طوال الأسبوع سعى عضوا الكنيست من الليكود، ميخائيل ايتان وجدعون ساعر، بنوايا حسنة، في محاولة لإرساء قدر معين من الوحدة في كتلة الليكود بالكنيست. ويدعي الاثنان انه ليس من مهامهما ضمان تأييد في الكنيست لتعيين الوزراء ايهود أولمرت، زئيف بويم وروني بارأون، بل محاولة التوصل إلى اتفاق حول الإجراء الذي سينظم أداء كتلة الليكود خلال الأشهر الباقية لحين انتهاء ولاية الكنيست. ويُفترض بهذا الاتفاق أن يسمح بإكمال فترة ولاية الحكومة وإجراء الانتخابات في موعدها بعد عام تقريباً، لكنه سيُرسّخ بالطبع أيضاً مكانة أولمرت، بويم وبار أون كوزراء في هذه الفترة.
الوضع السياسي الحالي الذي يقوم فيه أعضاء كنيست، ينتمون إلى الحزب الذي يرأس الائتلاف الحكومي، بتهديد استمرار وجود الحكومة، هو وضع لا سابق له في التاريخ السياسي الإسرائيلي وربما أيضاً في تاريخ الأنظمة الديموقراطية الاخرى.

ليس هذا سوى فوضى سياسية هي نتيجة مباشرة للمهزلة السياسية لارييل شارون التي حولته إلى حبيب اليسار وتركت حزبه منقسماً. شكل هذا التطور بذاته انقلاباً لا سابق له، كان مرتبطاً بالضرورة بتداعيات خطيرة على حزبه، فالتصريح الذي أطلقه أولمرت الأسبوع الماضي، وهو الحليف السياسي لشارون، والذي يفيد أن اتفاق أوسلو كان خطوة هامة نحو الأمام، تصريح يُستدل منه على أن الخصم السياسي لليكود، حزب العمل، كان محقاً على طول الدرب، زاد من الغضب في صفوف المؤيّدين التقليديين لليكود. ذلك أن هؤلاء ندّدوا في حينه، معاً مع شارون وأولمرت، باتفاقات أوسلو التي رسّخت سيطرة ياسر عرفات وزمرته من تونس على الفلسطينيين.

لا عجب في أن مؤيدي حزب العمل يريدون رؤية شارون وهو يواصل شغل منصب رئيس الحكومة، بينما يعتبر شمعون بيريس وممثلو حزب العمل أن جلوسهم في حكومته يشكل موقفاً مريحاً بالنسبة إليهم، شارون مستعدّ لتبني خطتهم التي تشكل انسحاباً نحو حدود 1967 لكن خلافاً لهم، هو يملك أيضاً قدرة تطبيقها.

هل بلغنا نهاية النهج السياسي التقليدي الذي ساد إسرائيل سنوات عديدة والذي استند إلى وجود حزبين سياسيين خصمين الليكود والعمل؟. التقرير السائد هو أن شارون سيقف في الانتخابات القادمة على رأس حزب جديد وسيدعو إلى انسحابات إضافية أحادية الجانب. وهذا الحزب، بالتعاون مع حزب العمل، سيشكل الحكومة القادمة. أو على العكس سينجح شارون في فرض إرادته على الليكود وسيقوده إلى الانتخابات القادمة في ظل الدعوة إلى انسحابات إضافية أحادية الجانب، وسيرأس بعد ذلك الحكومة القادمة بالتعاون مع حزب العمل. هذان السيناريوان يستندان إلى فرضية مفادها أن المعارضين للانسحاب الأحادي الجانب واقتلاع المستوطنات لن يشكلوا بعد الآن قوة ذات مغزى في السياسة الإسرائيلية.

أيّ قضية يتوقع أن تتصدر المعركة الانتخابية القادمة؟، عمير بيرتس كان يودّ أن يضع حزب العمل على رأس جدول أعماله النضال ضد سياسة "الرأسمالية الخنزيرية" لحكومة الليكود، ولكن مساهمة السياسة الاقتصادية التي وضعها بنيامين نتنياهو لتشجيع النمو وخفض معدل البطالة واضحة جداً بحيث إن هذه المسألة لن تكون القضية الرئيسية في المعركة الانتخابية لحزب العمل. والسؤال الذي سيقف في صلب المعركة الانتخابية سيكون من دون أدنى شك تماماً كما في السنوات الماضية قضية العلاقات مع الفلسطينيين. فما هو البرنامج الذي سيقترحه الليكود في الوقت الذي يدعو فيه حزب العمل إلى انسحابات إضافية؟، هذه مسألة سيضطر الليكود لأن يقدم لها جواباً خلال الأشهر القادمة. فالأمر الذي يثير قلق الليكود اليوم لا يتعلق بالمسائل الإجرائية بل بالمبادئ. هل ان الانسحابات الإضافية الأحادية الجانب ستسهم في تقدم عملية السلام؟، وهل أن اقتلاع المزيد من المستوطنين من بيوتهم يشكل جزءاً ايجابياً من هذه العملية؟،.

سيكون على أعضاء الليكود وممثليهم في مركز الحزب تقديم أجوبة عن هذه الأسئلة.

من المحتمل نجاح الائتلاف الحالي برئاسة شارون في إكمال كامل فترة ولايته، لكن قد تبدأ لعبة جديدة خلال فترة الانتخابات. ربما يتضح أيضاً انه سيُطلب من الناخبين أن يحسموا مجدّداً بين وجهتي نظر وبين خيارين لمعالجة القضية الفلسطينية، وجهة نظر الليكود مقابل وجهة نظر حزب العمل.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)