نجيب نصير

سؤال يضج في ذهني.. لماذا علينا ان نخترع سببا فكريا آخرا لصراع المصالح التي تجتاحنا هذه الأيام؟ لماذا علينا ان نتصرف وكأننا مهزومون لسبب خارج عن إرادتنا ؟ ولماذا على الجواب الساذج والقطيعي ان يأخذ مكانا في عقولنا وأرواحنا ؟ ولماذا على هذا الجواب ان يكون من المسلمات على الرغم من خطورته على بنيتنا الفكرية والاجتماعية بحيث نعود كمضغة جنينية تلعب بها المفترقات والاستحقاقات ؟ سبب هذا الضجيج هو انقلاب أو تراجع (إذا صح التعبير) نسبة كبيرة من المثقفين اللذين التقيهم عن ما كانوا يدعونه من فهم لواقع الأمر في هذه الهجمة الشرسة التي تتعرض لها بلادنا (بلداننا) على أنها صراع مصالح تتخاصم عليه وفيه الدول الكبرى في محاولة للسيطرة أو الهبش قدر المستطاع آخذة بعين الاعتبار قوانينها الداخلية الاجتماعية والحقوقية كما تأخذ بعين الاعتبار العزيزة إسرائيل لما لها من سطوة في مفاصل اتخاذ القرار السياسي والإعلامي في هذه الدول .

والفاقع في هذه الارتكاسة التراجع ، أنها تتطابق مع نظرة أي أمي متخلف لم يسع يوما لفهم التطور الحاصل بالعالم بل بقي يقطف تفاسير حالتنا من المقولات البسيطة الرائجة والتي تثير الكراهية والحنق والحقد ، بدلا عن التفكير والتحليل، بحيث تصبح المسألة داء واحد يحتاج إلى دواء واحد، هو الموت إما لنا أو لهم .... ومن هم ؟ الآخرون !!

تنطح احد المثقفين بجرأة جازما ان حروب القرن الواحد والعشرين هي حروب دينية ، لأنهم أي الآخرون سوف يقاتلونا لمجرد كوننا مسلمين ؟ ما هذه العبقرية الخالدة ؟ وعندما تعترض محاولا رد الحوار إلى عقلانية ما مع إظهار عداء كاف للغرب، يرد عليك بسيل بيروقراطي من الإجابات/الأسئلة: الم تر ماذا حصل في أبو غريب، وقضية الحجاب في فرنسا، و تذكر ما فعله الصرب بالبوسنة ،وألم تسمع بفلان كيف عاملوه في مطار موسكو أثناء مشكلة مدرسة بيسلان في اوسيتيا .... ما تفسير هذا أو ليست حرب صليبية جديدة ؟ كيف الإجابة على قضايا تفصيلية ،في هذا السياق العمومي المبتسر؟ هل تعود لشرح الحروب الصليبية كما المراجع التاريخية، أم تجلس لتشرح حرب البوسنة أسبابا ونتائج ام تعيد شرح القانون الفرنسي اللاديني وعلاقته المتساوية مع مواطنيه ، وكيف ستشرح فصل الدين عن الدولة الذي يعتقد به هذا المثقف إذا كان جوابه إنها تقية.

لا ادري إلى أين نسير إذا كان المثقفون يخضعون للاميين، لا ادري إلى أين نسير إذا كان هكذا نوع من الوعي يسيرنا ، لا ادري إلى أين نسير إذا كان ضرر هكذا نوع من المعرفة اكثر من فائدته !!!!!