انتهت مساء امس المرحلة الاولى من انتخابات مجلس الشعب المصري والتي اجريت في القاهرة وسبع محافظات اخرى هي المنوفية في الدلتا، والجيزة والمنيا واسيوط في الصعيد، ومرسى مطروح والوادي الجديد في شمال غرب البلاد.

ودعي الى المشاركة في هذه المرحلة، التي ستتلوها مرحلتان اخريان، اكثر من 11 مليون ناخب لاختيار 164 نائباً من 1635 مرشحاً تنوعت انتماءاتهم بين الحزب الوطني الحاكم، الذي غطى بمرشحيه كل الدوائر الانتخابية الـ222 في البلاد وكل المقاعد الـ444 في المجلس، ومرشحين معارضين ينتمون الى جماعة "الاخوان المسلمين" واطراف جبهة المعارضة التي اعلنت الشهر الماضي وضمت، باستثناء حزب الغد، احزاب الوفد والتجمع والناصري وحزبي الوسط والكرامة (قيد التأسيس)، الى الحركة المصرية من اجل التغيير "كفاية". اما سائر المرشحين، فإن غالبيتهم الساحقة من "المنشقين" عن الحزب الحاكم وخاضوا الانتخابات "مستقلين" بعد استبعادهم عن قائمة مرشحي الحزب.

وبينما كان الرئيس المصري حسني مبارك تعهد في كلمة متلفزة بثت الثلثاء ان تكون الانتخابات "حرة ونزيهة وبضوابط تضمن ان تعكس نتائجها ارادة الناخبين"، ظلّ اكثر المرشحين المعارضين طوال ساعات الاقتراع يشكون شكوى مرة مما سموه "الخطة المحكمة" التي وضعتها الحكومة والحزب الحاكم لتزوير الانتخابات "من المنبع" وقبل ان تبدأ عمليات التصويت.

واجمع المعارضون والمنظمات الحقوقية التي سمح لها بمراقبة سير العملية الانتخابية على حصول تلاعب هائل في كشوف الناخبين وقدر بعض هذه المنظمات نسبة التلاعب في الاسماء المسجلة في قوائم الناخبين بما يتجاوز 30 في المئة من مجموع المقيدين.

وفي ظل الانخفاض الملحوظ في نسبة المقترعين في اللجان والدوائر، راح مرشحو المعارضة يؤكدون ان الاعداد الضخمة التي اضيفت الى سجلات الناخبين، فيما يعرف بظاهرة "القيد الجماعي" للعمال والموظفين في الدولة وشركات القطاع العام، ستكون سبباً رئيسياً لترجيح كفة مرشحي الحزب الوطني، خصوصاً ان التلاعب – كما يقول المعارضون – لم يقتصر على اضافة اسماء ناخبين بعيداً عن دوائرهم الاصلية ومن محافظات بعيدة، وانما شمل كذلك "تشتيت وتغيير اسماء الناخبين الاصليين وبياناتهم".

غير ان الظاهرة التي بدت طاغية وغير مسبوقة وكانت حديث الاوساط السياسية المصرية امس، هي الحضور الهائل للمال والرشى الانتخابية المباشرة لمواطنين بسطاء امام مكاتب الاقتراع. وفي هذا الصدد تحدثت تقارير عدة نشرتها صحف المعارضة المصرية في اليومين الاخيرين عن ان رجال الاعمال المرشحين والذين تضخمت اعدادهم على نحو لافت وخصوصا في قائمة الحزب الحاكم، انفقوا اكثر من ثلاثة مليارات جنيه (اكثر من نصف مليار دولار) في المرحلة الاولى فقط من الانتخابات. واشارت الى ان بعضهم انفق على صور الدعاية المختلفة والهدايا والرشى العلنية للناخبين اكثر من عشرة ملايين جنيه، في حين ان قانون الانتخاب وضع سقفا للانفاق الانتخابي لكل مرشح لا يتجاوز 70 الف جنيه فقط.

وكان المرشد العام لجماعة "الاخوان المسلمين" مهدي عاكف، الذي اتهمته جبهة المعارضة بعدما نأى بالجماعة عن المشاركة في قائمتها الانتخابية الموحدة، بانه عقد تحالفا مع الحزب الحاكم، صرح بعد ادلائه بصوته في احد مراكز الاقتراع في ضاحية مصر الجديدة حيث تترشح الدكتورة مكارم الديري وهي السيدة الوحيدة على قائمة "الاخوان" بان الانتخابات "غير نزيهة وغير عادلة وهناك تزوير كامل"، مؤكدا ان "الحزب الحاكم استخدم اساليب قذرة" وانه لجأ الى "التزوير الناعم"، الذي اعتبره "أخطر وأسوأ من التزوير المباشر والمفضوح الذي كان يجري في السابق"، مشيرا الى ظاهرتي "القيد الجماعي وشراء الاصوات".

واكد مرشد "الاخوان" ان مرشح الحزب الوطني المنافس للديري يشتري اصوات المواطنين والنسوة الفقراء في مقابل 500 جنيه (نحو 90 دولارا ) يدفع نصفها قبل التصويت والنصف الآخر بعده.

وعلى رغم الانتقادات والشكاوى التي ابدتها المعارضة، فانها تأمل في ان تسفر عمليات الفرز التي ستنتهي صباح اليوم عن فوز عدد اكبر من مرشحيها، وتعتقد جماعة "الاخوان" انها قادرة على الحصول على ما قد يصل الى 50 نائبا (من 125 مرشحا) اي ثلاثة اضعاف ما حققته في الانتخابات الاخيرة عام 2000، اذ لم يتجاوز عدد نوابها 17 نائبا.

مصادر
النهار (لبنان)