ربما لا تحمل النقاشات الحادة حول سورية أي أفق داخل المواقف السياسية للأطراف، فالمعارضة مازالت في نفس الموقع، والتيار الرسمي لم يغير عمليا من آليات خطابه، بينما يظهر الموقف العام وكأن الوطن هو أطياف للتيارات، وليس مسألة مترابطة يصنعها تفاعل المواقف.

والمسألة اليوم ربما تتشعب لأن قدرة التواصل مفتوحة، ويستطيع الجميع استخدام الفضائيات، أو ملاحقة الصحافة لنشر بياناتهم، وفي أسوء الأحول فإن الإنترنيت قادر على خلق زيف في التعبير السياسي، أو وضع أحزاب افتراضية ومواقف رسمية افتراضية، أو حتى مواجهة افتراضية.

بالطبع فإن سورية تحتاج للحراك السياسي، ولتنشيط مساحات "حوار العقول" وليس صراعات المذاهب السياسية، وهو ما يستدعي أحيانا التفكير جديا بطبيعة التواجد السياسي داخل المجتمع، لأن الموضوع اليوم ليس الطاقة على التعبئة في تحركات "جماهيرية" ضد الضغوط، أو استنفار الإعلام لتسليط الضوء على الجوانب "المعتمة" في الرأي السوري. فلا يمكن الخروج من الأزمة في ظل صور متراكبة لا تستطيع الوصول إلى حلول معقولة، أو التعامل مع فيسفساء "تجريدية".

الرؤية الداخلية السورية بحاجة إلى "إدارة أزمة" تعالج الخيارات المتاحة بدلا من التذمر أو تحميل الأخطاء، أو الصراخ بوجه الضغوط المستمرة، فإدارة الأزمة هنا مترابطة بالفعل مع التفكير وبناء بحث جدي للمواجهة بدلا من التوقف عند حدود الإعلام أو وسائل الاتصال.

الرؤية الداخلية السورية ترتطم اليوم بحالات التخمين والاستنساب، في وقت يتحدث فيه الخطاب الرسمي عن المواجهة، وهو ما يحتاج إلى دقة ودراسة إضافة لبحث عن نوعية المواجهة المحتملة، لأننا بالتأكيد لسنا أمام حرب كلاسيكية حتى ولو استعملت فيها التقنيات العسكرية.

الرؤية الداخلية السورية هي "تيار ثان" يدرس الاحتمالات أينما كان وحيثما وجد، لأنه إذا كان الوطن في خطر فهو أيضا في ارتباك لعدم اعتمادنا على البحث والدراسة وورشات العمل على السياق الأوروبي وليس العربي".

ربما يكون "التيار الثاني" خارج إطار السياسة، لأن العقل اليوم هو القادر على خلق الاتفراج أو فتح مساحات وسط الخطاب "الأمريكي المتعجرف".

مصادر
سورية الغد (دمشق)