعتراضية على التقرير، لكن الخطاب الاصلي، والرسمي للحكومة كان قد أصبح في مجلس الامن، وتلاه الامين العام لوزارة الخارجيّة بالوكالة السفير بطرس عساكر، بلهجة عالية، وأكد على <<إنه خطوة متقدمة على الطريق الصحيح>>... ولا يريد المجتمع الدولي من لبنان آنيّا أكثر من ذلك؟!.

الجملة الاعتراضية هذه، لم تفسد المضمون، ولم تعكر صفاء الجوهر. <<الحزب>>، والحركة، شركاء أساسيين في حكومة السنيورة، وشاركا في صياغة الموقف الرسمي من التقرير، وتركا باب التحالف مفتوحا على دمشق، ومن خلالها على طهران...

بدوره تصرّف رئيس تيار المستقبل، النائب سعد الحريري، بمسؤوليّة، وإتزان. إنتزع فتيل التأجيج المذهبي، ولاقى الحركة و<<الحزب>> في منتصف الطريق. جدّد مرّة أخرى قناعاته، قال: <<نريد الحقيقة، ولا شيء غيرها. نريد محاكمة مرتكبي الجريمة، ونرفض العقوبات ضدّ سوريا، كما نرفض استغلال الجريمة للنيل منها>>.

قد لا يكفي ذلك بالطبع. وقد لا يقنع كلامه كثيرين، ولكن ليس في اليد حيلة. لقد اعتمد مجلس الامن التقرير. وبكلام أوضح، انتهت صفحة، وفتحت صفحة جديدة. إذ أن التصويب، من الآن فصاعدا، هو باتجاه دمشق، والتداعيات باتجاه بيروت. والامتحان الذي يواجهه اللبنانيون اليوم أصعب بكثير من الماضي، وأخطر. عليهم تحصين وحدتهم الداخليّة لإنقاذ لبنان الجدير بالحرية، والكرامة، والسيادة، والاستقلال، وإلاّ فإن البديل واضح... <<العرقنة>>، والتفتيت، والتلاشي؟!...

تبدو الشعارات جميلة، <<فصل مسار القرار 1595 عن مسار القرار 1559>>. السؤال: كيف، فيما الربط الدولي محكم بين القرارين، والمسارين؟!.

يقول القرار 1559، لا لسلاح <<حزب الله>>، ولا لسلاح المخيمات. فهل من إجماع لبناني على <<نعم>> للسلاحين؟. صيغ موقف رسمي من تقرير ميليس، ورفع الى مجلس الامن، ولكن هل من موقف لبناني فعلي موحد من هذا التقرير، ومضامينه، وخلفياته، خصوصا بعد بيان <<أمل حزب الله؟>>. كان إجماع على الاشادة بالقضاء اللبناني، فهل من إجماع على ان القضاء جدير وحده باستلام الملف برمته، ومن دون الحاجة الى محكمة دوليّة؟. وكان إجماع على الاشادة بالتدابير الامنيّة، مؤخرأ، فهل من إجماع على دعم الجيش، والقوى الامنيّة، لمعالجة بؤر التوتر؟!.

أخطر ما في المشهد الداخلي، إن البعض مقتنع في قدرته على مواجهة المسار الاميركي الدولي في لبنان، والمنطقة، فيما البعض الآخر مقتنع بأن لبنان لا يمكن ان يتجاوز المرحلة الانتقالية إلاّ بالتعويل على الدعم الذي يوفره هذا المسار؟!.

ما الحل؟... عندما يخرج اللبنانيون من وراء متاريسهم النفسيّة، والطائفيّة، والفئوية، ويجلسون الى مائدة الحوار بدون شروط مسبقة... يكون الحل؟، وخلاف ذلك، سيكونون الضحيّة، أيّا كانت مواقفهم، ومواقعهم؟!.

مصادر
السفير (لبنان)