أورينت برس

الفرنسيون الذين ما زالوا يخمدون حرائق الضواحي، متخوفون، إلى أبعد الحدود، من حرائق الشرق الأوسط• يعارضون الضربة العسكرية (ولكن •••) حتى لا يشق ’’أبومصعب الزرقاوي’’ طريقه إلى دمشق كما شقها سابقاً إلى بغداد ليفرض واقعاً كارثياً في هذا البلد بامكاناته الهائلة••

آثار مأساوية لأي اتجاه نحو البلقنة، وان كان الفرنسيون يلاحظون بعض أوجه الشبه بين العراق ويوغوسلافيا• هل هناك من شبه بين ’’صدام حسين’’ و’’جوزف بروز تيتو’’؟

باريس عاصمة النور، وقد تحولت لعدة ليال، إلى عاصمة النار تتقاطع فيها المعلومات والمواقف والاتصالات• يسمع فيها كلام حول محاولة أميركية لتنظيم انقلاب انتقالي في سوريا يفضي إلى انتاج نظام بديل بعيد عن الصدمات الكهربائية التي تعني، حتماً، الصدمات الكهربائية•

من العاصمة الفرنسية: نتابع التفصيلات في التقرير التالي••

لم تكن باريس بحاجة إلى كل تلك الحرائق لتعمل ضد تسويق الحرائق في الشرق الأوسط ما حدث في عمّان أذهل أهل السياسة والإعلام في فرنسا• لمن يعمل ’’أبومصعب الزرقاوي’’؟

السؤال طرح على أعلى المستويات، مع توقع أحداث مأساوية لاحقة في المنطقة، وهو ما يستدعي حداً أقصى من الحيطة واليقظة لأن ما فعله ’’الزرقاوي’’ كان بأمر من قيادة تنظيم ’’القاعدة’’ التي وضعت استراتيجيتها الخاصة باشاعة الفوضى الدموية للتأكيد على هشاشة الأوضاع القائمة، وبالتالي فتح الأبواب أمام كل الاحتمالات•

لا أحد يقول إن الرأس الفرنسي يشبه الرأس الأميركي• لا بأس أن تتحدث ’’وكنار انشينه’’ عن الفارق بين الكاوبوي والفيلسوف، فحين يتحدث رجل مثل ’’وليم كريستول’’، وهو أحد كبار منظري إدارة الرئيس ’’جورج دبليو بوش’’، يقول إنه لولا سياسات القوة التي انتهجتها هذه الإدارة لأصبح ’’أسامة بن لادن’’ ملك الشرق الأوسط•

هذا ليضيف ان زعيم تنظيم ’’القاعدة’’ توخى، من خلال أحداث 11 أيلول/ سبتمبر في نويويرك وواشنطن، أن يؤكد البعد الكوني لحركته• اختار أهدافه بدقة ليطرح نفسه القطب الآخر بعد زوال الاتحاد السوفيتي، ولم يكن يتوقع البتة، وهذا يعود إلى قصور مذهل في الرؤية، أن يبادر الرئيس ’’بوش’’ إلى إعلان الحرب على افغانستان لأن النموذج السوفيتي كان أمامه••

صناعة الخوف

البيت الأبيض فاجأ رجل قندهار، أو لنقل رجل تورا بورا، حين راحت القاذفات الأميركية تدمر نظام ’’طالبان’’• أصبح ’’بن لادن’’ رهين الكهوف• فقد الكثير من امكاناته اللوجيستية والعملانية، كما أن الشبكة العالمية تعرضت لسلسلة من الضربات، دون أن تمثل العمليات الارهابية في دار السلام، او بالي، أو شرم الشيخ، أو طابا، أو مدريد، أو عمان، أكثر من نموذج على أزمة قيادة ’’القاعدة’’ المنهجية غائبة كما هو واضح، ضربة هنا وهناك• هذه صناعة الخوف فقط، والدليل انه قبل تفجير القنابل في عمان، كانت استطلاعات الرأي تظهر، وبتأثير الأوضاع في العراق، أن 60 في المئة من عينة أردنية عشوائية يؤيدون ’’القاعدة’’، فإذا بهذه النسبة تزول أو تكاد تزول بعد عملية الفنادق•

