أكتب إليك دون أن أراعي ما درج عليه الناس في التخاطب بذكر السيد قبل الاسم , ذلك لأنك فقد هذه السيادة عندما تطوعت لأن تكون تابعاً لأكثر من جهة , وزمًار في جوقة صبيان الحريري من أمثال عيدو – فتفت , فاعور . وما كان هذا الموقف ليليق بك وأنت تحمل اسم كبير هو جدك جبران تويني مؤسس جريدة النهار التي أعطنك هذه الشهرة توجه نفوذها إلى غير مصلحة البلد .

في العام 1937 رأيت جريدة النهار لأول مرة في اللاذقية في محل لبيع أسلحة الصيد من آل سكاف وكنت قد حصلت على الشهادة الابتدائية الفرنسية من مدرسة الأخوة المريمين وكان بإمكاني أن أفهم ,اقرأ من الكتب المتداولة بين عامة الناس بالعربية والفرنسية , ومنذ ذلك الحين علمت أن لجبران تويني مركزاً مرموقاً بين أبناء طائفة الأرثوذكس " الطريق القويم " –سعادة – مرقص – صوايا .

كانت الجريدة تباع في سوريا ولعا مشترون أكثر من لبنان وكان المرحوم جدك يفتخر بسوريته شأنه في ذلك جبران خليل جبران وأمين الريحاني وغيرهما من كبار الأدباء اللبنانيين في الوطن والمهجر وجاء في أكثر المذكرات الشخصية لهؤلاء الأدباء القول
(( غادرت سوريا من مرفأ بيروت في العام .....)).

- سورية لبنان لم تكن موضوع خلاف أبداً حتى من قبل البطاركة الموارنة وأنت تعلم ماذا كان مكتوب على قاعدة تمثال العذراء في بكركي والآن نزعت اللوحة التي تذكرنا بتبعية المنطقة لسوريا , وتعلم أن الجامعة الأمريكية الآن كان اسمها الكلية الانجلية السورية , وأنت تعلم دون شك أيضاً أن المعلم بطرس البستاني كان يصدر جريدته المسماة " دنفير سوريا " وأنت دون شك قرأت وصية المرحوم كمال جنبلاط التي صدرت بالفرنسية وترجمت إلى العربية وكانت هذه الوصية ممنوعة من التداول في بلدنا لأن المرحوم كمال جنبلاط كان يأخذ على حافظ الأسد تدخله في لبنان لوقف المجازر التي كان الموارنة يتعرضون لها من قبل الدروز وأركان الجبهة التي كان يتزعمها بالقول أنه لم يكن ينوي القضاء على الموارنة وإنما تأديبهم فقط وإعادتهم إلى حدودهم التي تجاوزوها بنظره تجارا وليس رجال حرب . يقول المرحوم كمال جنبلاط مخاطباً المرحوم بيير الجميل " البطاقة الشخصية لوالده كان مكتوب عليها بكفيا – سوريا " .
وأنت لو رجعت إلى أية دائرة معارف فرنسية أو إنكليزية موضوعة قبل 1940 لوجدت تعريفاً للبنان أنه جبل في سوريا, ويحضرني الآن بيت من الشعر قاله المتنبي في مديح أحدهم :

