مؤتمر محور السلام ببلجيكا يوم 17 نوفمبر 2005
من اليسار إلى اليمين: أندرياس فون بولوف ( أمين عام دولة ووزير ألماني سابق)، سليم الحص (ريس وزراء لبناني سابق)، تييري ميسان رئيس شبكة فولتير، أنطوني ( رئيس المجلس القومي الأمريكي للعلاقات الأمريكية العربية)، هنريك رومان هرنانديز (نائب رئيس المعهد الكوبي للصداقة بين الشعوب) وصبحي طوما (سجين سياسي سابق بالعراق، وعضو إدارة المؤتمر القومي العربي).

وكأولى من نظيراتها، انعقدت مبادرة "محور من أجل السلام 2005" يومي 17 و18 نوفمبر2005 بالعاصمة البلجيكية بروكسيل. وقد حضر المؤتمر مائة وخمسون شخصية قدمت من سبع وثلاثين دولة وبدعوة من شبكة فولتير، من أجل تحرير خطاب فعال مدافع عن السلام.

على شاكلة " دافوس بخصوصية احتجاجية"، انعقد مؤتمر محور من أجل السلام مشابها لقمم دافوس من حيث الجمهور الذي حضر والمتشكل من مسئولين سياسيين، دبلوماسيين، عسكريين ونخبة من المثقفين. ويقترب هذا المؤتمر أيضا في شكله من المنتديات الاجتماعية الدولية، من حيث كونه عرض مقترحات احتجاجية تجاه النظام الدولي الحالي. وخلال يومين من النقاش، اجتمع المشاركون تحت رئاسة السيد تييري ميسان، في موائد مستديرة وجلسات نقاش تهدف إلى دراسة الأشكال المختلفة للتدخل الأجنبي والممارسات القمعية بالعالم. وقد سعى المشاركون إلى تحديد آليات وتقنيات، وتوصيف استراتجيات مشتركة من أجل الوقوف في وجه كافة أشكال التدخل الأجنبي.

وقد وقع المشاركون يوم 18 نوفمبر، بيانا ختاميا، أدانوا فيه التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، والخطر الذي تمثله بشأن السلام العالمي. "بتحريض من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية، اندفع تحالف عسكري في مرحلة جديدة من عملية ترسيخ كل أشكال التدخل الخارجي والتوسع الاستعماري ومحاولات قلب الأنظمة والسيطرة على مصادر الطاقة والمواد الأولية" أعربوا عن قلقهم: " ولقد خرق هذا التحالف كل مبادئ وقيم الأنظمة والشرعية الدولية التي أقرتها مؤتمرات لاهاي والتي صدرت في مؤتمر سان فرانسيسكو "

سليم الحص

" كلما انتهكت سيادة الشعوب، كلما أدى ذلك إلى أعمال إرهابية"

أثناء مداخلته الافتتاحية، ذكر رئيس الوزراء اللبناني السابق سليم الحص، أنه لن يكون هناك سلام طالما غابت العدالة وساد القمع. :" إن الدول المستعمرة ترى شعوبها تختطف من بين يدها". وأضاف قائلا: "ولا يمكننا حينها الحديث عن السلام" مزيلا بذلك اللبس الذي تمارسه ثلة المحافظين الجدد. كما أشار الحص إلى أنه " كل شخص يحمل السلاح دفاعا عن وطنه يصنف مباشرة على أنه إرهابي. وانه يتوجب علينا أن نعلن صراحة أنه "كلما انتهكت سيادة الشعوب، كلما أدى ذلك إلى حدوث أعمال إرهابية". رافضا بذلك أن يصنف الأشخاص والمجموعات المقاومة للولايات المتحدة، على أنها مجموعات "إرهابية".

أما من ناحيته، فقد أكد الجنرال رونيه فارغاس بازوس،

الجنرال رونيه فارغاس بازوس

قائد القوات العامة: " إذا صح لنا أن نصفهم بالإرهابيين، فانه يصح لنا القول إذن أن كل الحروب التي تجري اليوم هي حروب إرهاب".

أما السيد صبحي طوما، من أصل عراقي، و أحد الأعضاء المؤسسين للمؤتمر الدولي الأول لمناصرة المقاومة العراقية بباريس، فقد أشاد باحترام، بعظمة شعبه العراقي المقاوم في وجه الاحتلال الأمريكي. وقد أكد الجميع في نهاية المؤتمر، أن حق الشعوب في تقرير مصيرها يبقى في متناول هذه الأخيرة. وقد أرسل البيان الختامي، نداءا إلى مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة جاء فيه: " إننا ندعوهم إلى احترام سيادة الدول، والتي تشكل أساس القانون الدولي، والشرط الرئيس لعملية تجسيد قيم الديمقراطية الحقة".

