دعت ألمانيا وبريطانيا مواطنيهما إلى الحيطة والحذر أثناء السفر إلى فرنسا، لكنهما لم تجدا مبررا للامتناع تماما عن زيارة البلد الأوروبي المجاور. وفي حين حذر السياسيون في المانيا، من مختلف الأحزاب السياسية، من امتداد أعمال العنف إلى ألمانيا، أكد اتحاد كرة القدم الألماني أن مباراة كرة القدم الودية بين فرنسا وألمانيا ستجري في موعدها المحدد يوم 12 نوفمبر الجاري بباريس رغم الاضطرابات التي تهدد بالوصول إلى قلب العاصمة الفرنسية. واوصت وزارة الخارجية البريطانية امس البريطانيين الموجودين في القطاعات التي تشهد اعمال عنف في باريس بتوخي «اقصى درجات الحيطة والحذر». واوضحت وزارة الخارجية على موقعها على شبكة الانترنت «اذا كان عليكم التوجه الى هذه المناطق او عبورها فيجب توخي اقصى درجات الحذر والابتعاد عن اي تظاهرات يمكن ان تجري». واضافت ان «هذا العنف يطال مناطق فرنسية اخرى الى جانب معلومات عن اضطرابات في عدة مدن من بينها ديجون وليل ومرسيليا وتولوز». واكدت ان «زوار هذه المدن يجب ان يتوخوا اقصى درجات الحذر في القطاعات المعنية وتجنب كل التظاهرات».

وكانت المخاوف من اندلاع أعمال العنف في ألمانيا قد تضاعفت فجر أمس (الاثنين) حينما احرق مجهولون 5 سيارات في العاصمة برلين. وذكر مصدر في شرطة العاصمة أن مجهولين أحرقوا خمس سيارات في شوارع حي موابيت، الذي تسكنه أغلبية فقيرة، في الوقت الممتد بين 12.45 و 3.30 من فجر امس. وأفاد المصدر بأن المجهولين لاذوا بالفرار، الأمر الذي يدل على أنهم لم يكونوا بصدد تأجيج تظاهرات أو أعمال عنف مع رجال الشرطة، لكنه لم يستبعد أن تكون أعمال الحرق ببرلين امتدادا لأعمال العنف بباريس.

وكان غونتر بيكشتاين، وزير داخلية بافاريا من الاتحاد الاجتماعي المسيحي، قد حذر من امتداد أعمال العنف عبر الحدود مع فرنسا. وقال بيكشتاين «لا أعتقد بأننا معصومون من الاضطرابات» بسبب وجود «مجتمعين متوازيين» للألمان والأجانب في ألمانيا. ووجه الوزير اصبع الاتهام إلى الحكومة «التي لم تنجح في دمج الأجانب في المجتمع الألماني كما كانت تحلم به» وأشار بيكشتاين إلى انتشار البطالة بنسب عالية بين الشباب الاتراك وإلى العدد الكبير من أطفال الأجانب الذين لم يكملوا تعليمهم في المدارس الألمانية. ويعيش في ألمانيا نحو 2.8 مليون تركي لا يتمتعون بفرص عمل متكافئة مع الألمان، حسب آخر استطلاع للرأي نشر في الاسبوع الماضي.

وتوقع ميشائيل موللر، من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، أن تندلع أعمال عنف مماثلة لفرنسا في ألمانيا ولكن «بأشكال أخرى»، وقال موللر لـ«تلفزيون إن 24» إن امتداد العنف إلى ألمانيا يعني فشل سياسة الحكومة في دمج الأجانب في المجتمع الألماني.

ولم يجد كريستيان شتروبلة ، من حزب الخضر ، أية مؤشرات على احتمال امتداد الاضطرابات إلى ألمانيا، لكنه أشار إلى وجود «عصابات أولاد» يمكن أن تقلد ما يجري في فرنسا. ودعى شتروبله إلى توفير المزيد من الرعاية الاجتماعية لأطفال الأجانب.

من ناحيته، أكد بولنت ارسلان، رئيس المنبر الألماني ـ التركي، أن انتقال العنف من فرنسا إلى ألمانيا «لا يمكن تصوره». وطالب ارسلان بوقف عملية تجمع الأجانب في مناطق تشبه «الغيتوات» في الوقت المناسب.

وعلى أية حال فإن برلين ليست أكثر مناطق الخطر القادم عبر الحدود بسبب بعدها عن الحدود الفرنسية. وتعتبر مناطق ولاية الزار وولاية الراين الشمالي من أخطر المناطق المرشحة لأعمال العنف بسبب محاذاتها للمناطق الحدودية الفاصلة بين فرنسا وهولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ وألمانيا. ومعروف أن وجود الجاليتين الجزائرية والمغربية يتركز في هذه المناطق، وكانت مدن آخن (ألمانيا) وشتراسبورغ (فرنسا) ولييج (بلجيكا) وماسترخت (هولندا)، على طول الخط ، من مناطق نشاط المنظمات الإسلامية الممتدة بين جبهة الإنقاذ الجزائرية وجماعة الجهاد ومنظمة «مللي غوروش» التركية وغيرها.

مصادر
الشرق الأوسط (المملكة المتحدة)