المطاردة يجب أن تستمر ’’القاعدة’’ ترتكب الخطأ تلو الخطأ، ودائماً هناك لجوء إلى الظاهرة السعودية، الوثائق التي تم العثور عليها بينت، بما لا يقبل الشك، ان ’’بن لادن’’ كان يعد لعملية متكاملة الطريقة التي اعتمدها كانت ساذجة، وعشوائية، وهمجية في آن، وهذا ما جعل الخلايا تتهاوى الواحدة بعد الأخرى، رغم التغير في الأساليب المهم في هذا ليس الفاعلية الأمنية، وانما ردة الفعل لدى الشعب السعودي الذي يلتف، بأكثريته السابقة، حول الملك ’’عبدالله بن عبدالعزيز’’•

الفرنسيون لا يعترضون، لكنهم يعتبرون أن خطأ ما، هائلاً، قد حدث في ما يتعلق بالحرب في العراق• ولقد تمكن ’’الزرقاوي’’ أن يمتطي ظهر الخطأ وأن يفرض واقعاً معيناً في العراق، مع امتداد سيكولوجي لا مجال لاغفاله، حتى أن معلقين فرنسيين بارزين لا يتورعون عن التساؤل وفي اتجاه معين: من شق الطريق أمام ’’بن لادن’’ ليصل إلى بغداد؟

الخطأ فلسفة عمل

لا تشعر في باريس ان ثمة اقراراً، ولو بالحد الأدنى، بصدقية السياسات السورية، ان حيال لبنان الذي عاش أسوأ نموذج للعلاقات العربية - العربية، لا بل انهم يستغربون ان ترتكب كل تلك الأخطاء في مدة قياسية بالطبع لا أحد يحاسب أحداً، مع ان الذين دمروا العلاقات السورية - اللبنانية معروفون جيداً• لم يدمروا العلاقات فحسب، بل انهم وضعوا بلادهم عند حافة الهاوية• ثمة اعتراف بالأخطاء، هكذا على نحو فضفاض وعائم دون اعطاء الأمور الجدية اللازمة بمساءلة أو بمحاسبة كل مسؤول عن الخطأ الذي ارتكبه، الا إذا كان الخطأ هو بمثابة فلسفة عمل•

استطراداً، بين يدي الاستخبارات الفرنسية معلومات من جهات مختلفة، تؤكد على ضلوع ضباط سوريين في التخطيط، كما في تنفيذ جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق ’’رفيق الحريري’’ من الطبيعي أن يلقى هؤلاء جزاءهم أما إذا كانوا أبرياء فعلاً، فليس هناك من قوة في الأرض تستطيع ادانتهم• لماذا كل ذلك القلق السوري إذا؟

وفي نظر باريس التي ترفض عقوبات تؤدي إلي ’’خنق’’ الشعب السوري، مثل الحظر الجوي مثلاً، ان أهم ما يفترض بدمشق أن تفعله هو التعاون المفتوح مع التحقيق الدولي، دون الرهان على الوقت أو على التقلبات الاقليمية والدولية، فالوضع حساس جداً، والأميركيون يواجهون وضعاً حرجاً في العراق رغم كل الانجازات التي تحققت على الأرض في الآونة الأخيرة، وهذا ما قد يدفعهم إلى انتهاج السبيل نفسه الذي اعتمدوه في الهند الصينية• يمكن كثيراً أن ينتقوا أهدافاً ’’نوعية’’ حتى داخل دمشق• هل هذا يعني أن قضية لجنة التحقيق الدولية تستخدم كذريعة فقط؟••

البعد الإمبراطوري

من الطبيعي أن تكون النظرة الأميركية، بالبعد الإمبراطوري، أكثر شمولية من النظرة الفرنسية التي، إذ تركز على لبنان، تخشى أن يشق الأميركيون الطريق أمام ’’الزرقاوي’’ والانتقال إلى دمشق• هذه مسألة ليست مستحيلة، ولا هي بالصعبة• لكن الفرنسيين يقولون إن على دمشق أن تتعاون، وبعدما مضت خطوات في مجال التقشف الجيوبوليتيكي الذي فرضه التواجد الأميركي في العراق والذي بلغ ذروته، وان تحت مظلة قرار مجلس الأمن رقم ،1559 كان ’’المقاومة’’ أو ’’الصمود’’ شعار غامض إذا ما أخذت بالاعتبار معطيات شتى، من بينها الاختلال المروع في موازين القوى، والقطيعة الدولية الواسعة، فضلاً عن المناخ العربي الذي تشكل عقب اغتيال الرئيس الحريري وحصول ما حصل فوق الأرض اللبنانية•

