الدستور - حياة الحويك عطية - قبل اشهر كتبت في هذه الزاوية بعنوان لوكربي دمشق ، وعندما انتحر اللواء غازي كنعان ، كان من بين سيناريوهات تفسير الحدث ان الرجل ربما شعر انه سيكون المقراحي السوري ، اي كبش الفداء الذي تقدمه سوريا لدتليف ميليس لانقاذ راس النظام ، وان الصورة التي تنتظره هي اما تلك واما صورة مساعدي صدام حسين في قفص الاتهام الاميركي في العراق ، فقرر اختصار المسافة ، وقطع الطريق على خصومه في الداخل وفي الخارج . لكن السؤال الخطير الذي يرتسم الان / هل ستكون الاضحية السورية كافية لاقناع النظام الاميركي الصهيوني بترك نظام دمشق وحاله ؟ والجواب المؤكد هو ان لا،قطعا . بدليل اكثر من امر :

اولها مقارنة بسيطة مع ليبيا ، فهل اقتصر الامر على تسليم ضابطي الامن الليبي ؟ ام ان خطوات اخرى مصيرية بالنسبة للغرب من جهة وبالنسبة لاسرائيل من جهة اخرى ، جاءت لتكمل قائمة التنازلات ؟ بدءا من التعويضات السخية التي دفعت للغرب الى تنازلات كرت كالمسبحة بخصوص الصراع العربي -الاسرائيلي ، ووصولا الى مواقف ليبية منحازة الى الشركات والقوى المقربة من الاميركيين ومن اسرائيل في اوروبا كان اخرها الانباء التي سرت في فرنسا اثر زيارة نيكولا ساركوزي لطرابلس ، عن استعداد ليبي لتمويل حملة وزير الداخلية الفرنسي الرئاسية المقبلة ، وهو المعروف بانه يهودي مؤيد بدون تحفظ لاسرائيل وللسياسة الامريكية ، وبأنه سيخوض معركته اولا داخل معسكر اليمين المعتدل الشيراكي حيث سيواجه الرئيس شيراك او مرشحه الذي يرجح ان يكون رئيس الوزراء الحالي دومينيك دو فيللوبان ، المتوازن جدا بالنسبة للقضايا العربية ، خاصة وانه عاش طفولته في المغرب ، وعرفه العرب جيدا من خطابه الشهير في مجلس الامن ضد الحرب على العراق . اما الدليل الثاني فنجده ببساطة في التصريحات السورية والاميركية نفسها ، بدءا من خطاب الرئيس الاسد الذي اعلن فيه الانسحاب من لبنان ليعبر الى القول : نعرف اننا كلما قدمنا تنازلا طالبونا بآخر ، والى تصريحات كونداليزا رايس الاخيرة . حيث يظل الضمير المستتر الاكبر في ذلك كله ، امرين : المقاومة العراقية ضد الاميركيين والمقاومة اللبنانية الفلسطينية ضد اسرائيل ، فما المطلوب من سوريا تقديمه على هذين المذبحين الآن ؟ وهل ستستطيع دمشق ان تلعب على ازمة القوات الاميركية في العراق كي تتهرب من التضحية او على الاقل تخففها ؟ ام انها ستمضي في الانزلاق على الطريقة الليبية ؟