الأمم المتحدة مستعدة لتأمين مقر للاستجواب

النهار:شعبان عبود

بعد يومين من توجيه دمشق رسالتين الى الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ورئيس مجلس الامن طالبة مساعدتهما لدى لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري لتوقيع بروتوكول تعاون، شهدت العاصمة السورية أمس جملة من الاتصالات والتحركات العربية الديبلوماسية فتلقى الرئيس بشار الاسد اتصالا هاتفيا من الرئيس المصري حسني مبارك وتسلم رسالة من الملك عبدالله الثاني بن الحسين، كما استقبل مستشار الرئيس السوداني مصطفى عثمان اسماعيل.

وجاء في بيان رئاسي مقتضب نقلته الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" ان الاسد ومبارك عرضا في اتصالهما "آخر المستجدات في المنطقة والتعاون السوري مع لجنة التحقيق الدولية".

وتسلم الاسد لدى استقباله رئيس مجلس الامن الوطني الاردني معروف البخيت رسالة من العاهل الاردني "تتعلق بآخر التطورات السياسية في المنطقة وبالعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين".

وسلم مستشار الرئيس السوداني الاسد رسالة من الرئيس عمر حسن أحمد البشير "تعبر عن تضامن السودان مع سوريا في الظروف التي تمر بها وعن استمرار التنسيق والتعاون بين البلدين الشقيقين سوريا والسودان. وخلال اللقاء تناول الحديث بين الاسد وعثمان "الاوضاع في المنطقة والعلاقات الاخوية بين البلدين ووسائل تعزيزها".

اسماعيل

وبحث وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ومستشار الرئيس السوداني في "مستجدات الاوضاع الاقليمية والدولية ونتائج الاجتماع التحضيري لمؤتمر الوفاق الوطني العراقي الذي عقد في مقر جامعة الدول العربية". وعبر اسماعيل "عن تضامن السودان مع سوريا في مواجهة الضغوط والحملات الظالمة التي تتعرض لها". وصرح عثمان بأن هدف زيارته لدمشق "هو تأكيد تضامن الجمهورية السودانية مع الشقيقة سوريا" وان الخرطوم "تبذل جهودا من اجل تنقية الاجواء العربية، لأنه في اقل من ثلاثة اشهر سوف تستضيف السودان القمة العربية وانها تريد ان تكون الاجواء العربية افضل وان تكون قمة الخرطوم قمة عمل لا قمة مشاحنات". ورأى ان سوريا "مستهدفة ولديها ارض محتلة ولديها قضية، والمقصود من هذا الاستهداف اضعاف سوريا، والمطلوب من الامة العربية ان تقف الى جانب سوريا في هذه اللحظة".

وتطرق الى مبادرة سودانية للتقريب بين سوريا ولبنان، مؤكدا ضرورة "وجود تنسيق سوري – لبناني وان تكون العلاقات بينهما طيبة". وقال ان التحرك السوداني من خلال المحادثات مع الاطراف العرب تركز على "كيفية ان يكون هناك عمل عربي مشترك يحدد الهدف الاساسي في اطار مهني، وهو معرفة الجناة الذين اغتالوا الحريري ومعاقبتهم وفي الوقت نفسه ان لا تستغل هذه العملية لاستهداف سوريا"، داعيا الى "تعاون الدول العربية مع سوريا للوصول الى الحقيقة، بالاضافة الى التعاون بين سوريا ولبنان لاعادة بناء الثقة بين البلدين". وقال: "نحن نريد من كل دولة عربية ان توظف علاقاتها الاقليمية والدولية في هذا المجال للتحرك في الاتجاه الصحيح". وفي هذا المجال اشار الى "افكار مطروحة عن تحرك عربي على مستوى الرئاسة والجامعة العربية، كذلك على مستوى عقد القمة، وعلى مستوى المجموعة العربية في نيويورك".

وعن سوريا والعراق اوضح "ان الافكار ايضا تمتد لتؤكد ضرورة ان تكون سوريا والعراق قطرين متجاورين وعدم السماح للاوضاع السائدة في العراق بأن تؤثر على العلاقات السورية – العراقية". واشار الى انه بحث في هذا الموضوع مع رئيس الوزراء العراقي ابرهيم الجعفري في القاهرة وانه "سيطلع" المسؤولين السوريين على نتائجها.

ويتوجه اسماعيل الى لبنان للقاء الرئيس اميل لحود ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة.

رسالتان من الشرع

وكان الشرع بعث الثلثاء برسالتين الى انان ورئيس مجلس الامن.

وافاد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية ان "الرسالتين اكدتا باسم الجمهورية العربية السورية التزام التعاون مع لجنة التحقيق الدولية واشارتا الى ان استمرار التعاون يتم على رغم النتائج غير المدعمة التي قدمها تقرير لجنة التحقيق وطبيعته الافتراضية التي شرحتها سوريا بالتفصيل في مجلس الامن".