التحالف يختلق مجموعات إرهابية ويدعمها

ويبستر تربلي مع فيليب بيرغ

وقد شكلت قضية الإرهاب الإسلامي العالمي، محور إحدى الندوات بالمؤتمر، وقد اجمع المتدخلون فيها على وصف هذا المفهوم بكونه أداة دعاية يستخدمها التحالف. الوزير الألماني السابق أندرياس فون بيلوف من ناحيته، تحدث عن السيناريو الذي دبر أثناء أحداث 11 سبتمبر2001، موضحا كيف أنه حضر لهذا السيناريو من داخل الولايات المتحدة نفسها، من أجل تبرير وشرعنة العمليات العسكرية الحالية. أما الصحفي الأمريكي ويبستر تربلي، فقد أوضح قائلا : " لا يمكننا فهم السياسة الحالية للولايات المتحدة إذا لم نقدر فعليا أحداث 11 سبتمبر. إن تفجيرات 11 سبتمبر كانت بمثابة انقلاب عسكري. وان الحرب على الإرهاب تستند على أسطورة، وصارت ديانة الدولة منذ أن وقعت تلك الأحداث. وان فتح تحقيق جاد مشابه لتحقيق روسيل إبان حرب فيتنام، من شأنه دحض مزاعم هذه الأسطورة".

أما نائب المحقق العام بمقاطعة بينسيلفانيا، فيليب بيرغ، فقد أوضح أن هناك مواطنون بها لا يثقون في الرواية الرسمية لأحداث 11 سبتمبر2001. ويمثل السيد بيرغ عائلات ضحايا أحداث 11سبتمبر والذين حسب رأيه "لم يقبلوا الأموال التي دفعت قدمت لهم مقابل التزامهم بالصمت"، وأنهم قاموا برفع دعوى قضائية ضد القائد الأعلى لما بين وحدات الجيش وكذا البيت الأبيض بخصوص مسئوليتهم في هذه الأحداث الإرهابية.

أما مسألة ضلوع الأجهزة الاستخباراتية البريطانية في سياق عملية توظيف مصطلح الإرهاب الإسلامي الدولي، فقد نوقشت من طرف المخبر السابق بهذه الأجهزة السيد ديفيد شايلر، عندما صرح

ديفيد شايلر

قائلا: "لقد غادرت أجهزة المخابرات البريطانية عندما قررت وحدة ال –ام أي 6- تمويل شركاء بن لادن " . وأضاف قائلا: " لقد حاولت التنبيه على هذا الخطر، لكني كنت أنا من دخل السجون" صرح السيد شايلر متأسفا. ثم أكد قائلا: " إن عمليات الإرهاب هذه تتم بالتنسيق مع وحدات السي آي ايه ووحدة ام اي 6" .

وقد أدان البيان الختامي لمحور السلام، عملية استخدام مفهوم الإرهاب الإسلامي العالمي من طرف التحالف . " ومن أجل تبرير هجماتها، فهي تختلق وتمول مجموعات إرهابية، كما تفتعل مبررات للدعاية لنظريات خطر الإرهاب الإسلامي العالمي، تمهيدا لفكرة صراع الحضارات". إن هذا التحالف " يغطي طموحاته عن طريق تضليل وسائل الإعلام وخداع المؤسسات الدولية" أكد شايلر.

وسائل الإعلام تشارك في عملية الترويع

وقد تناول المؤتمرون إلى جانب أشكال التدخل الأجنبي العسكرية، تلك الأشكال الأخرى السياسية منها والثقافية. وفي هذا السياق تقدم الجنرال ليونيد ايفاشوف، القائد الأعلى السابق للجيوش الروسية، بورقة انتقد فيها عملية ارتشاء المسئولين السياسيين: " العالم اليوم محكوم بشخصيات لا يهمها إلا المنفعة الشخصية، وأينما نظرت، تجد شخصيات قد باعت قيمها وضمائرها. أما عن وسائل الإعلام، فهي تعمل على محاربة كل الشخصيات المثقفة التي تسعى إلى نشر أفكارها. وروسيا هي الأخرى تعاني من مشكل الرشوة بمؤسساتها، وسنعمل جاهدين على تصفية كل العناصر المرتشية من أجهزة حكومتنا".

وقد شكلت عملية الترويع التي تمارسها وسائل الإعلام، محور نقاش الكثير من ندوات المؤتمر. إذ تعاني شخصيات مثقفة وصحفية وفنية، الكثير من عمليات الترويع هذه، ويحظر عليها انتقاد بعض المواضيع، خصوصا السياسية الإسرائيلية، بحجة محاربة "معاداة السامية".

