نجيب نصير

هذه السنة تثبت دمشق مرة أخرى انها قادرة على إقامة مهرجان سينمائي ومهم وواعد، أي بعد ثمان وعشرين عاما يمكننا القول اننا حصلنا على مهرجان سينمائي محترم، ولكن اليد على القلب هل يستمر هكذا ومتصاعدا ؟ ربما هذه ال ( ولكن ) كانت احد أسباب تطوره لذلك أي إغفال أو ( بلع ) لهذه ال ( ولكن ) هي أضرار بالمهرجان وبالسينما.

انطلاقا من دور المهرجان في الإطلاع على تجارب العالم السينمائية، أتضح ان هناك هوة واسعة بين السينما السورية في كل مناحيها والسينما في العالم، هوة بنيوية لا يمكن ردمها بتحديث الكاميرات والمونتاج وتكبير أموال الإنتاج، بقدر ضرورة مواكبة الذهنية الابتكارية للتفكير السينمائي في عالم اليوم، هذا التفكير المبني على الإنجازات الإبداعية للعقل البشري في سعيه نحو الجمال وتشريف الحياة الدنيوية.

لقد أثبتت الأفلام السورية الطويلة الثلاثة المعروضة في مسابقة المهرجان انها لم تختلف عن تراثها السينمائي الذي عرض بعضه على هامش المهرجان أي انها سينما ثابتة تفتقد إلى الطموح والتطور والارتقاء، وكأن بسنمائيينا قد اكتملوا معرفيا وإبداعيا منذ ولادتهم، ثلاثة أفلام تتمتع بخصوصية التخلف، وهذه ليست خصوصية يرفع بها الرأس، وعلى تواز مع أفلام تتميز بالخصوصية والتقشف الإنتاجي وأيضا بالإبداع والجدة واللماحة دون فذلكة أو ادعاء، وربما كان حصول احد الأفلام السورية على الجائزة البرونزية مع حضور هذه الأفلام في المسابقة يشكل حالة غير عادلة قد تؤثر ليس على مستوى المهرجان ومصداقيته فقط وإنما على استمرار استرخاء السينما والسينمائيين السوريين، لاعتقادهم أنهم لما يزالوا داخل المنافسة السينمائية للقرن الواحد والعشرين.

السينما سلعة … ولكن يستطيع المستهلك لها ان يقول لا وأشياء أخرى، خصوصا انها أصبحت متوفرة في كل مكان والخيارات لم تعد محدودة … اللهم إلا إذا اصرينا على التعامل معها كإرث.