دمشق أكدت بذل جهود لحل معضلة المونتيفيردي
انشغلت اوساط سورية مراقبة بتسريبات مفادها ان اتفاقاً قد يتحقق في الساعات المقبلة بين دمشق ورئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري القاضي الالماني ديتليف ميليس على مكان استجواب ستة ضباط سوريين كان ميليس طلب الاستماع اليهم في فندق "المونتيفيردي" بلبنان، وهو ما رفضته دمشق التي اقترحت مقر جامعة الدول العربية في القاهرة او مكاتب ومقرات للامم المتحدة في سوريا او دمشق ذاتها. وفي غضون ذلك، عقد وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي سلسلة لقاءات مع مسؤولين سوريين في مقدمهم الرئيس بشار الاسد، الى الامناء العامين للفصائل الفلسطينية في السفارة الايرانية بدمشق.

ولم تشأ مصادر سورية مطلعة تأكيد تقارير مفادها ان مقر قوات الفصل التابعة للامم المتحدة في هضبة الجولان "الاندوف" قرب قرية نبع الفوار على سفوح جبل الشيخ قد يكون المكان المرشح عوض "المونتيفيردي" على رغم انها تحدثت عن "جهود تبذل لحل هذه المعضلة".

وكان الممثل الاعلى للسياسة الخارجية والامن المشترك للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا صرح من القاهرة في تصريحات للتلفزيون المصري، ان الخلاف على مكان الاستجواب ستحسمه "الامم المتحدة قريباً وتجد حلاً له في الساعات المقبلة".

من جهة اخرى، التقى وزير الخارجية الايراني الاسد ورئيس مجلس الوزراء السوري محمد ناجي عطري ووزير الخارجية فاروق الشرع كما التقى قادة الفصائل الفلسطينية في دمشق بمقر السفارة الايرانية.

وجاء في بيان رئاسي سوري ان الحديث الذي جرى بين الاسد ومتقي في حضور الشرع وسفيري البلدين تناول "الاوضاع الاقليمية والدولية والضغوط المبرمجة التي تتعرض لها سوريا" وان متقي اكد دعم بلاده "حكومة وشعبا لسوريا والوقوف معها في وجه هذه الضغوط". وتخلل اللقاء "عرض للعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وسبل دعمها على جميع الصعد". وتسلم الاسد رسالة من الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد.

وخلال اللقاء الذي جمعهما في مبنى وزارة الخارجية السورية عرض الشرع ونظيره الايراني "آخر المستجدات على الساحتين الاقليمية والدولية وكانت وجهات النظر متطابقة ازاء القضايا مدار البحث".

وافادت الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" ان الجانبين اكدا "اهمية الحفاظ على الامن والاستقرار في المنطقة وضرورة تجنب اي بؤر توتر جديدة، وفي هذا الصدد عبر الجانب الايراني عن تقديره لمواقف سوريا وتضامن بلاده الكامل معها في مواجهة الضغوط التي تتعرض لها، كما اتفق الجانبان على اهمية تكثيف التنسيق والتشاور بين البلدين في الظروف الراهنة". وفي موضوع العراق، اكد كل من الشرع ومتقي "اهمية استقرار العملية السياسية في العراق والحفاظ على وحدته ارضا وشعبا وتمكين العراقيين من ادارة شؤونهم".

ووصف وزير الخارجية الايراني لقاءه الرئيس السوري بأنه "كان مثمرا وبناء".

وفي ما يتعلق بموضوع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رفيق الحريري، تمنى متقي "ان تواصل هذه اللجنة عملها على اسس قانونية بحتة، وتبتعد عن تسييس هذا الملف". وقال ان "المسؤولين في سوريا يتعاملون مع هذا الموضوع بشكل جيد وان بلاده تدعم كل ما يتعلق بكشف حقيقة الاغتيال".

واوضح ايضا بأنه بحث مع الشرع في "التحركات الاميركية المريبة في المنطقة التي تهدف الى توسيع سيطرتها عليها". وقال: "ان الولايات المتحدة الاميركية تولي المصالح الاسرائيلية جل اهتمامها وتعمل للحفاظ عليها وصونها بشكل كامل".

كذلك بحث متقي مع الشرع في الملف العراقي. وقال في هذا الشأن انه "تم تأكيد ضرورة ان تتواصل العملية السياسية في العراق وان يقرر الشعب العراقي مصيره بنفسه، واهتمام الدول المجاورة للعراق من اجل التعاطي مع هذا الملف بشكل يدعم مصالح الشعب العراقي وتطلعاته".

