رندى حيدر/النهار

رأى المعلق في صحيفة "معاريف" عاموس غلبواع ان اسرائيل ستكون امام معضلة استراتيجية اذا واصل "حزب الله" محاولاته لخطف جنود اسرائيليين. وكتب امس: "مساء يوم الاثنين الماضي ترددت قيادة الجيش الاسرائيلي في ما تقترحه على وزير الدفاع بعد الهجوم الكثيف الذي شنه حزب الله. هل نكتفي بالرد الموضعي والمباشر على اهداف تابعة للحزب في جنوب لبنان ام نرد في صورة اقسى واكثر شمولا؟

لقد كان واضحا ان حزب الله خرق قواعد اللعبة التي وضعت عقب خروج الجيش الاسرائيلي من لبنان في ايار 2000. فلقد حاول خطف جنود اسرائيليين في منطقة تقع خارج مزارع شبعا (التي يزعم حزب الله انها لبنانية وان من المشروع مهاجمة الجنود الاسرائيليين هناك ومخطفهم) كما اطلق النار على مجموعة من المواقع الاسرائيلية داخل حدود الاراضي الاسرائيلية واصاب مناطق مدنية اسرائيلية قريبة من هذه المواقع. بكلام آخر حزب الله هاجم دولة اسرائيل.

لكن بغض النظر عن الظروف المباشرة، يبدو لي ان دولة اسرائيل امام معضلة استراتيجية صعبة في مواجهتها مع حزب الله. فحتى خروج القوات السورية من لبنان كان يمكننا دائما اتهام السوريين بمسؤولية ما يجري في لبنان ومهاجمة اهداف تخدم المصالح السورية فيه.

وبخروج القوات السورية من هناك، ومع الحكومة اللبنانية الجديدة (التي نعتبر انها المسؤولة عما يجري على اراضيها) والواقعة الآن تحت الوصاية الاميركية والفرنسية وتريد تجريد الحزب من سلاحه وهي ضد نظام بشار الاسد، فاننا اذا قمنا اليوم بالهجوم على اهداف لبنانية (مثل منشآت الكهرباء والوقود) عشية ذكرى الاستقلال فان ذلك سيبدو غير موزون وغير حكيم.

وهنا ايضا الاميركيون الغارقون في العراق والذين ليس من مصلحتهم اشعال حريق جديد في الشرق الاوسط، ولديهم مصلحة في الا تقوم اسرائيل بخطوات خطيرة ضد "حزب الله" قد تؤدي الى التصعيد الشامل. على سبيل المثال، في استطاعة اسرائيل مهاجمة اهداف لحزب الله في بيروت، ولكن قد يقوم عندها الحزب بقصف كل اسرائيل بما في ذلك ميناء حيفا. فهل اسرائيل مستعدة لذلك؟ ليس من الحكمة ولا من المسؤولية مهاجمة اهداف في العمق اللبناني، في وقت تهم اللجنة الدولية للتحقيق في جريمة اغتيال الحريري باستجواب مسؤولين سوريين، والضغط الدولي على سوريا في ذروته. فلماذا تحويل الانتباه الى الضغط على اسرائيل لوقف الحريق في لبنان؟ حزب الله واع على ما يبدو للقيود المفروضة على اسرائيل بما في ذلك وضعها السياسي الداخلي، وهدفه خطف جنود اسرائيليين والسماح لنصر الله بعرض انجازاته امام اعين العالم واذلال اسرائيل ودعم حزب الله.

المشكلة مطروحة مستقبلا: كيف ستتصرف اسرائيل في حال نجاح حزب الله في المرة المقبلة في الخطف؟ وماذا تفعل اذا جرّب الحزب تحديد قواعد اللعبة واثبت انه قادر على قصف المواقع العسكرية في الاراضي الاسرائيلية وادخال كل سكان المستوطنات الحدودية الى الملاجئ؟ فهل تعود اسرائيل الى القصف الموضعي في جنوب اسرائيل؟