محمد ظروف المصدر/الوطن القطرية

ليس معقولا ولا مقبولا ان يكافئ اللبنانيون أو بعضهم على الاقل سوريا بهذه الطريقة ازاء التضحيات الكبيرة التي قدمتها للشعب اللبناني عبر مسيرة طويلة من العمل والنشاط بدأت منذ عام 1976‚ واستمرت حتى عام 2005‚ أي ان يتم توجيه كل انواع الاتهامات والقاذورات السياسية والاعلامية الى الشعب السوري
وان تصبح سوريا هي «العدو الاول» للبنان بدلا من اسرائيل التي غزت واحتلت اراضيه وما تزال‚ وان يتفرغ بعض اللبنانيين للاساءة الى سوريا‚ وإطلاق جميع الحملات السياسية والاعلامية ذات الطابع التحريضي ضد الشعب السوري‚ وحتى التطاول على كل الرموز السورية دون اي تمييز أو رادع وكأن هناك احقادا تاريخية بين البلدين وكأن السوريين هم الذين احتلوا لبنان وقتلوا ابناءه وغزوا أرضه وليس الاسرائيليين !

ومثل هذه المفارقة غير مفهومة لأن العودة الى الوقائع تؤكد أن سوريا قدمت ما يزيد على 12 ألف جندي سقطوا دفاعا عن لبنان اضافة الى خسائر مادية تقدر بأكثر من 30 مليار دولار ! ومع ذلك فإن بعض اللبنانيين يصر على مكافأة سوريا بتوجيه أكبر كم ممكن من الاتهامات والشتائم الى الشعب السوري‚ والادعاء ان لبنان قد تحرر من «الوصاية السورية» وانه استعاد الآن حريته وقراره الوطني المستقل وانه اصبح يحكم نفسه بنفسه في الوقت الذي يتم فيه تجاهل التدخلات السافرة والمريبة لسفيري اميركا وفرنسا في بيروت واللذين باتا يتدخلان في كل شاردة وواردة لبنانية‚ بما في ذلك تعيين الحراس والمديرين العامين ! وإذا كان الانسحاب السوري من لبنان قد طوى بالفعل أهم وأخطر صفحة في تاريخ لبنان فان منطق الاشياء يقول ان للشعب اللبناني مصلحة في استمرار التواصل مع الشعب السوري لأن هناك علاقات ووشائج تاريخية واجتماعية وأسروية واقتصادية واجتماعية تربط بين الجانبين وانه من الخطأ القاتل زرع الاحقاد والضغائن بهذا الشكل الذي يجري الآن بين سوريا ولبنان !
والغريب ان البعض يتجاهل القاعدة القائلة ان كل شيء يتغير بسرعة في العلاقات العربية ــ العربية اللهم الا إذا كان البعض في لبنان يريد احداث طلاق نهائي بين سوريا ولبنان تنفيذا لأجندة اميركية ــ اسرائيلية !

وإذا كانت الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة فؤاد السنيورة «متهمة» في نظر الجانب السوري‚ فان من المفترض ان تبادر هذه الاخيرة الى ازالة مثل هذه الشكوك وتقديم الضمانات لدمشق‚ ان لبنان لن يتحول الى مقر أو ممر للتآمر على سوريا‚
لكن ان يقول رئيس الحكومة فؤاد السنيورة إنه ليس مضطرا الى اثبات عروبته كل يوم‚ وذلك كنوع من التهكم على تصريحات ومواقف بعض المسؤولين السوريين فان في هذا كل الخطأ‚ لأن ما تطلبه سوريا من لبنان ليس الالتزام بالعروبة فقط‚ بل الابتعاد عن دائرة المشاريع الاميركية ــ الفرنسية ــ الصهيونية التي تحاك ضد سوريا عبر لبنان ! إذ ان الشعب اللبناني يفترض فيه عدم القبول ان يتم الانتقام من الشعب السوري عبر البوابة اللبنانية حتى لو كان هناك من يراهن على الخيار الاميركي لأن هذا المشهد لا بد ان يتغير كليا ويعود لبنان الى أحضان سوريا.