لم تكن عمان السلام .. عاصمة الوفاق والاتفاق .. حاضنة العرب ترغب ان تنال يد الغدر المخرج العملاق للروائع الاسلامية مصطفى العقاد وابنته ريما . ريما القادمة اللحظة من لبنان كان الشوق يقودها إلى أبيها الحاني بخطى سريعة لتعانق في قاعة فندق جراند حياة ذلك الفنان السبعيني العريق، لكن اليد الآثمة صادرت مشهد اللقاء الحميمي بكل جبن وقسوة وألم. وكان الشهيد العقاد قد اعلن في مؤتمر صحفي في الكويت وخلال مشاركته في أحد البرامج الرمضانية بانه يرغب في صناعة وتقديم فيلم سينمائي يتناول من خلاله حياة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن لكنه نوه إلى أن هناك اختلافاً في تعريف من يكون بن لادن، كما كان يحضّر لإخراج فيلم "فارس الاندلس". الفنان الشهيد انطلق من مدينة حلب الشهباء مغامرا يرتاد البر والبحر ويخترق الأجواء ليصنع لنفسه اسماً عاليا في عاصمة السينما العالمية هوليوود.. متكئا على مقومات شخصيته العربية والإسلامية التي منحته القدرة الإبداعية في الفن السابع مؤكدا حضوره الفني على المستوى العالمي ليتمكن فيما بعد من أدواته التقنية العالية ولغته السينمائية المبدعة أن يستحضر ويستنطق بيت التاريخ وذاكرته الحية في فيلميه .. الرسالة و عمر المختار. وتفوق مصطفى العقاد في التعامل بذكاء ايديولوجي واع مع تقنياته لخدمة قضاياه وقيمه وأفكاره العربية والاسلامية منطلقا من مفهومه بأن السينمائيين الذين هم همزة الوصل بين الفكرة والفن وبين الجمهور عليهم ان يحوّلوا الجمهور من مجرد مشاهد إلى متفاعل. ويشعر وهو يعمل بحرية انه يخدم في أعماله الأمة العربية وتراثها لذلك طالما انطلق للعالمية وليس العليائية وهو يتخصص كمخرج عربي مخاطبة العالم بنفس منهجهم وتفكيرهم ومنطقهم. وقال في تصريحات صحفية سابقة انه "نتيجة أحداث سبتمبر أصبح هناك ربط بين الاسلام والارهاب، ونجح الاعلام الصهيوني في وضع اليهودية والمسيحية في كفة واحدة ضد الاسلام". وأوضح ..انه "اذا كان هناك أي إرهاب باسم الدين فهي الحروب الصليبية ولكن لا نتهم المسيحية كما يفعلون بالإرهاب ..ولكن أشخاصا معينين منهم فقط، وبهذه المقارنة نستطيع ان نخاطب العالم لأنهم ومن مصادرهم جاء قادتهم وذبحوا الرهبان وأشعلوا الكنائس". ويرى ان الجنسية الأمريكية التي يحملها مجرد وثيقة فقط تعني تجمع شعوب العالم كشركة مساهمة والمجتهد يدخل للمشاركة حسب نص الدستور وليس حكم الأغلبية. وكان العقاد يمارس طقوسه الدينية بكل حرية في أمريكا، فوالده كان قاسياً جداً في تربيته الأخلاقية والدينية والبيئية ولكنه يشكر الله على هذا الأب الذي جعله يذهب لأمريكا فقيراً معدماً مالياً لكنه غني دينياً وأخلاقياً وتراثيا وهذا ما جعله يحافظ على شخصيته بسبب هذه التربية الجادة. ويقول عن بيته في ولاية لوس انجلوس ان الداخل اليه يشعر انه يعيش في حلب من حيث اللغة، الدين، المأكولات، الموسيقى، وعندما يخرج من البيت ويغلق الباب يصبح أمريكياً في التفكير والطريقة العملية والمنطقية ونظام العمل وكل شيء ورفض تغيير اسمه كما طلبوا منه مراراً في هوليوود. أما فيلم الرسالة الذي أنتجه وأخرجه العقاد يعد من أفضل الأفلام الدينية العربية التي أنتجت في تاريخ السينما، ولذلك للاستعدادات الكبيرة التي قام بها المخرج وانتقائه أفضل الكفاءات الفنية من ممثلين ومصورين وديكورات وأزياء ومواقع تصوير، وقد حرص على الحصول على موافقة الأزهر على سيناريو الفيلم الذي اشترك في كتابة السيناريو والحوار له أدباء مصر الكبار مثل توفيق الحكيم ويوسف إدريس بالإضافة إليه. ومنذ البداية عمل العقاد على تجاوز المشكلة الكبيرة التي واجهت معظم منتجي الأفلام الدينية السابقة وهي تقديم الفيلم باللغة الأجنبية، ولكن هذه المرة ليس بطريقة الدبلجة وإنما بطريقة إنتاج الفيلم مرة ثانية بممثلين أجانب، مستثمرا جميع مواقع التصوير السابقة والديكورات وغير ذلك. وقد أظهرت طريقته قدرة الممثل العربي على القيام بدوره على أفضل وجه وبما لا يقل كفاءة عن زميله العالمي، بل أن الكثير من النقاد العرب والأجانب أشاروا إلى هذا الموضوع فضلا عن تصريحات الممثلين الأجانب أنفسهم. ولعل مرد ذلك كله إلى الإحساس العميق الذي شعر به الممثل العربي في تقديمه لموضوع الفيلم ومسؤوليته كمسلم وعربي إزاء هذا الموضوع، وهو ما صرح به أغلب المشاركين في الفيلم. كما كشف العقاد من خلال موضوع الفيلم المحبك عظمة الدين الإسلامي وقدرته في البقاء والانتشار ورفضه كل أشكال العنف ودعوته للتسامح. ويقول العقاد "أنا مسلم، عربي لا أستطيع الإساءة للإسلام، ولهذا حرصت أن يخرج العمل في أفضل صورة ممكنة سواء من ناحية القصة والسيناريو أو ناحية التصوير وفريق الممثلين والإخراج". وبعد أحداث 11 سبتمبر تم بيع 100 ألف نسخة من فيلم الرسالة للقوات الأمريكية وأجرت معهم إحدى المجلات حوارا لمعرفة سبب ذلك فقالوا إنهم أرادوا معرفة الإسلام.

مصادر
بترا (الاردن)