لحود يستقبل اللجنة الدولية: طالبتها بتسريع التحقيقات لتجنب السلبيات
سوريا ترفض استجواب ضباطها في لبنان وتطالب ميليس بآلية للتعاون
استمرت الجهات الداخلية والدولية في التفاعل مع الموقف الذي اعلنه الرئيس السوري بشار الاسد اول من أمس، وكان البارز دوليا ما أعلنه الرئيس الاميركي جورج بوش الذي طالب دمشق <<بالتوقف عن تخويف لبنان>> والتعاون مع لجنة التحقيق الدولية، وهو الطلب الذي كرره الامين العام للامم المتحدة كوفي انان والذي اشاد بتعاون سوريا مع اللجنة.
واذ علمت <<السفير>> من دمشق ان سوريا ترفض استجواب ضباطها في لبنان حصل تطور بارز على صعيد عمل لجنة التحقيق تمثل في استقبال الرئيس اميل لحود امس وفدا من محققي اللجنة في مكتبه بالقصر الجمهوري، وأجاب عن اسئلتهم حول ملفات تخص التحقيق، وتخص أشخاصا يعملون في القصر الجمهوري، وتعتقد اللجنة انهم على علاقة ما بالجريمة.
وفي بعبدا، استقبل الرئيس لحود عند الخامسة من عصر أمس وفداً من لجنة التحقيق الدولية ضم محققين اثنين، اعتذرا عن غياب القاضي ديتليف ميليس لوجوده ونائبه غيرهارد ليمان في الخارج.
وقال الرئيس لحود ل<<السفير>> ان الاجتماع تم بناء لطلبه، وأنه جرى خلاله استعراض لكل النقاط التي تضمنها تقرير ميليس والتي تناولت الرئاسة.
وحسب مصادر في القصر الجمهوري، فإن اللقاء تركز على ملف
الاتصالات، وسأل لحود وفد اللجنة عن أرقام الهواتف التي قيل إنها تلقت اتصالات من مشتبه بهم. وتبيّن أنها أرقام لا تعود إليه وليست موجودة في مكتبه، وأن الاتصال الذي أشير إليه مباشرة، تمّ على هاتف يعود إلى نجله النائب السابق إميل إميل لحود، ولم يرد الأخير على الاتصال.
وحسب المصادر فإن اللجنة سألت لحود عن رأيه حول الجريمة ومن المستفيد منها، كذلك جرى حوار حول عمل اللجنة، وطلب لحود الإسراع في إنجاز التحقيقات، لأن التأخير بدأ ينعكس سلباً على البلاد. وطالب اللجنة بإحضار الشاهد محمد زهير الصديق من فرنسا وبقية الشهود، وإجراء مواجهات للتعجيل بالتحقيق.
وتبلغ لحود من وفد اللجنة أنها سبق أن استمعت إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة كشاهد، وإلى عدد من الوزراء في الحكومة.
وأبدت المصادر استغرابها للحملة الإعلامية والسياسية التي قامت من جانب فريق الأغلبية النيابية بعد إذاعة نبأ اللقاء، ونقلت عن الرئيس لحود قوله: <<باق في منصبي حتى انتهاء الولاية>>.
وكان صدر عن <<مكتب الإعلام>> في القصر الجمهوري البيان التالي:
<<استقبل الرئيس لحود في الخامسة بعد ظهر أمس عضوين من لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأطلعهما على المعطيات الحقيقية والدقيقة في ما خص ما تردد عن اتصالات هاتفية أجريت بالقصر الجمهوري قبيل وقوع الجريمة النكراء وبعدها فضلاً عن الشائعات التي تناولت موضوع الجريمة في عدد من وسائل الإعلام>>.
وطالب الرئيس الأميركي سوريا أمس ب<<الكف عن محاولة تخويف الحكومة اللبنانية وزعزعتها>> والقيام ب<<ما يطلبه منها المجتمع الدولي>> من تعاون تام في التحقيق باغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وقال بوش، في خطاب القاه في بوبيهانا في بنسلفانيا، انه <<على الحكومة السورية الكف عن تصدير العنف والبدء في استيراد الديموقراطية>>. واضاف <<هذا الاسبوع اتخذت الحكومة السورية قرارين مثيرين للقلق. اولا اعتقلت كمال اللبواني المدافع عن الاصلاحات الديموقراطية، ثم القى الرئيس الاسد خطابا حادا هاجم فيه معا الحكومة اللبنانية ونزاهة التحقيق الدولي>>.
وقال بوش: <<يتعين على الحكومة السورية أن تفعل ما يطلبه منها المجتمع الدولي.. التعاون الكامل مع التحقيق الذي يجريه ميليس والتوقف عن محاولة ترهيب وزعزعة استقرار الحكومة اللبنانية. وعلى الحكومة السورية التوقف عن تصدير العنف والبدء في استيراد الديموقراطية>>.
وفي السياق، قال الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ردا على سؤال حول خطاب الاسد وحول قوله ان سوريا مستعدة للتعاون مع المحققين الدوليين، <<لقد تشجعت بقوله انه سيتعاون وانا مسرور كونه اكد انه سيتعاون مع تحقيق الامم المتحدة. اعتقد أن هذا ضروري وجيد أن تتعاون سوريا. انه شيء جيد للمنطقة والنظام الدولي لذلك انا سعيد لأنه قال انه سيتعاون>>. لكنه أضاف انه <<لا يوجد مخرج من هذه القضية إلا بإبداء دمشق تعاونها الكامل مع لجنة التحقيق للوصول الى الحقيقة وراء عملية الاغتيال>>.