بيني وبيـــــن أبــي علي مثلـــــه شـــم الجبـــال ومثلهن رجــــاء

وجبــال لبنــان وكـــيف بقطعها وهــو شــتاء وصيفهن شــــتاء

ويقول الشارح في متن الكتاب أن لبنان جبل في بلاد الشام .
إلى أمد قريب كان طريقنا من اللاذقية إلى دمشق يمر عبر طرابلس والبترون وبيروت ومنه إلى عاليه – شتورا ومن ثم دمشق.
وكانت ثمة مصالح مشتركة رسمية مثل الريجي – الجمارك – سكك الحديد وغير رسمية لا حصر لها تجمع بين الجارين . لم يفكر حتى الفرنسيين أبداً في الفصل بينهما كذلك في التعامل النقدي كان أحدنا يحمل في جيبه بضع من الليرات لا فرق بين لبنانية وسورية لها نفس القيمة وظل الأمر كذلك إلى أن استقل القطران بعد الجلاء وعمل الذين تولوا الحكم على إقامة حدود مصطنعة للحفاظ على منافعهم الشخصية , قلة نادرة من بينهم كانت لهم هوية وطنية واضحة , هويتهم فرديتهم وأنانيتهم ومنافعهم , الأمور كلها بديهية لا تخفى على فطنتك وذكاؤك وان فاتك شيء منها فسأل أباك الأستاذ غسان .
أنت تعلم أيضا وأيضاً كيف صار لبنان كبيراً بعد أن أقططعت أجزاء كبيرة من سوريا لتنضم إليه " طرابلس الشام – زحلة- البقاع-راشياً - حاصبيا- صور" .

عندما أعلن الجنرال غورو عام 1919 على ما أذكر قيام دولة لبنان الكبير خاطبه أحد المؤرخين بالقول " لا تفصلوا بين لبنان وسوريا فهما مثل قميص السيد المسيح صفاً من نسيج واحد " .
مواقفك المنحرفة – كتابتك المسمومة تسير في غير هذا الاتجاه . أنت تقيم جداراً لفصل ما خلقته الطبيعة مجتمعاً موحداً لا يوجد له في العالم مثيل الا أن يكون الجدار الذي يقيمه شارون على أرض فلسطين .

-رفيق الحريري قتل وهذه جريمة كبرى نطالب بالكشف عن مرتكبيها ومعاقبتهم مهما كانوا وأينما كانوا ولكنك أنت في كل يوم تقتل حريرياً بأفعالك وأقوالك , أليس عاراً بأن تكون تابعاً لسعد الدين الحريري , من هو هذا الشاب إذا جردته من دولاراته التي أوصلتك وأمثالك إلى نيابه لستم بها جديرين.
أنتم عبيد الدولار , ألا تعلم بحكم موقعك كيف عاد المرحوم الحريري إلى لبنان وصار زعيماً في بيروت وفي صيدا وحاكماً للبنان على مدى 15 سنة .

وكيف كان يرشو رجال الأحياء والمتنفذين , خيراته وصلت إلى كل مكان حتى أنها عمت رؤساء ونواب , كل هذا لم يحصل صدفة كان مخططاً له .

سأختصر وأسألك ؟ .... لماذا كل هذه الضجة حول هذه الجريمة وهي على تبعاتها ليس أكثر شناعة من اغتيال رشيد كرامي – ورينيه معوض – كمال جنبلاط – بشير الجميل – حسن خالد ) وكلهم من رجالات لبنان ولم يعثر حول اغتيالهم كل هذا الضجيج " لم يكن للحريري أية صفة رسمية عندما اغتيل"

فهل كانت المظاهرات التي عمت بيروت بعد الاغتيال طبيعية عفوية أم مخطط لها وهل كان من الحكمة وحسن التصرف أن تتهم سوريا بالجريمة فور ارتكابها.

هل من الحكمة وحسن التصرف واللياقة أن تهاجم الرئيس إميل لحود الذي وحد الجيش وأزال عنه صبغة الطائفية.
هل من الحكمة وحسن التصرف ؟.... أن يشتم بشار الأسد وسوريا تعبير عن الأسى والحزن لاغتيال الحريري .

بشار الأسد الرجل المتواضع الديمقراطي بالفطرة , الذي منذ تسلم منصبه والى الآن لم تسجل له هفوة واحدة لا في القول ولا في العمل. يحمل هم بلاده والعالم العربي في قلبه وعقله ويرجو للبنان ما يرجو لسوريا, هل يخمر شك بأن الرئيس لحود أو الرئيس بشار الأسد يقدمان على جريمة مثل اغتيال رفيق الحريري . ؟.....
في كل جريمة على المحقق أن يسأل من هو المستفيد " هذا في كل بقعة من بقاع الأرض " هل طرحت على نفسك هذا السؤال وتوصلت إلى جواب اقتنعت به .

