الشراع اللبنانية

ماذا يجري في نظام دمشق، ماذا جرى له؟ أين دهاء معاوية وسياسات الأمويين وذكاء حافظ الأسد؟ هل يعقل ان يصبح حلاق مخبر آخر ((ابداعاته)) وأعظم ((إنجازاته))؟ وهو الرديف ((لسياسة)) النظام كلها في مسألة محددة هي التعاون أو عدم التعاون مع لجنة تحقيق دولية وضعت النظام كله تحت أكبر مجهر الآن في هذه المنطقة؟
يقول النظام عبر رئيسه بشار الأسد انه سيتعاون مع اللجنة، ويرد المخبر الحلاق بما يستدعي نسف التعاون فتكتمل الجوقة بقول الناطق الإعلامي باسم لجنة التحقيق السورية: ان تقرير لجنة التحقيق الدولية إنهار تماماً.. وسقط بالضربة القاضية وبشكل كامل.
مسكينة لجنة التحقيق السورية في هذه الجريمة، فقد كان بعض أعضائها قضاة في كهوف النظام غافلين لا دور لهم ولا كلام حتى أوكل لهم النظام مهمة الدفاع عنه وهم كانوا مسيرين في الحكم بقضايا الفقراء فكيف بالنجوم المتلألئة على الأكتاف والهواتف الآمرة والعبارات النابية؟

ماذا جرى للنظام في دمشق.. ماذا يجري فيه؟

انفصام شخصية أم صراعات أمنية، أم أوهام بقدرة أركانه على استغباء الدنيا؟

كل واقعة يدبرها هذا النظام تثبت تورطه حتى النخاع في جريمة قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري مثل كل الجرائم السياسية التي طالت قيادات في لبنان من خطف الصحافي ميشال أبو جودة عام 1974 إلى محاولة قتل الإعلامية مي شدياق عام 2005 وما بينهما.
وهو في محاولة نفي التهمة عنه يتخبط بما يثير السخرية والأسف على هذا الإسفاف.

معذور؟

نعم فكل جرائمه السابقة لم يحتج فيها إلى تبرير أو إخراج أو صمت تحت عنوان ((إن بليتم بالمعاصي فاستتروا)) لأنه كان يرتكبها وهو مؤمن ان أحداً لن يحاسبه.. الأمر الآن اختلف بعد ان أصبح تحت المجهر بدءاً من جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري.. فبات تحت المراقبة ثم المحاسبة وهذا هو الجديد فقد أصبح بحاجة إلى تبرير وإلى إخراج وإلى دفاع عن النفس فبانت هزالته.. وظهر إخراجه طفولياً، وتبريراته صبيانية لأفعال شيطانية يرتكبها كل يوم.
بان الهزال فماذا جرى لهذا النظام؟

إعلامه لم يعد ينطق بكلمة ضد إسرائيل، بل صب مدفعيته الشديدة على لبنان وطناً وشعباً ومجتمعاً وعروبة وديموقراطية ودوراً.
سياسته الخارجية تثير السخرية بتصريحات وزيرها من على أعلى منابر الدنيا في مجلس الأمن والأمم المتحدة فكيف في تصريحاته الصحافية المحلية والعربية؟

لم يكن قد بقي سليماً في النظام إلا أجهزة الأمن هراوته وعسسه ومخبروه.. لكن إذا كانت آخر إبداعاتها الآن هي مسخرة المخبر الحلاق فهذا هو العطب في نظام الشام.. أصيب في مقتل بعد إشهار الإفلاس في الإبداع.

كان نظام دمشق الأمني قد قتل الإبداع في صفوف الصحافيين السوريين حتى لم تعد تجد منهم مبدعاً محسوباً على النظام.
كان نظام دمشق الأمني قد قتل الإبداع في صفوف الكتاب والأدباء حتى لم تعد تجد مبدعاً في سوريا محسوباً على النظام.. وكذلك بين الفنانين والمثقفين.