وكان وزير الخارجية الايراني دعا في مطار دمشق الدولي عقب وصوله "دول المنطقة الى الحذر من المشاريع الاميركية. وقال: "ان واشنطن تسعى الى تحقيق مصالح الكيان الصهيوني الامر الذي يتطلب أخذ الحيطة من جانب دول المنطقة". وقال ان زيارته لسوريا "تكتسب أهمية خاصة لانها تتزامن مع ما يجري من تطورات في المنطقة والتي تتطلب مزيدا من التشاور والتعاون بين الدول للحؤول دون تحقق المخططات الخبيثة للاعداء". ولاحظ ان العلاقة بين البلدين "تميزت خلال السنوات الاخيرة باستمرارية المشاورات وتبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية وعلى مستوى التعاون الثنائي والاقليمي".

الفصائل الفلسطينية

وعن اجتماعه بقادة الفصائل الفلسطينية قال مسؤول الخارج في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" ماهر الطاهر لـ"النهار"، ان اللقاء تم بحضور جميع القادة الفلسطينيين وتخلله "نقاش حول الوضع الفلسطيني والضغوط الاميركية التي تمارس على سوريا وايران معا تحت ذرائع متعددة"، الى "عرض شامل للتطورات السياسية، وكانت وجهات النظر متطابقة بيننا وبين الجانب الايراني".

وأضاف الطاهر الذي حضر اللقاء: "اتفقنا على انه لا خيار أمامنا الا الصمود في وجه هذه الضغوط، لانها تستهدف اعادة ترتيب شؤون المنطقة كما تريدها الولايات المتحدة واسرائيل، وهذا لا يمكن ان تقبل به شعوب المنطقة، لأن لها حقوقا ستتمسك بها وأهدافا ستسعى الى تحقيقها". و"أكدنا كفصائل فلسطينية استمرار المقاومة ورفضنا محاولات النيل من حقوقنا، والجانب الايراني اكد ان بلاده حكومة وشعبا تقف الى جانب الكفاح الفلسطيني لانتزاع حقوق شعبنا الوطنية، وأكد ان بلاده تقف مع سوريا في مواجهة الضغوط الاميركية التي تتعرض لها".

رسالة من القذافي

وتسلم الاسد رسالة من الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي لدى استقباله منسق العلاقات الخارجية في اللجنة الشعبية العامة للمكتب الشعبي للاتصال الخارجي والتعاون الدولي أحمد قذاف الدم أعلن انها "تتعلق بالعلاقات الثنائية وتعبر عن وقوف ليبيا وتضامنها مع سوريا في وجه الضغوط التي تتعرض لها".

رسائل الى الزعماء

وقالت "سانا" ان الاسد بعث "برسائل الى عدد من قادة الدول الشقيقة والصديقة والدول الاعضاء في مجلس الامن والرئيس الحالي للقمة العربية ورئيس الدورة الحالية لقمتي المؤتمر الاسلامي وقمة عدم الانحياز والامين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدولة العربية حول التعاون مع لجنة التحقيق الدولية والمقترحات السورية المتعلقة بهذا الموضوع".

الأحزاب العريبة

من جهة أخرى، استقبل الاسد أعضاء الامانة العامة لمؤتمر الاحزاب العربية برئاسة اسحق فرحان وتخلل اللقاء عرض لـ"الهجمة التي تتعرض لها سوريا حالياً ودور الاحزاب العربية في دعم سوريا ومساندتها والتضامن معها في هذه الظروف الدقيقة".

وأمس، توقف المحامون في سوريا عن المرافعات أمام جميع المحاكم مدة ساعتين، تعبيراً عن رفضهم "للممارسات والتهديدات التي تقوم بها الولايات المتحدة الاميركية واعوانها في المنطقة ودعماً لمواقف سوريا وقائدها وشعبها تجاه القضايا العربية العادلة". وتجمع المئات منهم أمام قصر العدل في دمشق حاملين اعلاماً سورية. كذلك جرت اعتصامات مماثلة في مدن سورية أخرى.

المنظمات النقابية العربية

ورأى ممثلو المنظمات النقابية العربية ان جريمة اغتيال الحريري "اتخذتها الادارة الاميركية ذريعة لتطويع سوريا لسياستها وفرض الاملاءات عليها وفق مشروع الشرق الأوسط الكبير".

وأبدوا في رسالة موجهة الى الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان سلمت الى ممثل المنظمة في دمشق "قلقهم للضغوط والتهديدات التي تقودها وتنظمها الادارة الاميركية ضد سوريا للنيل من مواقفها الوطنية والقومية الثابتة".

المحايري

وندد رئيس المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي في دمشق عصام المحايري بـ"الضغوط والتهديدات التي تتعرض لها سوريا حالياً"، قائلاً انها "تهدف الى تغيير مواقف سوريا الوطنية من القضايا العادلة".

مصادر
النهار (لبنان)