انعقاد مؤتمر بروكسل "محور من أجل السلام" يومي الخميس والجمعة الماضيين، حمل مؤشرات جديدة على صعيد تكثيف الجهود ضد تغيير خارطة العالم على سياق المحافظين الجدد.

والمؤتمر الذي نظمته شبكة الصحافة الحرة (فولتير) تعرض منذ بداية التحضير له لجملة من المشاكل نتيجة مساره العام الذي يخالف بشكل واضح الاستراتيجيات القائمة اليوم، وما ينتج عنها من خرق للعديد من المفاهيم التي ميزت العمل السياسي في ظل الحداثة. لكن مؤتمر بروكسل حقق أغراضه رغم عدم تمكن عدد من المدعوين الحضور إلى المؤتمر بسبب مشكلات تقنية متعلقة بتأشيرات الدخول التي حجبت عن بعض الجنسيات، لكن الإجراءات السياسية منحت المؤتمر صورة أقوى من تسجيل الموقف السياسي، لأنها استطاعت أن تسجل ثلاث نقاط أساسية:

- قدم المؤتمر عمقا في قراءة التجارب المعاصرة التي سحرت البعض بعد انتهاء الحرب الباردة. فالديمقراطية واقتصاد السوق ليست مجالا سحريا بل مساحات سياسية يمكن مدحها أو ذمها أو قراءتها على ضوء النظام العالمي الجديد. فالتجارب لا تخلقها تصريحات الرئيس بوش حول "النماذج التي يحتذى بها"، بل هي أيضا أشكال المعاناة المعاصرة لعمليات التبدل السريع باتجاه "الديمقراطية قبل الاستقرار نحو ثقافة جديدة داخل المجتمع.

- لم تكن اعمال المؤتمر مهتمة بتحقيق إنجاز واضح وسريع، فكل من قدم أوراق عمل كان مقتنعا بأن مجابهة الواقع السياسي ليست أمرا اعتباطيا أو ارتجاليا، فنحن على أبواب تشكيل نظام دولي وهو ما يستدعي تطوير العمل المدني والسياسي بهدوء. فمؤتمر بروكسل ليس على سياق تجمعات السلام التي ظهرت خلال الحرب الباردة، بل تأكيد على أن العالم يتسع لرأي آخر غير رأي المحافظين الجدد.

- صورة سورية سواء عبر وفدها الممثل بـ"سورية الغد" أو من خلال المداخلات التي أوضحت طبيعة الخطر بعيدا عن المشاحنات الداخلية بين "المعارضة والسلطة". حيث كان واضحا أن المسألة السورية ربما لا ترتبط فقط بتغيير السلوك أو النظام أو حتى نشاط المعارضة، وهذا مؤشر على أن السياسة السورية في مأزق وليس النظام السياسي أو المعارضة.

صورة مؤتمر بروكسل ستظهر خلال الأشهر القادمة بشكل أوضح، لأنه ليس مؤتمرا بالمعنى التقليدي، بل مسار جديد في إطار التكوين الدولي.