التقرير الذي أعده ضياء زمان، زميل في برنامج العلم والأمن العالمي بجامعة برنستون الأمريكية يضيف شواهد وأدلة على جدية التحديات والإعياء الذي تواجهه الولايات المتحدة وقواتها المسلحة، ليس فقط على مستوى الخسائر في العراق وأفغانستان، ولكن أيضا على مستوى التجاوب الأمريكي مع نداء التجنيد والتعبئة التي تقوم بها القوات المسلحة الأمريكية لسد احتياجاتها من المجندين. وبرغم المزايا الإضافية والتسهيلات التي تقدمها الإدارة الأمريكية للمجندين، مثل فسح المجال لغير المتجنسين منهم التقدم فورا لطلب الجنسية ولعائلاتهم أيضا حتى لو كانوا مهاجرين غير شرعيين، وتقديم مكافآت مجزية وتسهيلات للجنود، والتساهل في معايير التجنيد في اللياقة البدنية والسلوك الأخلاقي، والكف عن تسريح مجندين لضعف لياقتهم أو بسبب الحمل أو الإدمان على الكحول والمخدرات.
وتصف الصحف الأمريكية الجيش الأمريكي بأنه يوجه واحدا من أكبر تحديات التجنيد في تاريخه، ويقول الأستاذ بكلية وست بوينت العسكرية الجنرال باري ماكافري إن القوات الأمريكية بدأت تتفكك، ويعاني الجيش الأمريكي من نقص شديد في الرجال وفي الموارد إلى حد لا يتمكن معه من مواصلة سياساته ويهدد السياسة الخارجية الأمريكية للسنوات العشرين القادمة.

وتبين دراسة لمؤسسة رند، وهي بيت الخبرة والأفكار العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية أن نقص القوات في الجيش الأمريكي من الفداحة إلى حد يدفع إلى التساؤل عن مدى قدرة البنتاغون على خوض حربين إقليميتين رئيسيتين في وقت واحد.

وكان الأمريكيون الأفارقة (12% من السكان) يشكلون حتى عام 2000 حوالي 25% من أفراد القوات المسلحة الأمريكية وهم اليوم يشكلون 17% فقط، ويقول رئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال بيتر شوميكر في مداخلة أمام مجلس الشيوخ الأمريكي: إن الجيش الأمريكي بحاجة إلى ثمانين ألف جندي جديد، وإننا نواجه مشكلة كبرى في الحصول على هذا العدد من المجندين.

وتبلغ نسبة غير الأمريكيين في القوات العسكرية الأمريكية 7% (حوالي 30 ألف جندي ينتمون إلى مائة بلد)، وبرغم المزايا والمغريات التي قدمت لغير الأمريكيين للانضمام إلى القوات المسلحة فإن أعدادهم في هبوط مستمر وسريع، فقد انخفض إقبالهم بنسبة 20% منذ عام 2001 ومازال العزوف عن المشاركة في الجيش يزداد.

ويواجه سلاح تدريب الضباط الذي يجهز للخدمة 60% من الضباط الجدد للجيش أزمة مماثلة، فلديه الآن أقل عدد من المشاركين منذ عشر سنوات، وقد هبط الإقبال في السنتين الماضيتين بنسبة 16%، ويلاحظ لويس لابهام في مجلة هاربرز أن نسبة عدد المشاركين في القوات المسلحة من خريجي جامعة برنستون عام 1956 كانت النصف، ولكن عدد المشاركين من خريجي عام 2004 كان تسعة طلاب من بين 1100 طالب.

وتظهر دراسة لشركة ميلوارد براون للبحوث أعدت بتكليف من الجيش الأمريكي أن المقاومة ضد التجنيد ترجع إلى فشل الإدارة الأمريكية في تقديم تفسير مقنع للحرب على العراق وإلى الرفض الشعبي لهذا الحرب والخسائر العسكرية والمالية في العراق، ثم فضائح التعذيب.

وأظهرت دراسة لاستطلاع الرأي أجرتها مؤسسة غالوب في 2005 أن تأييد الآباء لمشاركة أبنائهم في القوات المسلحة انخفض من 67% إلى 50% في أثناء السنوات الخمس الماضية.

ولا تقف الأزمة عند انخفاض نسبة المشاركة والتجنيد، ولكن في الاحتفاظ بالمجندين، ذلك أن حوالي 30% من المجندين سيتركون الخدمة في الشهور الستة القادمة، وهناك أيضا مشكلة الهروب من الجيش، فقد اعترف البنتاغون بأن أكثر من 5500 جندي فروا من الخدمة منذ بداية الحرب على العراق، وللمقارنة فإن 1500 جندي قد فروا من الجيش عام 1995، ونقل عن خط هاتفي مخصص لمساعدة الجنود الذين يريدون ترك القوات المسلحة أن عدد المكالمات التي يتلقاها هي الآن ضعف ما كانت عليه في عام 2001، وقد رد في عام 2004 على 33 ألف مكالمة.

مصادر
الشرق (القطرية)