النهار

أعلن زعماء الإتحاد الأوروبي أن القمة الأورو - متوسطية "يوروميد"، التي اختتمت أعمالها بعد ظهر أمس في برشلونة، نجحت في إقرار وثيقتين مهمتين هما "مدونة سلوك" لمكافحة الإرهاب وبرنامج عمل للسنوات الخمس المقبلة. غير أن المراقبين لاحظوا أن اللقاء الأول لزعماء الدول الـ35 الأعضاء في مسيرة برشلونة لم يستجب للمطالب العربية في عملية السلام وحق المقاومة، بل رضخ للموقف الاسرائيلي من هاتين المسألتين.

وأخفق رؤساء الوفود في التوافق على بيان ختامي، واستعاضوا عنه ببيان للرئاسة البريطانية للإتحاد تلاه رئيس الوزراء طوني بلير، في مؤتمر صحافي حضره رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريغيز زاباتيرو ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل دوراو باروسو والمسؤول الأعلى للسياسة الخارجية والأمن المشترك للإتحاد الأوروبي خافيير سولانا. وشددوا جميعاً على أهمية التوافق على مكافحة الإرهاب "الذي لا يبرره شيء" كما ورد في مدونة السلوك. ولم تذكر الوثيقة "الحق في المقاومة"، كما طالب العرب. وعزت أوساط أوروبية موافقة العرب على المدونة إلى خلافات بين الدول العربية نفسها على هذا الموضوع، وخشية البعض أن تدعم هذه الإشارة مطالب ذات صلة بنزعات إنفصالية أو إنشقاقات داخلية. ورأت مصادر عربية أن الأوروبيين لم يقفوا مع العرب كما كانوا يفعلون تقليدياً في هذه المواضيع.

وقال بلير إن "حقيقة كوننا توصلنا إلى اتفاق عملي على مدونة السلوك من الجميع خطوة جوهرية للغاية... أعتقد أن هذا مهم جدا للدول الأوروبية، ولكن أيضاً لشركائنا الآخرين حول الطاولة. إنه بيان قوي قدر المستطاع لعزيمتنا المتحدة على مكافحة الإرهاب بكل أشكاله".

وعلى هامش مؤتمر أمني في برلين، صرح المفوض الأوروبي للعدل والحرية والأمن فرانكو فراتيني بأن مدونة السلوك الأورو - متوسطية لمكافحة الإرهاب يمكن أن تؤدي إلى اختراق في جهود الأمم المتحدة للتوافق على تعريف الإرهاب عبر العالم. وقال: "لن تترجم أوتوماتيكياً في معاهدة للأمم المتحدة، ولكن أنا مقتنع بأنها ستعبد الطريق".

وكان الرئيس الفرنسي جاك شيراك شدد على أن الإتحاد الأوروبي دفع إسرائيل وجيرانها من العرب إلى إعلان كهذا "لأنها (دول) أيضاً ضحية الإرهاب".

وحاول بلير تقليل أهمية غياب سبعة من رؤساء الدول العربية الثماني الأعضاء في الشركة، اذ لم يحضر سوى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وانتدب الآخرون رؤساء حكومات أو وزراء خارجية.

وتبريراً لاستبدال البيان المشترك بإعلان رئاسي، قال بلير: "هناك الكلمات التي تريد اسرائيل استخدامها والكلمات التي تريدها فلسطين". وأضاف: "ان يوروميد لن تحل عملية السلام في الشرق الاوسط، ليس في هذا المؤتمر في مجمل الأحوال".

وعلق مصدر أوروبي بأنه يمكن اعتبار الإعلان الرئاسي الصادر عن قمة "يوروميد" إعلاناً مشتركاً للدول الأربع والثلاثين باستثناء اسرائيل التي لم توافق سوى على إشارة عامة الى عملية السلام في الشرق الاوسط.

وأكد بيان بلير التمسك بعملية السلام في الشرق الأوسط و"خريطة الطريق" ومبادىء مؤتمر مدريد. غير أنه تغاضى عن موضوعي حدود الدولة الفلسطينية وحل مشكلة اللاجئين. أما في شأن الخطة الخمسية، فأكد زاباتيرو وباروسو اعتزام أوروبا زيادة الإعتمادات المخصصة لدول الضفة الجنوبية، وخصوصاً بين سنتي 2007 و2013، الى دعم المجتمع المدني وتعزيز الممارسة الديموقراطية بواسطة الانتخابات الحرة.

وأكد شيراك أن دول جنوب المتوسط يجب أن "تبقى أولوية استراتيجية لأوروبا"، وأنه "يجب أن نبقي الالتزامات المالية للإتحاد، أي تخصيص ما لا يقل عن ثلثي موارد آلية الجوار الجديدة للتعاون المتوسطي... وأن نحشد ايضا وسائل اضافية وخصوصا من أجل التعاون في قطاع الهجرة".

وتخشى دول المتوسط ان يحول الأوروبيون مساعداتهم المالية الى دول الجوار في أوروبا الشرقية، وقد منح الإتحاد الإوروبي الشركاء العشرة في الجنوب 5,5 مليارات أورو من الهبات بين 2000 و2006، و6,4 مليارات أورو من القروض من 2000 الى 2007.