نشرت صحيفة "هآرتس" امس مقالا كتبه استاذ الاجتماع السياسي ليف غرينبرغ، وتحدث فيه عن انعكاسات انتخاب عمير بيرتس رئيسا لحزب العمل على النقاش العام السياسي في اسرائيل، ننقل اهم ما جاء فيه: "منذ انتخاب عمير بيرتس بدأنا نسمع كلاما لم نسمعه منذ سنوات، ولقد اصابت الحماسة الصحافيين والمواطنين. فهو يعكس آمالا كانت مقموعة طوال سنوات. فبعد قحط السنوات الاخيرة فجأة عدنا لنتحدث عن كل شيء: عن الاقتصاد وعن الشرقيين والاشكيناز وعن الفلسطينيين والسلام.

خلال ولاية رابين بدأ مساران سرعان ما توقفا، وها هو بيرتس يعيد فتح آفاق جديدة امامهما. المسار الاول هو المزج بين العلاقات الخارجية تجاه الفلسطينيين والعلاقات الداخلية، مما اطلق عليه سابقا اسم تغيير سلم الاولويات. المسار الثاني كان تخليص السياسة الاسرائيلية من الصمت الذي فرضته الثنائية العشائرية بين اليسار واليمين... لقد شل العداء الاثني الطبقي الاشكينازي – الشرقي القدرة السياسية على البحث في المشكلات وايجاد حل لها. يدل انتخاب عمير بيرتس على عودة المسار الذي بدأه رابين، اي الجمع بين جدول اعمال داخلي وخارجي، وكسر الهوية الثقافية القائمة على ثنائية اليمين واليسار لمصلحة تمثيل اكثر ديموقراطية للطبقات الاجتماعية.

الحماسة لانتخاب بيرتس لها صلة بالكآبة الشديدة للسنوات العشر الاخيرة التي يمكن تقسيمها الى مراحل: مرحلة الخوف من الحرب الاهلية (1995 – 2000) ومرحلة الخوف من الخطر على الكيان (2000 – 2005)، وهذا ما حدث في السياسة الاسرائيلية في السنوات العشر الاخيرة، الخوف من الانهيار ومن التفكك العام.

يسعى بيرتس الى تغيير سياسي، فيعرض خطة لتقليص الثغرة الاقتصادية ويحاول في الوقت عينه ان يفتح المجال امام الاسرائيليين لتأييدها. الحماسة لبيرتس تعود ايضا الى اصله المغربي. فالجن الطائفي هو محاولات الاشكيناز كبح جماح الزعماء الشرقيين الذين يريدون ان يبقوا اوفياء لطائفتهم. يشكل انتخاب بيرتس بداية دفن الجن الطائفي لانه نجح في اثارة حماسة الشرقيين والاشكيناز.

يعتقد بيرتس انه ما دامت اسرائيل تستثمر مواردها وطاقاتها البشرية والنفسية في الحرب، فلن يكون في امكانها الاهتمام باصلاح المجتمع والاقتصاد. من هنا الربط بين جدول الاعمال الاجتماعي – الاقتصادي والسلام. بعد عشر سنوات من القحط السياسي وآلاف الضحايا البشرية وغياب الرؤية، تبدو الحماسة لانتخاب بيرتس مفهومة وصائبة. ولكن الحماسة المبالغ فيها قد تكون مؤذية. فكل المصاعب ما زالت هنا: اصحاب الصفقات في حزب العمل الذين لن يتخلوا عن نفوذهم، اصحاب الاموال الذين لن يتخلوا بسهولة عن الربط بين المال والسلطة، العسكريون الذين لن يتنازلوا عن موازنتهم... والفلسطينيون الذين لن يتخلوا عن املهم بالدولة الفلسطينية (...)".

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)