الفرنسيون يعارضون، بشدة، توجيه أي ضربة إلى سوريا• بعض من في الإدارة يتفهم حيثيات الموقف الفرنسي، وقد طرح تنظيم انقلاب انتقالي يتولى بناء الظروف التي تؤدي إلى انتخاب هيئة تأسيسية• في باريس يؤكدون ذلك، كما يؤكدون التطورات الدراماتيكية في العراق، وحالة الحصار التي تفرض على النظام، جعلت المؤسسة العسكرية تلتف حول الرئيس ’’بشار الأسد’’• لا مجال البتة لأي انقلاب عسكري، كما لا مجال البتة لتطوير العلاقات مع واشنطن الا في اطار ’’تسوية’’ شاملة•

على السوريين أن يرضخوا

الأميركيون يعتبرون أن الزمام بأبديهم• لا تسوية، بل يقتضي على السوريين ان يرضخوا كيف، وإلى أي مدى، مع اعتبار انعكاسات ذلك على نظام يعترف أهله بأنه في حالة من المراوحة بسبب الضغوط التي يتعرض لها•

ثمة تباينات واضحة بين الموقفين الفرنسي والأميركي، لكن الغلبة في الأمر لواشنطن التي، وكما تقول ’’جين كيركباتريك’’، المندوبة السابقة لدى الأمم المتحدة، انه يفترض بها أن تقفل ’’بوابات النار’’ في الشرق الأوسط• أما الرئيس ’’جاك شيراك’’ فيعتبر أن الضغوط المباشرة تكفي، والا فإن ’’أبواب جهنم’’ التي فتحت في العراق قد تفتح أيضاً في دمشق، مع احتمال أن تتوسع مساحة الحرائق في اتجاهات مختلفة•

وهنا يقول ديبلوماسي أميركي في باريس: ’’غريب أن نؤخذ بهاجس ان يفعل السوريون كذا وكذا، مجرد الاقتناع بأن باستطاعتهم اضرام النيران، يقتضي، في الحال، وضع حد لذلك الخطر، اذ لا يعقل أبداً ترك الحرية لأي دولة على اتصال مع البؤر الارهابية، أو تؤمن لها الخدمات، أو أنها تستخدمها، وهذا ما نشكو منه تحديداً، ليضيف: ’’أي منطق يجعل قوة ضاربة في لبنان هي ’’حزب الله’’ الذي يشكل الذراع التكتيكية والعملانية للتحالف السوري - الايراني، تمتلك تلك الترسانة الهائلة من الصواريخ والفظيعة في آن’’• يضيف الديبلوماسي: ’’ليس صحيحاً ما يقال من اننا لا نفهم الشرق الأوسط قد تكون حدثت اخطاء في العراق الذي تحكمه ظروف معينة، الحقيقة اننا نحن الذين نفهمه المجتمعات هناك منهكة، وضائعة لا أحد يمكنه الرهان على المستقبل، وهو ما يجعل الأيديولوجيات القاسية تتسلل في كل الاتجاهات•• نحن لسنا مستعدين لابرام أي تسوية• أنا لا أتصور أبداً ان باستطاعة الزرقاوي أن يعمل هكذا، بكل تلك الحرية، دون مساعدة من دولة مجاورة تقول معلوماتنا انه خضع فيها للمعالجة، وان عبرها يتم تسريب الرجال والأموال•••’’•

ما الحل إذا؟ يقول الديبلوماسي الأميركي ان اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق ’’رفيق الحرير’’ انما يندرج في سياق معين يرمي إلى تفعيل ’’المؤسسة الإرهابية’’ في المنطقة ليس مسموحاً الاعتراض، في اعتقادي أن وقت اللعب قد انتهى• حبذا لو يدركون في الوقت المناسب•••’’•

