افتراض أن الضغوط الدولية مرهونة بصفقة سياسية، أو حتى بنظام او دولة قائمة في سورية، ربما يحتاج إلى قراءة سريعة لأن لم يعد يتيح لنا الانتظار أو حتى التأني. ففي زحمة الحدث السياسي كنا نبحث عن مصطلح "مستهدفون"، وفي الجانب الآخر كنا نرى البيانات التي ترسم الحلول على سياق واحد من المطالب السياسية. وربما في طرفي المعادلة السياسية السورية خيبة أمل مشتركة من سنوات شهدت جدلا ثم وصلنا إلى مراحل اللاعودة وأمامنا التغيير الذي تطرحه خارطة الشرق الأوسط الكبير.

والمسألة اليوم بدأت تتشكل من خلال ما الردود الدولية وقدرة الدولة السورية على احتمال التصعيد المتكرر بعد أن أتاح قرار مجلس الأمن قدرة لميلس على التعامل بشكل "متسارع" مع التجاوب السوري. ورغم أن هذه المسألة مرتبطة بتكنيك سياسي لكن نتائجها المباشرة تنعكس على المشهد السوري، على الأخص أن السنوات الخمس الماضية خلفت أشلاء ثقافة متناثرة على مساحة النخب ثقافية كانت أم سياسية. بينما كانت مراحل التغير المتقطع تسمح بانسياب عشوائي لثقافة ما بعد الحرب الباردة. فإذا كانت الحداثة وما بعد الحداثة وعصر العولمة أوجد اختراقا للهويات فلأن الحداثة بذاتها هي التي شكلت الهويات الاجتماعية في أوروبا. لكن محاولة تشكيل الهوية في منطقتنا اليوم يتبع صورا مسبقة لمجتمع تراثي بالدرجة الأولى، والحدث السياسي يسابق التفكير المنطقي في بحثه عن مخارج لأزمات متعلقة بطريقة تعبيرنا عن هذه الهوية.
هويتنا على المحك لأنها منذ أوائل القرن الماضي هي مشروع هوية، وتجميع لبحث فكري لم يستطع تحقيق انتصاره الفعلي داخل الثقافة الاجتماعية ... وهويتنا على المحك لأنها ليست حلما ولا صورة طوباوية، بل هي حالة نستطيع معرفتها في كل لحظة من الأزمة التي تطال حياتنا، فهذه الهوية لم نختبرها إلا في لحظة الأزمة ... وربما كان إنتاجها هو الدافع اليوم لمحاولة الخروج مما يحدث بالرهان على هذه الهوية الثقافية التي تحمل التنوع الذي يسم سورية بشكل دائم. تنوع خطر في صورته لأنه رهان استمرارنا هو على التنوع الذي أمن بقاءنا عبر الزمن.

الغد ... ورهان الغد لا يقوم على "المواطنية" و "الديمقراطية" و "الحريات" فقط، لأن هذه الأمور يضمنها التنوع داخل هويتنا الثقافية التي بقيت مشروعا معلقا على جدار الحدث السياسي، واليوم نريد الخروج بها ولو عبر محاولة صغيرة .. أو كبيرة.