نظام كان وما زال يتباهى بأن كل معارضيه المستقلين لا قيمة شعبية أو سياسية لهم، وكل مؤيديه لا إبداع ولا قيمة شعبية أو سياسية لهم خارج الولاء لأجهزته الأمنية، فإذا ما أصيبت هذه الأجهزة نفسها بالعقم حتى طرحت المخبر الحلاق فهذه هي كارثة النظام.. قحط في آخر معاقله.

ماذا جرى لنظام سوريا؟ ماذا يجري فيه؟

يطلق رئيسه رصاصة الرحمة على مبرر وجود لجنة تحقيق دولية في جريمة اغتيال الحريري معلناً البراءة المطلقة قبل أن يؤلف لجنة تحقيق خاصة بسوريا، ثم يعلن في الوقت نفسه تشكيل لجنة تحقيق سورية في هذه الجريمة.. أيهما تصدق الناس براءة النظام من جريمة قتل الحريري؟ أم صدقية اللجنة إذا قالت شيئاً آخر.. وهي مكلفة كي لا تقول إلا البراءة.. فلماذا اللجنة؟ وقد وضع الأسد العربة قبل الحصان؟

ألم يعلن فاروق الشرع ان القرار 1559 قرار تافه ثم يعلن رئيسه سحب قواته من لبنان بمقتضى هذا القرار؟

ألم يسكت فاروق الشرع عندما أعلن تيري رود لارسن ان مزارع شبعا سورية ثم يتصل هاتفياً بمعاون وزير خارجية سوريا في لبنان محمود حمود ((ليبلغه)) ان مزارع شبعا لبنانية؟ انظروا الآن مسرحية الشرع الجديدة في برشلونة؟
يتصل بشار الأسد 3 مرات بالملك عبدالله بن عبد العزيز طالباً نجدته لإخراج النظام في سوريا من مأزقه فيرسل له خادم الحرمين الشريفين بعد إلحاح من بشار مندوبه الأمير بندر بن سلطان لوضع المخرج فيتم الموافقة على إرسال الضباط المطلوبين للاستجواب في فيينا وبعد ذلك بـ48 ساعة يخترع النظام مسرحية المخبر الحلاق.

هل هذا النوع من التعامل هو الذي دفع الرئيس حسني مبارك للانكفاء سابقاً رغم استنجاد بشار الأسد به؟

هل سيؤدي استمرار هذا العقم والسخرية إلى دفع الملك عبدالله كي يسحب يديه أيضاً.

لم يبق أحد في الدنيا لم يسحب يده من هذا النظام وهو مستمر في ألاعيبه.. هل هو العقم؟ هل هو الانفصام؟

ماذا جرى للنظام؟ هل هي مشاكله الداخلية؟ هل هو العطل في اتخاذ القرار؟ هل هو الخوف بين أركانه بعضهم ضد بعض؟

على من تضحك أجهزة استخباراته؟

هل ان أجهزة استخبارات روسيا (الصديقة) وأميركا (العدوة؟) والسعودية (الشقيقة) ومصر (النصوحة) وفرنسا (اللصيقة) غبية إلى درجة لا تميز فيها في تقرير ميليس وتحقيقاته بين الغث والسمين حتى تسقط جميعها دولها وحكوماتها بمعلومات خاطئة تؤدي بها إلى قرار خاطىء يتخذ بالإجماع فيصدر القرار 1636 بمقتضى تحقيقات وتقرير ميليس؟

وحدها استخبارات النظام في دمشق ذكية فتخترع مسرحية المخبر الحلاق لتعرضها على مسارح الجمهور
السوري المسكين ليفرح بها.. علّها تنسيه بعض مآسيه.. هل هذه هي القضية؟

تبارت أجهزة الأمن في سوريا وأميركا وروسيا في سرعة العثور على غزال هارب في غابة، فالتقطته الأجهزة الأميركية خلال ساعة والتقطته بعد ذلك الأجهزة الروسية بعد ساعتين فلما ذهبت أجهزة الاستخبارات السورية لالتقاط الأرنب بعدها غابت حتى غابت الشمس فلما عثر على عناصر الاستخبارات السورية وجدوهم يضربون أرنباً طالبين منه الاعتراف بأنه غزال.. لم يبق والله إلا السخرية.