واضاف ان الرسالتين "اوضحتا ان سوريا تعتقد ان قرار مجلس الامن 1636 يجب تفسيره وتطبيقه وفقاً لمبادىء القانون الدولي العام المتعارف عليها، ونتيجة لذلك لابد ان تنسجم عملية لجنة التحقيق الدولية مع المعايير المناسبة للعدالة، كما لا بد من انسجامها مع معاهدة التسليم السورية – اللبنانية لعام 1951" ولاحظ، "ان القرار 1595 المؤكد بالقرار 1636 يقر هذا المبدأ، في ما يتعلق بلبنان، الا انه لا وجود لشيء مماثل في القرار 1636 بالنسبة الى سوريا على رغم انها شكلت لجنة قضائية سورية خاصة لمساعدة اللجنة الدولية في انجاز مهمتها وهي لا تزال في انتظار رد من اللجنة الدولية على مراسلاتها".

واكد ان الشرع "قال في رسالتيه انه تجنبا لاي التباس حول مسألة التعاون، فان من الضروري تحديد اسسه ومعاييره في بروتوكول تعاون بين سوريا واللجنة ينطلق من مراعاة عناصر هذا التعاون لمقتضيات السيادة الوطنية السورية ولحقوق الاشخاص السوريين".

وجاء في الرسالتين "ان سوريا كانت قدمت الى السيد ميليس خلال اجتماعه مع المستشار القانوني لوزارة الخارجية في تاريخ 18/11/ اقتراحات يمكن تضمينها في بروتوكول تعاون بين الجانبين بما في ذلك اتاحة لقاء الاشخاص السوريين المطلوب الاستماع اليهم". و"طلبتا مساعدة رئيس مجلس الامن والامين العام للامم المتحدة في انجاز بروتوكول تعاون مع الحكومة. السورية وذلك احتراما لميثاق الامم المتحدة ومقتضيات السيادة السورية". واكدتا "ان سوريا تنطلق من ان هدف مجلس الامن هو الوصول الى حقيقة ما جرى في الرابع عشر من شباط 2005 مثلما هو هدف الجمهورية العربية السورية".

وامس، تظاهر في حرم جامعة دمشق مئات من الطلاب العرب الذي يدرسون في الجامعات السورية، تضامنا مع سوريا.

الأمم المتحدة

في نيويورك (الأمم المتحدة)، أبدت المنظمة الدولية استعدادها لوضع أي مقر لها في تصرف رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري القاضي ديتليف ميليس اذا طلب ذلك لاستجواب الضباط السوريين الستة المشتبه فيهم.

وصرح الناطق باسم الامين العام ستيفان دوجاريك في مؤتمر صحافي: "سنضع في تصرف ميليس أي مقر ضروري ليتمكن من القيام بعمله، لكن المهم ان يتوصل الى اتفاق مع السلطات السورية".

وكان دوجاريك يرد على سؤال عما اذا كان ميليس طلب من الامم المتحدة ان تؤمن له مقرا في أوروبا مثل مدينة جنيف. وقال الناطق انه "تفصيل لوجستي"، مكررا ان القرار المتعلق بتفاصيل الاستجواب ومكانه "يعود الى ميليس وحده".

والثلثاء أكد أنان لدى عودته من رحلة استمرت اسبوعين وتمحورت على الشرق الاوسط، ان الطريقة التي يجرى فيها التحقيق وخصوصا اختيار مكان استجواب الضباط السوريين الستة "هو من اختصاص ميليس" الذي "يؤدي عمله باحتراف وكفاية". لكنه أضاف: "أتيحت لي أحيانا الفرصة لمساعدته، وتشجيع المسؤولين في المنطقة على دفع سوريا الى التعاون والتعاون التام. أعتقد ان من واجبي كأمين عام ان أقوم بكل ما في وسعي للمساعدة ولتمين تعاون الجميع". واعلن ان كثيرين من مسؤولي الشرق الاوسط ابدوا له قلقهم من هذه القضية و"انهم يأملون في ان تتعاون سوريا وتسوى القضية ديبلوماسياً لئلا تؤدي الى وضع يزعزع استقرار سوريا ولبنان. لذلك اعتقد ان الفكرة القائلة بان يمارس الجميع الضغوط على سوريا مقاربة جيدة".

وكانت تقارير صحافية قالت الجمعة ان الولايات المتحدة اعربت عن بعض الاستياء مما اعتبرته تدخلات كثيرة للامين العام لدى دمشق وعواصم اخرى في المنطقة لامتناع سوريا بالتعاون، آملة في ترك ميليس يقوم بعمله.

بولتون

وتعليقاً على طلب سوريا توقيع بروتوكول تعاون مع لجنة التحقيق، قال المندوب الاميركي الدائم لدى الامم المتحدة السفير جون بولتون ان " موعد 15 كانون الاول (انتهاء مهلة تحقيق ميليس) يقترب كل يوم والسوريون يعلمون ذلك ونريد منهم ن يقدموا الشهود الى ميليس".

واضاف ان على السوريين "التعاون معه، وعدم البحث عن اشخاص آخرين في اطار مواصلة اعاقة" التحقيق. واكد ان مجلس الامن ينتظر من ميليس ان يبلغه "اذا كانت سوريا قدمت التعاون أم لا".