إذا كنت قد فعلت فنورنا ؟I .............

هل تعتقد أن دافع بوش هو الكشف عن مرتكب الجريمة أو يسعى لمساعدتك أنت مع غيرك من المأجورين على إيجاد ذريعة للاعتداء على سوريا البلد التي تزعم بأنك تحبها, بالمناسبة ليس غريباً أن تحبها فكنيتك التويني هل تعرف مل معناها .... هي قرية من آفاميا الأثرية على مجرى العاصي في منطقة الغاب ...... إذا كان كل محبي سوريا هم على شاكلتك .. يا ستار .. فسوريا ليست بحاجة إلى أعداء نحن بغنى عن هذه المحبة المسمومة .الرجال تأتني وتذهب والحكام يأتون ويذهبون , والوطن وحده الذي يبقى , نحن نعمل للوطن ولا نعمل للأشخاص , سورية ارتكبت جريمة كبيرة أقامت حدود على طول يقرب 600 كم بينها وبين العراق بخندق وساتر ترابي علوه ثلاثة أمتار ودعت كل الملحقين العسكريين الموجودين في دمشق لمشاهدة هذه الجريمة وحده الملحق العسكري الأمريكي لم يلب هذه الدعوة لغاية في نفسه وهو يعرفها وأنت تعرفها .

أتذكر قصة الخروف الذي عكر على الذئب الماء مع أنه كان يشرب من أسفل مجرى الغدير... نحن مثل هذا الموقف تماماً ولكن تأكد يا استاز إننا لن نكون حملاناً سندافع عن كرامتنا وأرضنا وولاؤنا للأمة والأرض لا للأشخاص.
وأسألك أيضاً لماذا تسكت الولايات المتحدة عن أكبر جريمة إرهابية ارتكبت في القرن الماضي " أعني اغتيال الرئيس الكبير جون كندي ولم تكشف أجهزتها التي تعلم كل شاردة وواردة في العالم من هي الجهة التي كانت وراء هذه الجريمة النكراء التي غيرت مجرى التاريخ في العالم وسياسة الولايات المتحدة الأمريكية حتى وصلت بها إلى هذا الحد الذي تتمرغ وتتظاهر بالبحث عن من أغتال رفيق الحريري.
وهي بالتأكيد ودون أدنى شك , تعرف الفاعل والمخطط وهي تسعى لاستثمار هذه الجريمة النكراء لتنفيذ مخططاتها في بلادنا وأنت ,أمثالك يا أستاز من أدوات هذه الجريمة .

لقد أوصلتنا سياسة الويلات المتحدة الأمريكية إلى حالة من اليأس والبؤس جعلتنا نترحم على ديكتاتورية صدام حسن وجرائمه وكانت دون أدنى شك أيضا أرحم من الديمقراطية التي ينفذها بوش وحكومته في العراق ويحاول نقلها الآن إلى دول الجوار وسوريا هي التي تعكر الماء على الذئب الذي يشرب من أعلى النبع.
لماذا لم تتهم حكومة بوش بمن قتل عبد الناصر وياسر عرفات وتوجه كل نشاطها إلى كشف قتلت الحريري الذي لم يكن له أي صفة رسمية عند مقتله سوى كونه رجل أمريكا الذي أنتهى دوره , ,آن لها أن تتخلص منه كما تخلصت من غيره بعد انتهاء دوره.
أعود فأكرر إن هذه الحقائق لا تخفى عل فطنتك أنت يا .. أستاز ... حصيلة زواج كان حرباً على الطائفية في لبنان كانت المرحومة والدتك من أعظم نساء عصرها وأنا واثق أنها شديدة الخجل منك في قبرها كم هو شأن الرجل الكبير جبران تويني ......