وماذا إذا لم ’’يدركوا’’؟ يقول الديبلوماسي الأميركي: ’’يعرف الفرنسيون وجهة نظرنا القرار رقم 1636 واضح واضح أيضاً إلى أين يصل بالأمور إذا حاول السوريون الالتفاف حوله، كما العادة نستطيع أن نتريث لــ ’’دقائق’’، ولكن علينا أن نتذكر أن كل شيء يفترض أن ينتهي في 15 كانون الأول/ ديسمبر المقبل• عقارب الساعة تضغط كما نعلم، لا أدري على ماذا يراهن السوريون’’•

واضح أن العيون الأميركية كلها على دمشق باريس خائفة من أي سوء في التقدير قد يدفع سوريا إلى الفوضي• إذا حدث ذلك لا يمكن للبنان أن يكون بمنأي عن التفاعلات الخطيرة بسبب حساسية التركيبة الداخلية• ودون ان يكون سراً أن الفرنسيين سمعوا كلاماً من الأميركيين حول ’’الصيغة المستقبلية لسوريا’’• الفيدرالية مطروحة• ولكن هل يمكن أن يحدث هذا بتفاهم أم بصدام معه؟

هناك في باريس أكراد سوريون السيدة ’’دانيال ميتران’’، زوجة الرئيس السابق ’’فرنسوا ميتران’’، هي التي تعهدت بتغطية نفقات تعليمهم، عبر هيئات مختلفة• جميعهم أنهوا دراستهم ولم يعودوا إلى بلادهم البعض منهم يتحدث عن وعود هامة تتعلق بالجيب الكردي، وان استخدموا تعبير ’’الامتدادات الكردية’’ في سوريا، ليعترفوا أيضاً بوجود تواصل واسع النطاق مع ’’اقليم كردستان’’ العراقي•

اللافت أنهم يتكلمون بلهجة واثقة، ويعتبرون انه ليس باستطاعة السلطة ان تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، ناصحاً بأن نزور المناطق الكردية لكي نستمع إلى ما يقوله الناس ’’الذين لم يعودوا يخافون قطعاً من المجاهرة برأيهم’’•

المرثيات السومرية

لكن الفرنسيين يبدون وكأنهم لا يمتلكون أي تصور حول مستقبل الوضع العراقي سمعوا من الأميركيين كلاماً قطاعاً بأنهم لن يخرجوا من هناك لأن المنطقة، بأسرها، ستتحول إلى غابة من الحرائق الاتنية والطائفية•• دول كثيرة تعاني من الاهتزاز• وإذا كانت هناك حكومات قد أتت لمجتمعاتها مستوى معيناً من الرخاء، فإن حكومات أخرى تدفع بالمجتمعات إلى الفاقة وانعدام الأفق•

هل يعني هذا ان التراجيديا العراقية ستتواصل؟ عادة يؤتى برجال إلى الــ ’’كي دورسيه’’، حيث مقر وزارة الخارجية• يعتبرون من النخبة المثقفة• وعلى هذا الأساس يستعيد ’’اوبير فيدرين’’ ’’المرثيات السومرية الكبرى’’• هذه المرثيات التي يقول الباحثون انها هي التي أوحت بمرثيات ’’إميا’’ في التوراة انما تقدم نبوءة سوداء، سوداء جداً، حول دموع النخيل، أيضا حول بكاء المقابر• ثمة مفردات تستخدم تتجاوز، بكثير، المفردات الإغريقية• كما نعلم، إلى حد كبير يختلط السياسي مع الثقافي لدى الفرنسيين الذين يعتبرون ان المخزن اللاهوتي في الشرق الأوسط هو من الحساسية، والاتساع، بحيث لا يمكن له أني تيح للمنطقة أن تنعم، كما المناطق الأخرى من العالم، بالحد الأدنى من السكينة• فقط مجرد إشارة، أن الشاعر الفرنسي الشهير ’’لوي اراغون’’ والذي اتخذ خلفية اندلسية لمسرحيته الشعرية ’’مجنون إلسا’’، وصف ’’أبا الطيب المتنبي’’ بأنه أكبر شعراء الدنيا، ولكن ليسأل: ’’حين قال ’’قلق كأني على ريح’’، هل كان يختزل شخصيته أم كان يختزل الشرق’’؟ يذكر الفرنسيون أيضاً قول الجنرال ’’شارل ديغول’’: ’’اذهب إلى الشرق المعقد بأفكار بسيطة’’•

