أولا وقبل كل شيء اعتذر, اعتذر من كل إمرأة وانثى اعتقدت هي اني أسأت اليها بأي طريقة كانت وليس فقط من خلال مسلسل اخرجته ومسؤول عنه معنويا وفنيا, بل من خلال اي موقف حياتي أو فكري, فأنا لا اعتقد أن الرجل تشوبه بعض الأنوثة حسب تعريف جوليا كريستيفيا فقط بل اعتقد ان الرجل برمته اجتماعيا ونفسيا هو نصفه امرأة, وعليه لا أرى في المرأة ذلك الكائن المتميز والخصوصي وإنما أراها كأنسان كامل الأهلية الحقوقية والإنسانية دون مقارنة أو مقاربة مع الجنس الآخر رفيقها بالنوع البشري على هذه الكرة الأرضية.‏

ان النظر للمرأة الإنسان بهذه الطريقة تقدمها كإنسان ذي حق كامل في الاختيار وهي حرة في تقرير سيرورتها كفرد حسب امكانياتها المادية والعقلية فليس لأحد حق الوصاية عليها او على رؤيتها أو على أدائها الا ككائن مجتمعي يخضع له كل مواطن باستثناء من أراد العودة إلى فكرة التأثيم وهي التفافة واضحة لاستعادة القيم التي تكبل المرأة, اي استعادة القيم الرجعية بلبوسات حديثة في محاولة لاستخدام التشريف الذي هو عكس التأثيم وصنوه ومن نسيجه على فعال المرأة ككائن خاص موجود بشكل استثنائي في المجتمع وهو خلط كبير في ما قد يسمى قضية المرأة باعتبارها اختصاصاً اجتماعياً أو جنسياً أو مهنياً حيث لا أرى انه يمكن اطلاق تسمية جزء من المجتمع او نصف المجتمع عليها إلا درسيا ومن اجل الشرح لأنها وبرأيي المتواضع لا يمكن فصلها عن بنية المجتمع, انها منه وفيه لذا وبما يخص مسلسلي خلف القضبان ارى ان المرأة كانت مخيرة كإدارة حرة في ظل ظروف قاهرة ولم تتدحرج لتصبح ما هي عليه نتيجة تأثيم مستلف لعاهة الأنوثة, انه اختيار إنساني حر يستخدم المختار من المتاح من اجل تشكيل هيئة إنسانية مطلوبة من قبلها وهذا امر خارج عن صلاحيات جمعيات حقوق المرأة التي يحق لأي امرأة بغض النظر عن كمية ونوعية اثمها الالتحاق بها والدفاع عن حقوقها وما المانع?‏
من جهة اخرى أرى أن هناك خلطاً خطيرآً بين الإعلام والفن والأخلاق, هذا الخلط يذهب بالاشياء الى مقولات مسطحة ورجعية فالمسلسل الدرامي ليس محاضرة تعليمية ولا رسالة اعلامية مباشرة لتأثيم أو تشريف ذاك أو تلك وامتثاله لشروط الواقع لايعني في حال من الأحوال أنه مرآة أو صورة لهذا الواقع وهذه أولية يجدر بمن يتنطح لمناقشة العمل الفني أن يدركها مثلها مثل الفصل العضوي بين اخلاق الشخصية الاجتماعية واخلاق الشخصية الدرامية والا لما كان للدراما أن تصنع ولا للرواية ان تكتب.‏

قد يكون من المفيد مناقشة الشخصيات الدرامية من ناحية ترسيخ الافكار الظلامية لأن الدراما التلفزيونية هي أداء حداثي ولكن بشرط ان لا نستخدم ادوات هذه الظلامية في القياس كي لا نعود ونتفق مع نقطة البداية المرفوضة.‏

في خلف القضبان هناك العديد من الشخصيات الإنسانية رجالا ونساء محكومون بمنطق ظروفهم وبيئتهم واحداثهم, متنوعون حسب رؤاهم وامكانياتهم, وليس من العدل استحضار شخصيات من خارج المسلسل للمقارنة أو للحكم, وليس من الحداثة تذكيرنا بشخصيات نسائية على طريقة خولة والخنساء فدرب الظلامية معبد بهكذا نوع من الأمثلة, لقد قمت بإخراج مسلسل ( درامي) اعتقد أنه من الحياة وليس من الواقع لأن الواقع شيء آخر متعدد بعدد الرؤى والمصالح والأذواق مع أنه جزء من الحياة وأنا شديد الأسف لأنه لا يحتوي على شخصية كمي زيادة او مدام كوري ربما في اعمالي القادمة.‏

مصادر
البعث (سورية)