نجيب نصير

لا أدري أين سمعت هذه النصيحة التالية التي تفيدنا في القراءة الصحيحة للأخبار عبر وسائل الإعلام ( على المواطن إذا كان حريصا على الوطن والأمة ان يبحث عن اكثر من مصدر للمعلومة الإخبارية كي لا يقع في الخلط بين الإجرائي والمصيري ).

طبعا هذه النصيحة لوحدها بحاجة للبحث ليس عن مصادرها فقط وإنما عن مؤولين ومفسرين وأدلاء كي نفهم ونفسر ما فيها من ألفاظ ملتبسة ومعان مفتوحة على المجهول !!! مثل الحرص ودرجاته وأنواعه وطرائق إظهاره وممارسته، والوطن وحدوده ومصالحه هل هو وطن سايكس بيكو أم ماذا ؟ والأمة ما هي وأين هي ؟

وكذلك كلمات مثل الإجرائي والمصيري كيف يستطيع الحريص على الوطن أو ربما كان المقصود مصلحة الوطن التي لها أيضا حسابات تأويلية إجرائية ومصيرية ان يعرف الفارق بينهما ناهيك عن معرفتهما بذاتهما منسوبتين إلى نوعية عيش تفتقر إلى تعريف محدد وعام … ومع هذا معليش !! و مو مشكلة !!.

لكن ان يبحث المرء عن عدة مصادر للخبر فقط كي يتأكد فقط كي لا يقع خلط بين الإجرائي والمصيري ويكون مسؤولا عن النتائج لأنه يجب إقناع احد ما بأنه حريص ؟؟!! والاهم ماذامة تفوق الفانتازيا التاريخية خيالا وطرافة، خصوصا محاولة التفكير بالخبر إجرائيا ومصيريا ايهما أحسن ؟!! أو ايهما أكثر ضرورة للحظة الحالية ؟ والاهم ماذا يعني ان فهم الخبر إجرائيا أو مصيريا وما هي الفائدة من ذلك ؟ فقط كي يثبت انه حريص ؟ ….

طيب وبلكي ادعى هذا الحريص انه قام بالعملية ( متابعة المصادر ) ووصل إلى نتيجة تظهره انه ليس حريصا حسب قوانين العيش المعروفة ؟؟؟ ماذا يفعل ؟ والاهم هل النصيحة تصبح جدية أم في سياق المزح مع المواطن ؟ على طريقة ( شو صدقت، قلنا لك ابحث عن المعلومة الصحيحة منسوبة إلى الإجرائي والمصيري كي تكون حريصا ولم نقل لك ان تبحث عن معلومة أو عن صحتها فقط ) وهكذا تصبح النصيحة نفسها في موقع الشك هذا إذا اعتبرنا إمكانية تنفيذها سهلة ومتوفرة خصوصا في عصر تدفق الأخبار والمعلومات ولسنا في عصر الفرمانات العثمانية التي تعلق على الأشجار كمصدر وحيد ومبجل للمعلومات، إنها نصيحة تأخذنا مباشرة إلى الحيص بيص، نصيحة مفشكلة بحالها وتريد فشكلتنا بها وبحالنا … دعونا بسلام دون ارق وقلق جديد هو إثبات إننا حريصون ….

أساسا أنا ومن بعد هذه النصيحة بطلت اسمع الأخبار ( ربما هذا هو المطلوب ) !! لأنه وبالأساس وجدت الأخبار كي لا يضطر الفرد ان يذهب إلى المعركة كي يتأكد من أخبارها مباشرة، أو يلزق بكوفي عنان أو شافيز كي يلتقط تصريحاته دون تحوير أو تأويل !!! ولا ادري كيف سيسمع بالفساد إذا كان يقف على رأس من ينويه أو يكون أكثر من شاهد إخباري علية كي يستطيع الحريص مقاطعة الأخبار والتأكد من صحتها وتصنيفها إجرائيا ومصيريا، وبعدة مدة ليست بالوجيزة يستطيع ان يتفرغ للخبر التالي …. ويدخل في عملية التأكد حرصا … وهكذا يستطيع الحريص ان يسمع في عمره كله خبرين ثلاثة ويكتفي مبسوطا منشرحا فقد اثبت انه حريص …. والصحافة والميديا وعصر السرعة والعولمة كلها أشياء تافه وآثمة يمكن الاستغناء عنها ببساطة إجرائيا ومصيريا …. ودمتم سالمين .