العراق•• اليوغوسلافي

واجفة باريس ومتوجسة• المشهد حساس للغاية• وإذا كان العراق يعيش مأزق الدم، فإن الولايات المتحدة تعيش أيضاً مأزق الأفق المسدود هناك ثمة جنود، مواطنون، يموتون يومياً، وإذا كانت العملية السياسية تمضي بموازاة العملية الدموية، لا مجال للقول إن بامكان الوضع الراهن ان يستمر إلى ما لا نهاية، إذ مع كل يوم تتآكل مقومات الدولة الموحدة، مع اقتناع الكثيرين بأن كلمة ’’فديرالية’’ في بلد مثل العراق ليست أكثر من غطاء شفاف جداً للتجزئة التي لا يمكن التعاطي معها كحدث عابر• تسمع في باريس ان العراق لا يمكن أن يكون يوغوسلافيا، وأن تأثير أي انفجار داخلي لابد أن يكون مدوياً، ومع ذلك فإن تفكك الاتحاد اليوغوسلافي لم يمر بسلام• إن جثثاً كثيرة سقطت، قيماً كثيرة تهدمت، وكذلك مؤسسات زالت من الوجود، دون أن تجدي نفعاً كل المحاولات التي بذلها الاتحاد الأوروبي لاحتواء التطورات، مما استوجب التدخل الأميركي من خلال الديبلوماسي المخضرم ’’ريتشارد هولبروك’’ (اتفاق دايتون)• هناك البلقان الذي تعرض لــ ’’البلقنة’’• ماذا إذا تعرض الشرق الأوسط للبلقنة؟ هذا هو الأمر الذي يخيف الفرنسيين بالنظر لحساسية المنطقة، إن بسبب موقعها الجيو - ستراتيجي، أو لكونها تحتوي على الجزء الأكبر من احتياط النفط في الكرة الأرضية، ناهيك عن امكانية تحولها إلى مصنع هائل لانتاج الافكار الراديكالية بالخلفيات الأيديولوجية المعروفة•

رئيس الوزراء الفرنسي ’’دومينك دوفيلبان’’، وكان وزيراً للخارجية، يعارض، بشدة، البلقنة، ويقول بالمساعي المشتركة والمكثفة من أجل احتواء الوضع العراقي على أساس عقلاني وبعيد المدى، وإن مع الاعتراف بأن هذا الوضع هو من التعقيد وعلى نحو يفوق التصور، ودون ان يظهر في الافق ما يشير إلى أن بالامكان، وقبل انتهاء ولاية الرئيس ’’جورج دبليو بوش’’، تحقيق ’’رؤيته’’ الخاصة بالدولة الفلسطينية، فالدولة العبرية مقبلة على انتخابات، ورغم لك الأضواء التي تسلط على زعيم حزب العمل الجديد ’’عمير بيرتس’’ على انه خارج من الهستدروت (اتحاد النقابات)، وعلى انه يستقطب غالبية اليهود الشرقيين الذين يقولون ’’بيرتس ديالنا’’، باللهجة المغربية، أي ’’بيرتس منّا’’، فالثابت أن المزاج العام الإسرائيلي هو مزاج يميني، وينحو باتجاه التشدد، حتى أن ’’آمنون كابليوك’’، الكاتب المعروف، يحذر من ’’ليلة الحاخامات’’، أي ان الليبراليين واليساريين لن يستطيعوا إحداث تغيير دراماتيكي في البنية الراهنة للكنيست•

ما هو العلاج الفرنسي المطلوب ضد التدهور؟ ديبلوماسية هادئة، صارخة أحياناً، ولكن دون أي صدام مع الولايات المتحدة، لا وبل الوقوف معها في منعطفات معينة، لــ ’’اننا لا نريد للكرة الأرضية ان تفلت منا’’، أي من البشرية، حسبما يرى وزير الخارجية الأسبق ’’ايرفيه دوشاريت’’••