أما الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا فشدد بعد محادثات سريعة مع الرئيس فؤاد السنيورة في بيروت، على ضرورة تطبيق كل القرارات الدولية، مشيرا إلى أن التعاون مع مجلس الأمن أمر واجب كي يسير القانون الدولي نحو الأمام خارج شريعة الغاب، وقال: القرار الدولي 1636 واضح في هذا المجال، وهو طلب التعاون من قبل سوريا مع القاضي ميليس. ورفض الخوض في اي سجال حول خطاب الرئيس السوري.
في هذه الاثناء ابلغت مصادر رسمية سورية <<السفير>> رفض دمشق ان يتم الاستماع الى الضباط السوريين الستة في لبنان. وقالت ان وزارة الخارجية السورية بعثت برسالة الى الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي تؤكد فيها على <<رغبة سوريا في التعاون مع لجنة التحقيق الدولية ولكن ضمن اطر يتم الاتفاق عليها وخصوصا في ما يتعلق بمكان استجواب الشهود>>.
وقالت المصادر ان الرسالة السورية تشرح موقف دمشق بشأن التعاون، ولكن بعد البحث عن الآليات التي تسمح بذلك ومن ضمن ذلك مكان الاستجواب. وعلم ان من بين الامكنة المقترحة بديلا عن بيروت عواصم عربية ودولية مثل القاهرة وجنيف وفيينا. واعتبرت المصادر أن وجود مكان آخر غير لبنان لا يتعارض مع القرار 1636، ونفت المصادر علمها بما اذيع عن زيارة قام بها المستشار القانوني في وزارة الخارجية رياض الداوودي الى مقر لجنة التحقيق الدولية في <<المونتي فردي>>.
من جهة ثانية، قال الناطق باسم اللجنة القضائية السورية ابراهيم الدراجي انه سيتم ارسال كتاب جديد الى السلطات القضائية اللبنانية يطالبها بتزويد اللجنة السورية بالوثائق المطلوبة في عملية التحقيق، مشيرا الى ان الطلب ارسل سابقا ولكن لم يأت الجواب عليه. وقال الدراجي ان ما تريده اللجنة تحديدا هو <<محاضر التحقيقات التي تشير الى تورط سوريين في الجريمة>>. وقال ان <<عدم تجاوب القضاء اللبناني يحد من قدرة اللجنة السورية وان عدم توفير المعطيات سوف يحد من فاعليتها>>.
في غضون ذلك، أكد الرئيس السنيورة أن كلام الرئيس السوري <<لن يجعلنا أكثر تمسكا بالعروبة ولا أقل ونحن نمر على هذا الكلام ولا ننظر إلى الوراء>>. وقال: <<ان لبنان حريص كل الحرص على انتمائه العربي والتزامه بجميع القضايا العربية والتزامه أيضا بأن يسعى دائما لأن تكون العلاقات بينه وبين سوريا ممتازة، وفي هذا الأمر لا نتوقف عند بعض التصريحات مما يقال بهذا الشأن لأن المصلحة العربية يجب أن تكون هي السائدة في هذا الشأن>>.
واعتبر انسحاب بعض الوزراء من جلسة مجلس الوزراء <<عملية إجرائية>>، وقال: نحن نثمّن كثيرا هذا الموقف والتصرف، وهذا حق لأي وزير، ولكن نعتبر أن هذا الأمر قضية عابرة. ان انسحاب الوزراء الخمسة من جلسة مجلس الوزراء هي مسألة اجرائية عابرة تعبر عن وجهة نظر ليس إلا.
اما نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم فقال ل<<السفير>> انه في ظل الاجواء المتوترة بين لبنان وسوريا لا يمكن التوقف عند بعض التعابير والانطلاق منها لبناء الاستراتيجيا والموقف، لافتا الانتباه الى ان الحكومة تمثل البلد، وأي موقف تتخذه سيتحمل لبنان كله تبعاته، وبالتالي لا يمكن ان يُحمل البلد مسؤولية موقف بهذه الاهمية من دون إخضاعه للدراسة. وأكد ان البيان الصادر عن مجلس الوزراء والذي رفض مضمون كلام الاسد إنما يعبر عن وجهة نظر المجتمعين فقط لانه صدر في غياب وزراء حركة أمل وحزب الله.
ونفى قاسم بشدة أي طابع مذهبي لما جرى، مشددا على ان المسألة سياسية بامتياز، وقد عملنا كثيرا في الماضي وما زلنا لتفويت الفرصة على المصطادين في الماء العكر، ويجب ألا تضع اي طائفة ذاتها في دائرة الاستهداف. ولكنه أشار الى ان الانسحاب من جلسة مجلس الوزراء يؤشر الى وجود خلافات لم توضع بعد على العلاج بطريقة صحيحة، معتبرا ان << من حقنا الطبيعي ان نطالب بالمشاركة في رسم سياسات الحكومة>>.

مصادر
السفير (لبنان)