شن ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي حملة خلال السنة الماضية لمنع الكونغرس ووزارتي الدفاع (البنتاغون) والخارجية من فرض قواعد على طرق التعامل مع المشتبه في علاقتهم بالارهاب، حسبما قال مسؤولون في الكونغرس والاستخبارات والخارجية.

وعندما بدأ نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، السناتور الديمقراطي جون روكفلر، الشتاء الماضي، بالضغط من أجل اطلاع اللجنة على الأساليب التي تستخدمها وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) في استجواب المشتبه فيهم، دعاه تشيني إلى البيت الأبيض وحثه على التخلي عن طلبه، حسبما قال ثلاثة مسؤولين أميركيين.

وخلال الأشهر الأخيرة كان تشيني القوة الدافعة وراء رفض أي تقييد للقواعد التي تتبعها وزارة الدفاع في التعامل مع المعتقلين، الامر الذي وضعه في مواجهة مع وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ونائب وزير الدفاع بالوكالة غوردون إنغلاند. وخلال رحلة لها إلى كندا الشهر الماضي، اضطرت رايس لقطع زيارتها لتحضر مؤتمرا عبر الفيديو مع تشيني حول السياسة المتبعة تجاه المعتقلين حتى تضمن عدم اتخاذ أي قرار بدون أن تشارك هي في صياغته. واصبحت مواقف تشيني، بشكل متزايد، متعارضة مع مواقف مسؤولين حكوميين آخرين، بينهم مشرعون جمهوريون وقفوا بقوة وراء الإدارة في القضايا التي تخص الإرهاب.

وأدت التبديلات التي حدثت منذ بدء الفترة الرئاسية الثانية للرئيس جورج بوش على مستوى المناصب الحكومية، إلى عزلة تشيني الذي كان بامكانه في السابق فرض إرادته، على اعتبار ان مسؤولين سابقين مثل وزير العدل السابق البرتو غونزاليس كانوا يقفون إلى جانبه. لكن الكثير من المسؤولين الحاليين في الإدارة يقفون الى جانب تغيير القواعد، وهذا ينطبق على أشخاص مثل اليوت أبرامز الذي كان محسوبا على الصقور وهو الآن يطالب بتغيير طرق التعامل مع المحتجزين بتهمة الارهاب، بصفته نائبا لمستشار الأمن القومي لشؤون الديمقراطية، حسبما قال مسؤولون مطلعون على دوره.

كذلك برزت الوزيرة رايس مؤيدة لتغيير قواعد التعامل مع المحتجزين من اجل الخروج من «حالة الفوضى المتعلقة بالمعتقلين»، حسبما قال مسؤول أميركي كبير على علم بالمناقشات الدائرة حاليا. ويعمل مستشاروها الكبار مع عدد من نظرائهم في البنتاغون لاعداد اقتراحات تهدف لمعالجة الإشكالات المثيرة للجدل فيما يخص المعتقلين والتعامل معهم حالة حالة.

يقول معسكر تشيني إن الولايات المتحدة لا تعذب المعتقلين لكنه يؤمن بأن الرئيس يحتاج إلى صلاحيات مطلقة للتعامل مع الإرهابيين لحماية الأميركيين، ولذلك فإن أي تحجيم لهذه الصلاحيات يجب أن يقاوم.

ويقف أولئك الذين يؤمنون بأن الأساليب غير التقليدية، مثل التشدد مع من المحتجزين ووضع بعضهم في سجون سرية تابعة لوكالة «سي. آي. ايه»، قد ألحقت الكثير من الأذى بالدعم العالمي للحملة الاميركية العالمية ضد الإرهاب. ويحاجج هؤلاء بأن هذه الأساليب شوهت صورة الولايات المتحدة وبعض قيمها مثل حقوق الإنسان وسيادة القانون. وقال مسؤول كبير في الادارة «ان النقاش في العالم أصبح حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ملتزمة بما يفرضه عليها القانون الدولي. نحن بحاجة إلى كسب الأرضية الأخلاقية العالية».

وكان السناتور الجمهوري جون ماكين قد قدم في الآونة الاخيرة مقترحاً يمنع العاملين في الحكومة الاميركية من استخدام اساليب قاسية وغير انسانية مع المعتقلين بشبهة الارهاب. وسعى تشيني بقوة إلى اسقاط هذا المقترح، والتقى مرتين بوجوه بارزة في الكونغرس لمنع التصويت عليه. ومن بين الذين اجتمع بهم جون وارنر وماكين وليندسي غراهام، وكلهم اعضاء في مجلس الشيوخ. وإضافة للضغط الشخصي من قبل نائب الرئيس، فان موظفي تشيني دخلوا في مساع تهدف إلى مقاومة تغيير السياسة المتبعة حاليا مع المعتقلين. وأضاف هذا المسؤول أن هناك عددا من المذكرات التي بعث بها أعضاء في مجلس الأمن القومي إلى مستشار الرئيس للأمن القومي تحول آلياً إلى مكتب نائب الرئيس أولا بدون معرفة أصحابها. ويقف وراء تنظيم هذه الحرب البيروقراطية من مكتب تشيني كبير الموظفين ديفيد أدينغتون الذي كان كبير مستشاريه حتى الأسبوع الماضي حيث أنه حل محل لويس ليبي باعتباره رئيس موظفي نائب الرئيس.

ومارس أدينغتون نفوذه على الكثير من القرارات السياسية المهمة بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، وساعد على كتابة الموقف من التعذيب الذي اتخذه المستشار القانوني لمكتب وزارة العدل وهو موقف تم إبطاله بعد أن أصبح معروفا لدى الجمهور، وساعد على جعل قاعدة غوانتانامو بكوبا باعتبارها موقعا خارج قوانين الولايات المتحدة من حيث التعامل مع المحتجزين فيها بشبهة الارهاب.

مصادر
الشرق الأوسط (المملكة المتحدة)