نعم بمثل هذه الركاكة التي تشبه الأغاني الهابطة، أشهر المحقق الدولي ميليس تقريره على رؤوس الأشهاد، مسيئا لنفسه قبل أي أحد آخر، وعلى الرغم من خطورة هذا التقرير التي علينا التي نقر بها بسبب مفاعيله التي لا يمكن إطلاق صفة ظالمة عليها، لأن طريقة التناهش الدولي على كعكات العالم الثالث أضحت ما تحت أخلاقية بشكل مفجع ولكنها واقع الدولية على ما فيها من بشاعة وشر وظلم، ليبدو تقرير ميليس ليس مهما أمام القوى الضاغطة التي تسعى إلى تفعيله عبر تفسيراتها الخاصة، فتظهر القوة الفيزيائية كقول فصل يذكرنا بمثل اعتدناه منذ القدم الا وهو دفن معاوية ابن أبي سفيان وتولي ابنه، أي ان لم يكن هذا..فهذا … في مفترق خيار ديموقراطي بين الظلم والموت ….

على كل ….. يدعي تقرير ميليس انه تقرير مهني جنائي تقني فقط وعليه فإن طواف من الأسئلة منبثقة من صلب التقرير أو من العقلية التي كتبته أو من المستوى الذهني الذي وضعه يمكن ان تأخذ طريقها إلى الطرح، طالما ان جل التقرير هو مجموعة فرضيات قالها الشارع قبل مليس وبعده ولا أعتقد ان ثمة ضرورة لحضوره مكللا بكل هذه التقنيات والخبرات ليعيد على أسماع الشارع استنتاجات كان قد استنتجها، ولكنه بهذا فتح بابا لا يمكن عقلانيا إيصاده، فالتقرير في معناه الجنائي هو رهن المحاكم، ولكن في شقه الإعلاني هو منشور سياسي يحق لمن أراد ان يدلي بدلوه طالما المعلومات التي فيه قابلة للتفكير على الأقل.

لماذا التقرير بما لا يدع مجالا للشك ان أي طرف في العالم هو على مسافة واحدة من اغتيال الحريري (الرئيس الشهيد) إن كان بسبب المصالح الاقتصادية أو السياسية أو الشخصية أو حتى بسبب الغضب السياسي أو الشخصي ( وهو ما يفتح ملف الشهيد الحريري الشخصي من هو وماذا هو ولماذا هو ؟؟؟) لماذا سوريا ؟؟ ما دام يمكن ان يتجمع لدى كارتل سيارات أو مجموعات مصرفية أسباب مؤكدة لإزاحته وخصوصا أن المعروف عن الرجل مروحته الاقتصادية الواسعة أفقيا وعموديا، لماذا ليس إحدى المافيات المهتمة بالشأن الاقتصادي التي يمكن ان تصطدم بشخص مثل الحريري أو غيره نتيجة التنافس الاقتصادي، لماذا سوريا ؟ ما دام الاحتكاك السياسي بما يحتم من اختلاف واتفاق وطاعة ورفض مفتوح معه على كل حكام المنطقة وخارج المنطقة والاختلاف وارد مع شيراك أو رامسفيلد أين الغرابة في الموضوع وهل يتحول كل خلاف إلى قرينة ؟ إذا علينا ببحث كل اختلاف حصل بينه وبين أي سياسي في العالم أليست مسافة متساوية ؟؟؟ هل 11 أيلول حصل بعلم السي أي ايي طالما الاستنتاج توصل إلى ان الجهة الأمنية الموجودة هي المسؤولة ؟؟؟ سؤال من خارج الموضوع ولكن ألا يضعنا تقرير ميلس أمام احتمالات مفتوحة وهو جزء أساسي من ضعف هذا التقرير ؟ أخيرا حيث يبدو هذا التقرير صيغ في أمريكا … هل تقبل أي شركة إنتاج سينمائي مهما كانت تافهة اعتماده كسيناريو لفيلم بوليسي هابط ؟؟؟؟

المسألة ليست في التقرير. المسألة في ميلس وحده، فهذه السمعة الهرقلية كمحقق لا يشق له غبار تمخضت عن خربشات قانونية لا تصمد أمام محكمة البداية، تظهر العصا أو الجزرة..هي التي تقف فوق الرؤوس، والمشكلة هي في أرباع السياسيين الذين يطبلون ويزمرون له رافعين قميص عثمان، تقربا أو تملقا من الجزرة بغض النظر عن مصدرها، وهم لا يدرون أنهم يقامرون بالإنسان.

نعم وكما تقول المطربة الكبيرة رجب حوش صاحبك عني … يا ليل.