بدأ الاميركي المتعاطي الشأن العام في بلاده وصاحب التجربة الطويلة مع سوريا حديثه عن الاحتمالات التي "ستصبح واردة" اذا لم يتعاون النظام السوري في كل القضايا المطلوبة منه دوليا بالقول "ان هذا النظام خسر اصدقاءه في المنطقة والعالم ولا يزال يخسر الباقين منهم باسرع مما يستطيع احتمال نتائج خسارة كهذه. واخر هؤلاء المملكة العربية السعودية ومصر اللتان وعدهما بالتعاون التام مع المجتمع الدولي في موضوع اغتيال الرئيس رفيق الحريري وبدء مرحلة الاصلاحات في بلاده وان بالوتيرة التي تريحه واكتشفتا انه لا يزال يعتمد المناورة اساسا لسياسته". لكنه استدرك: "لا استطيع القول في هذه اللحظة ان المواجهة الفعلية والنهائية والحاسمة بين النظام السوري والمجتمع الدولي قد بدأت. ذلك ان هذا الامر يتوقف الآن على موضوع واحد يتعلق بتوصل دمشق ورئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس ممثلاً المجتمع الدولي الى تفاهم حول آلية استجواب المسؤولين السوريين الستة المشتبه بهم او بالاحرى الاستماع اليهم وحول مكان الاستجواب او بعدم توصلهما الى اتفاق من هذا النوع. والمعلومات المتوافرة، على الاقل حتى الآن، تشير الى ان ميليس يتمسك بموقفه من الموضوع المذكور اي بآلية ومكان يمكنانه من اجراء استماع يستوفي المعايير القضائية واتخاذ الاجراءات المتعلقة به سواء كانت التحفظ عن هؤلاء او عن بعضهم او ابقائهم احرارا. وذلك يعني ان على السلطة السورية ان تساعد في ذلك. ويتوقف الامر نفسه على موضوع اخر هو اي من الخيارات الثلاثة المتاحة امام القيادة السورية تعتمد هذه القيادة. والخيار الاول هو التعاون في الحد الادنى او ما هو دون الحد الادنى او الايحاء بالتعاون لكسب الوقت وللخروج بسلام من العاصفة الدولية – الاقليمية المتجهة صوبها. والخيار الثاني هو التعاون الكامل مع لجنة التحقيق الدولية والمجتمع الدولي وزعيمته الولايات المتحدة مع ما يعنيه ذلك من توجه الى الاصطفاف معها او الى جانبها بعد سنوات خمس من الوقوف ضدها بل من مواجهتها. والخيار الثالث هو التسبب بازمة كبيرة بل خطيرة في المنطقة او اطلاق ازمة كهذه. الاول الذي قد تقرر سوريا اعتماده لن يخدمها مدة طويلة. والثاني لا يبدو احد مقتنعا بانها ستعتمده لاعتبارات كثيرة. ولا يبقى امامها في هذه الحال وامام المنطقة وربما العالم الا الخيار الثالث".

ما هو عمليا الخيار الثالث؟

"الخيار الثالث هو اللجوء الى العمل العسكري ضد سوريا" اجاب الاميركي المتعاطي الشأن العام في بلاده وصاحب الخبرة الطويلة مع سوريا. واضاف: "يمكن ان تنفذ اميركا هذا الخيار من خلال قواتها العسكرية الموجودة في العراق المجاور لسوريا. وهي لن تعدم الاسباب المبررة لقيامها بعمل عسكري ضد سوريا. الا ان هذا العمل لن يكون بريا. واستهدافاته ستكون عددا من الاهداف العسكرية المحدودة لكن التي من شأن ضربها وبقوة شل قدرة القوات المسلحة السورية على الرد وكشف النظام ووضعه امام احتمالات متنوعة احلاها مر واعلامه بان سياسة عليّ وعلى اعدائي يا رب غير مفيدة له. طبعا التحضيرات الاميركية لعمل من هذا النوع جارية في العراق وكذلك لنوع اخر هو القيام بما يسمى "الملاحقة الحارة" داخل الاراضي السورية للمتهمين بالتسلل والارهاب. وقد يساعد في عمل كهذا بصفة "الطليعة" جنود عرب غير عراقيين انضموا اخيرا الى الوحدات الاميركية على نحو غير معلن؟".

هل يقتصر العمل العسكري "النوعي" اذا جاز التعبير على اميركا؟

"كلا" اجاب الاميركي نفسه متعاطي الشأن العام في بلاده. واضاف: "قد تكون اسرائيل هي التي تنفذ عملا كالمذكور الامر الذي يطلق الازمة الكبيرة والخطيرة في المنطقة وخصوصا اذا قامت المقاومة الاسلامية التابعة لـ"حزب الله" بعمليات نوعية ضد اسرائيل (اختطاف جنود او مدنيين) بشر بها البعض اخيرا في لبنان او باطلاق صواريخ موجعة على اسرائيل او اذا حصلت عمليات تفجير ضخمة داخل اسرائيل وتبين ان لخبرة المقاومة المذكورة وسلاحها دورا ما فيها. وعندها يصبح لبنان ساحة للمعركة مع سوريا او بالاحرى احدى ساحاتها علما ان العمل العسكري الاسرائيلي قد لا يقتصر على لبنان بل يتعداه الى سوريا كونها العنوان الحقيقي او احد العنوانين الاقليميين الفعليين للمقاومة الاسلامية" لـ"حزب الله". وفي هذا المجال لم يستبعد المتعاطي الاميركي نفسه "اتخاذ اسرائيل قرارا باجتياح لبنان بعمق 40 كيلومترا وتدمير كل ما في طريقها بغية ابعاد الصواريخ "المقاومة" عن مستوطناتها ومواطنيها".

هل المعلومات المنشورة اعلاه صحيحة؟

اثبتت مصادرها وعلى مدى سنوات معرفتها بكواليس السياسة الاميركية. وهذا امر تعرفه سوريا وخبرته اكثر من مرة عبر تعاطيها مع هذه المصادر مباشرة. ونشر هذه المعلومات ليس بغرض التهويل "وتهبيط الحيطان" كما يقال وليس تعبيرا من موقف مناقض او معاد لسوريا. بل هو بقصد توعية الجميع في لبنان وسوريا الى خطورة المرحلة المقبلة والى ضرورة اجراء حسابات دقيقة تلافيا للوقوع في المحظور، علما ان اي عمل عسكري اسرائيلي مباشر سواء ضد لبنان او ضد سوريا او ضدهما معا قد يعطي عكس النتائج المتوخاة. ذلك انه قد يعيد خلط الاوراق في لبنان وربما في المنطقة بسبب الصراع المزمن بين العرب واسرائيل وقد يعمق الشعور بالغضب على اميركا الناجم اساسا من انحيازها الكامل الى اسرائيل في العالمين العربي والاسلامي. وعلما ايضا ان اميركا نفسها منعت اسرائيل ايام رئيسها جورج بوش الاب عام 1990 من التدخل العسكري ضد صدام حسين لاخراجه من الكويت رغم قصفه اياها بعدد من صواريخ "سكود". ولا يعني ذلك اننا نفضل عملا عسكريا اميركيا. فخيارنا الاساس هو تجنب الحروب وخصوصا ان لبنان قد يكون ساحتها او احدى ساحاتها. لكن ذلك لا يتوقف على اللبنانيين بل على السوريين والمجتمع الدولي.

مصادر
النهار (لبنان)