علقت الصحف الاسرائيلية امس على التصريحات الاخيرة للرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد التي نادى فيها بمحو اسرائيل من الخريطة، فرأى تسفي برئيل في صحيفة "هآرتس" ان هذه المواقف المبدئية للسياسة الايرانية تتعارض مع سياسة واقعية تقوم على الدفاع عن مصالحها مع دول المنطقة. وكتب امس تحت عنوان: "بالنسبة الى النظام البقاء اهم من ازالة اسرائيل"، نقتطف بعض ما جاء فيه: "الكلام الارهابي الذي تفوه به الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد يذّكر كثيراً بما سبق وقاله قبل اربع سنوات الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، كما يذكر بكلام آخر قيل دائما في مناسبات مشابهة. وكانت المناسبة تقريباً واحدة: يوم الجمعة الاخيرة من رمضان الذي جعلته ايران يوم التضامن مع المشكلة الفلسطينية. وكلام رفسنجاني الذي جاء أثناء تولي رئاسة الجمهورية في ايران رئيس معتدل هو خاتمي، يعتبر الى حد بعيد أكثر تهديداً. فلقد اوضح يومها رفسنجاني ان القنبلة النووية التي ستملكها يوماً ما الامة الاسلامية ستقضي على اسرائيل قضاء مبرماً، في الوقت الذي لن يدمر الرد الاسرائيلي سوى جزء صغير من المسلمين. والمثير للإنتباه ان رفسنجاني الذي خسر الانتخابات الرئاسية يعتبر براغماتياً ومهتماً بتشجيع الحوار الاميركي – الايراني.

القضاء على اسرائيل او بصورة أكثر اعتدالاً اعتبارها كياناً غير شرعي ينبغي التخلص منه، كان الخط الذي تبناه آية الله الخميني منذ 1979، وذلك بعد عودته من منفاه في باريس وسيطرته على الحكم في ايران. ويبدو ان احمدي نجاد التلميذ الوفي للخميني الذي شغل مناصب كبيرة في مخابرات الحرس الثوري الايراني يقود اليوم السياسة الخارجية الايرانية وفقا لهذا الخط. فعلى سبيل المثال هو يجعل سياسة الذرة تقوم على: القوة والعدل، والمقصود قوة الايمان لمواجهة الغزو الثقافي الاميركي، وعدالة الصراع الذي تخوضه ايران في مواجهة القوى الاستعمارية.

ولكن هذه السياسة المتشددة التي تؤثر على سير المفاوضات في الموضوع الذري الايراني لا تطبق في مجالات أخرى في السياسة الخارجية. فالخطاب المعادي لإسرائيل لم يردع ايران يوما عن اجراء الصفقات مع دول قريبة من اسرائيل وحتى مع اسرائيل نفسها. ولإيران علاقات حميمة مع الهند وتركيا، ولإيران صفقات ضخمة مع الصين والمانيا وروسيا ولجميعها علاقات وثيقة باسرائيل. وتتطلع ايران ايضاً الى إقامة علاقات ديبلوماسية كاملة مع مصر رغم اعتراف هذه الاخيرة باسرائيل وانتمائها بحسب خطاب احمدي نجاد الى الدول التي ستحترقها نار جهنم.

كيف يمكن التوفيق بين التعارض القائم في تصريحات الرئيس الايراني والسياسة الفعلية للدولة؟ الجواب موجود في شبكة التوازنات والكوابح السياسية القائمة داخل ايران. فرغم ان البرلمان الايراني يتألف من غالبية مطلقة من المحافظين ويتولى الرئاسة زعيم روحاني متشدد يرى الجميع ان بقاء النظام اهم من الايديولوجيا. وهذا البقاء مرتبط قبل كل شيء بايجاد فرص للعمل وبإقتصاد مزدهر وبالحرية الفردية داخل ايران وليس بتحرير فلسطين او القضاء على اسرائيل".

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)