ديو دوني

وبهذا الخصوص، فقد أعرب السيد والممثل الهزلي ديو دوني مبالا مبالا، عن تجربته في هذا الميدان وعن تلك الحملة الشرسة التي يتعرض لها بتهمة التحريض على العنصرية والترويج لها. "إننا نشهد اليوم لعملية تعميم للعنصرية، والتي تذهب إلى حد أبعد من الحدود التي كان يتكلم في إطارها اليمين المتطرف بفرنسا قبل سنوات. إن الاحتلال الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، قد أوجد في الأوساط الصهيونية خطابا عنصريا مركبا تتجلى تداعياته اليوم في التعامل مع مشاكل الأقليات في الواقع الفرنسي".

أما من ناحيتها، فقد تحدث السيدة ايفون ترياس، مديرة صحيفة "بريخا" كبرى الصحف اليسارية بالأرغواي، عن نفس الحملة التي تعرضت لها هي الأخرى في بلدها بدعوى "معاداة السامية"، والتي يتعرض لها كذلك الكثير من المثقفين الذين ينتقدون السياسة الإسرائيلية. ." لقد رشحت على القائمة السوداء للشخصيات المتهمة بمعاداة السامية،و التي حررها أحد المثقفين اليهود" أوضحت متأسفة. " بالأرغواي، اتهمت جريدتي بمعاداة السامية لأنها انتقدت السياسة الإسرائيلية، وهي الآن تشكل هدفا لحملة تشهير منظمة ومكثفة. ولقد تعرضنا لأشكال عدية من التهديد والضغوطات،و التي وصلتنا عن طريق البريد، كما انسحب الكثير من المشتركين من الجريدة. وقد توسط لنا وفد من الشخصيات اليسارية، من أجل إقناعنا بالعدول عن مواقفنا السياسية. وإنها لمشكلة فعلية تحول دون النضال ضد مشكل معاداة السامية الحقيقي".

وقد سمح هذا المؤتمر الذي الكثير من الشخصيات من مختلف القارات، بملاحظة أنها نفس طرق الترويع الإعلامية والتي تستخدم في كثير من دول العالم.

لقد حان الوقت لكي نجتمع سويا من أجل السلام في العالم

وأثناء المائدة المستديرة حول سوريا، فقد قرن المشاركون الاتهامات التي وجهت لهذا البلد بخصوص اغتيال رفيق الحريري، بتلك التي وجهت للعراق بخصوص أسلحة الدمار الشامل التي تحدث عنها كولن باول أمام مجلس الأمن الدولي. وفي البيان الختامي للمؤتمر، أعرب المشاركون عن خيبة أملهم من أن " فرنسا التي عارضت بقوة الحرب على العراق، رجعت فالتحقت بحملة التهديدات التي تقودها الولايات المتحدة ضد دول أخرى". كما حيا المشاركون بالمقابل " الوساطة الروسية التي تدافع عن جدية تطبيق اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية، و عن شهادة البراءة في عملية تطوير العلاقات الدولية".

"وأما من جانبنا" أكد المشاركون " فإننا سنواصل عملية تحسيس الرأي العام العالمي، على غرار ما قام به مواطني أمريكا اللاتينية، من أجل إفشال أشكال الدعاية للحقد والكراهية، ومن أجل رفض مشاريع الهيمنة الشاملة وكل أشكال الاستبداد".

لقاء شخصيات من الولايات المتحدة وسوريا على هامش المؤتمر

وعلى هامش مؤتمر محور السلام، اجتمع المشاركون من الولايات المتحدة ومن سوريا تلقائيا في لقاء مشترك، من أجل دراسة سبل إيقاف الحرب بين بلديهم. وأثناء هذا اللقاء الذي تواصل إلى ساعة متأخرة من الليل، ناقش المشاركون بالتحليل آفاق هذه المشكلة كما يراها كل طرف في بلده، سواء كان من الطبقة السياسية أو من فئة عموم الشعب. وقد بحث السوريون والأمريكان السبل التي يمكن تفعيلها من أجل تجسير العلاقات بين بلديهما.

" لقد حان الوقت لكي نجتمع سويا من أجل السلام في العالم " كانت تلكم هي مقدمة البيان الختامي الذي وقعه المشاركون في مؤتمر محور من أجل السلام.


 الموقع الرسمي لمحور من أجل السلام:http://www.axisforpeace.net

 البيان الختامي للمؤتمر :http://www.voltairenet.org/article131420.html

 فعاليات وصور المؤتمر بجودة عالية:http://www.axisforpeace.net/rubrique13.html

 يمكنكم متابعة كل تفاصيل المؤتمر على الرابط التالي:http://www.voltairenet.org/rubrique90003.html