لأنني أعشق رائحة القادم .. لا أخاف ... أحب أن أعيش التداخل والتبدل وأثق بأن الحياة مستمرة، والوطن باق رغم استنزاف الشعارات لكل زاد في ذاكرتنا. فبالأمس كنت أراقب اللون الذي يغطي تفاصيل المجتمع، واليوم أنحني أمام القدرة على استحضار "الهوية" ... أو الوقوف أمام ذاكرة شكلناها عبر أيام لا تنسى ... رسمتنا أو طوقتنا .. كتبتنا في "فوضى" المستقبل لونا يحمل لنا الغد.

أعشق رائحة القادم دون شعر وقصائد رغم أنني أنثى، فالعشق توحد مع الغد الذي يبشر بـ"الأزمة"، لكن الأمر أبعد من الأحداث المتلاحقة، فهو الرغبة في أن أعيش القادم بلا خوف ... متحررة من سطوة الماضي ومن إرادة "التدخل الديمقراطي". فإذا كان الوطن في خطر فلأننا نخاف .. وهذا الرعب الذي يسكننا لا يتعلق بميليس أو بكوندليزا رايس، إنه رعب عدم المواجهة، والتنحي عن الحرية أو تركها هائمة تبحث عنا. وهذا الرعب الذي أنتجه عصر "الحريم" وثقافة" هارون الرشيد" أو مرويات "وامعتصماه" يسكننا اليوم بانتظار كسر حاجز الماضي أمام القادم الذي يبقى جميلا لأنه يحمل حماسة الشباب أو يذكرنا بطيش المراهقة.

اليوم لا بشبه الأمس سوى برغبتنا على استمرار الحياة، لأننا نعشق التنوع الذي رسمنا، وربما أمن الرؤية التي قادتنا نحو الأزمنة الحديثة وسترحل بنا نحو المستقبل الذي نريد مواجهته لأنه أيضا جزء من هويتنا.

ربما نخاف أو نقلق، لكن الواقع الإنساني يضعنا في كل لحظة أما الشعور بأن المواجهة بذاتها تحمل التغير، وإذا كان البعض يعتقد أننا في مواجهة دولية، فربما عليه أيضا أن يتحدث عن مواجهة أساسية .. مع أنفسنا .. ومع الصراع بين رغبتنا في الماضي ومحاسبته أو الدخول للمستقبل ...

ربما بعد سنوات ستصل نستحضر اللحظات القلقة ... لكنها لن تكون سوى فرصة داخل زمن يسير ولا مجال فيه للنظر إلى الوراء.