ليس الإيدز خطرا داهما على بلادنا كما القنبلة النووية لأنه وببساطة نحن خارج عصرهما، فلا يشكلان خطرا مفكرا به أو موجودا ضمن سلسة المخاوف التي ترافقنا من الولادة حتى الوفاة حيث لا لزوم لتصنيع فوبيا منه على أسس تجريم الإنسان كما هو بغرائزه وشهواته وضعفه وقوته من خلال تجريم من يصابون به، صحيح ان التوعية كجزء من الوقاية ضرورية ولكن ليس ان نهرب من الإيدز لنقع في العته الفكري والتخلف الروحي، فالإيدز ارحم من هذا المرض الاجتماعي.

ليس المطلوب عدم مقاربة الإيدز توعويا بل هناك ضرورة لذلك، ولكن على أسس إنسانية وعلمية حديثة فهو مرض معاصر، والعدوى أو الإصابة به ليست من سوء الأخلاق فقط لندخل في مقارنة بلهاء بين أخلاق وأخلاق، وبالتالي نفي الأخلاق المعاصرة على أساس أنها تجلب الإيدز، كي نصل إلى نفي المنجز المعاصر على أساس انه يجلب الإيدز، من خلال دمجه مع العار الاجتماعي التراثي، أو الحرام الحقوقي الكاسح الذي يجرم كل الأسباب والنتائج لنصل إلى متوالية تصنيفية أخلاقيا ربما تبدأ من المرأة التي تلبس بنطلونا ضيقا، ليصبح اللباس على الموضة احد أسباب الإيدز إذا ناقشناه من بمنطق ذرائعي يفضي إلى تجريم كافة أنواع المتع والغرائز والأخلاق الغير مثبتة تراثيا، كأن نقول المرأة التي لا تلبس البنطلون الضيق هي افضل من المرأة التي تلبسه، لأنه وببساطة (أو ببلاهة أو منطقيا)الثانية قد تسبب مرض الإيدز لاجئين إلى التبعيض بمعنى إننا لا نقصد كل النساء اللابسات بنطلونا ضيقا هن مسببات لمرض الإيدز بل بعضهن !!!! ولكن إطلاق هذه التصنيفية عبر الدراما التلفزيونية كطريقة وقاية من الإيدز قد تصل بالمشاهد الاجتماعي إلى الوقاية من الحياة نفسها عبر الاستقواء بالعار والحرام التراثيين على مرض معاصر قد يودي العار والحرام التراثيين إلى استفحاله وانتشاره لأنه يصبح خارج الرضى به أو عنه وبالتالي تركه إلى (إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا) (طبعا مع التركيز انه دائما يكون انتقال الإيدز جنسيا أي أخلاقيا)

ان الوقاية من مرض الإيدز تحتاج إلى إرادة شخصية حرة، ومعرفة صريحة بالمرض وطرق عدواه وتفاصيل الوقاية منه، في الدراما التلفزيونية تحتاج هذه الوقاية إلى مناقشة أصرح وأجرأ تتجاوز العيب وثوابت الرقابة بشقيها الاجتماعي والرسمي، وتحتاج إلى مناقشة بنية الثقافة الجنسية للمجتمع خصوصا أنواع الاخصاء الذكوري والأنثوي الذي يفتح للسرانية أبوابا كان قد فتحها قبله الاخصاء السياسي الذي دخل في السرانية والعنف مخلفا أمراضا ناتجة عن تشوه العقلية افتك بكثير من الإيدز الذي لم يكن مطروحا كمرض تراثي ومع ذلك نؤكد ان ترياقه في التراث، ولكن ماذا عن أنفلونزا الطيور ؟ هل كان من العيب والحرام في أخلاقنا مضاجعة لقلق أو تقبيل … حمامة …..
وماذا لو انتقل الإيدز بسبب الحب … حب حقيقي ؟ ماذا نفعل هل نلغي الحب ؟ وماذا لو انتقل بسبب زواج تقليدي جدا وهذا حصل ويحصل ؟ هل نلغي الزواج ؟

لا مندوحة من الحضور في العصر لمناقشه هكذا قضايا إعلاميا ( دراما تلفزيونية أو أية وسيلة أخرى ) وليس مطلوبا من الدراما ان تنقذني من الإيدز لتصيبني بالتخلف فقنبلة أمريكية واحدة على بغداد قتلت اكثر من كل المصابين بالإيدز في العراق … هذا قبل أي نقد لأي مسلسل متأيدز …من الناحية الفنية …….