هآرتس - داني روبنشتاين - مشاهد الشغب والعنف واطلاق النار واختطاف صناديق الاقتراع التي حدثت يوم الاثنين خلال انتخابات "فتح" التمهيدية في غزة، قد تكون مشهدا مصغرا لما سيحدث في الانتخابات التشريعية العامة التي ستجري في أواخر كانون الثاني. الاضطرابات دفعت قيادة حركة "فتح" الأربعاء الى اتخاذ قرار بايقاف العملية الانتخابية التمهيدية في غزة ومحاولة اجرائها مرة اخرى من خلال صيغة جديدة في الاسبوع المقبل.

الانتخابات التمهيدية في حركة "فتح" تهدف الى تحديد مرشحي الحركة، وهي حزب السلطة الحاكم للانتخابات العامة. كان من المفترض ان تجري الانتخابات في مواعيد مختلفة خلال عشرة ايام في كل محافظة على حدة، وحيث تحددت لكل دائرة نسبة من المرشحين، في القدس مثلا تحدد 12 منتخبا، وغزة 16.

في كل الدوائر ظهرت إخلالات فنية وتشويشات في قوائم الناخبين ووصل الامر الى ذروته في غزة. عضو المجلس الوزاري سفيان أبو زايدة الذي اعتبر مرشحا متقدما في شمالي غزة (جباليا)، يقول أن الآلاف بل وعشرات الآلاف غابوا من سجلات الناخبين، وعندما جاء الناس الى الصناديق وتبين لهم أنهم لا يستحقون التصويت بدأوا في إثارة الشغب، وسرعان ما تحولت بعض صناديق الاقتراع الى ساحة حرب. قيادة الحركة اضطرت في هذه الحالة الى ايقاف الانتخابات.

في محافظات الضفة المختلفة، في المقابل، جرت الانتخابات بصورة منظمة تقريبا. أتباع فتح في غزة يعتقدون الآن أنه سيكون عليهم اعداد قوائم جديدة خلال 3 - 4 ايام، وربما سيقلصون عدد أصحاب حق الاقتراع في غزة بصورة كبيرة. لن يكون هناك مرة اخرى 30 - 40 ألف ناخب في كل دائرة، وانما خمسة آلاف شخص. من هم المحظوظون الذين سيتمكنون من التصويت؟ الحاسوب سيشطب من القوائم المتقدمين في السن والذين سجلوا في الحركة منذ مدة طويلة ومن كانوا في السجون الاسرائيلية. وبعد إخراجهم من القوائم سيكونون هم أصحاب الاقتراع دون غيرهم.

من يطالب باستكمال الانتخابات التمهيدية هم الأجيال الشابة في "فتح" الذين يأملون في النجاح كما حدث في رام الله وجنين ونابلس وبيت لحم وطوباس. هذه النتائج دللت على انقلاب، اغلبيتهم الحاسمة كانت من شبيبة "فتح"، وهم كلهم تقريبا من نشطاء الانتفاضتين الاولى والثانية، والكثيرون منهم أسرى أمنيون سابقون ومن أبناء "الداخل" الذين أزاحوا أبناء "الخارج"، أي طردوا قدامى الحركة الذين جاؤوا مع عرفات من تونس.

اذا استطاع هؤلاء الشبان، وبعضهم من قادة الجناح العسكري في فتح، من "كتائب شهداء الاقصى"، الوصول الى البرلمان، فسيكون من الممكن تسميته "برلمان المناضلين" (الدوائر الأمنية في اسرائيل قد تفضل تسميته "برلمان الارهابيين"). الدكتور مهدي عبد الهادي، رئيس مركز دراسات في شرقي القدس، يفضل تسميته برلمان "الداخل"، أو برلمان الأسرى. في كل الاحوال سيكون هذا برلمانا فلسطينيا مغايرا تماما للبرلمان القائم اليوم.

المشكلة هي أنه لا يوجد تأكيد في أن من سيفوزون في الانتخابات التمهيدية هم الذين سيترأسون قوائم الحركة للبرلمان. القرار النهائي بصدد القوائم سيتخذ من قبل اللجنة المركزية للحركة، وهي في غالبيتها من الحرس القديم القادم من تونس. فلماذا اذا يُجرون الانتخابات الداخلية؟ "ما العمل، ليست لدينا ديمقراطية مائة في المائة وانما 50 في المائة فقط"، قال حاتم عبد القادر، رئيس التيار الشبابي في حركة "فتح" في القدس.

من أجل فهم العلاقة بين الانتخابات التمهيدية في حركة "فتح" وبين الانتخابات العامة للبرلمان، من المهم أن نتفهم التغيرات الأخيرة في قانون الانتخابات الفلسطينية: في القانون السابق الذي جرت الانتخابات بناء عليه في المرة الاولى في عام 1996 تحدد المجلس بـ 88 عضوا حيث يُنتخبون وفق الدوائر. الضفة وغزة قُسمتا الى 16 دائرة تحددت لكل منها نسبة منتخبين وفقا لعدد السكان. أما الآن فقد تغيرت الطريقة وسيزداد عدد النواب من 88 الى 132. نصفهم سينتخبون في الدوائر حسب الطريقة السابقة والآخرون سينتخبون بطريقة مشابهة للطريقة الاسرائيلية التي لا يتنافس فيها مرشحون منفردون وانما حركات واحزاب. الناخب يُلقي بورقتين، واحدة للحزب واخرى لمرشح دائرته. اللجنة المركزية التي ستقرر مصير قوائم المنتخبين في فتح هي التي ستقول الكلمة الأخيرة، وهذه اللجنة تضم اليوم 12 عضوا يقطنون في غزة والضفة. خمسة من اعضاء اللجنة قُتلوا أو ماتوا منذ انتخابها في 1989 (أبو إياد، خالد الحسن، هايل عبد الحميد، فيصل الحسيني وياسر عرفات). ثلاثة آخرون وعلى رأسهم فاروق القدومي يرفضون المجيء الى المناطق. في رام الله مثلا حصل صخر حبش - الوحيد الذي جرب حظه من اعضاء اللجنة المركزية - على 2300 صوت، بينما حصل مروان البرغوثي على 34 ألف صوت ففاز في المرتبة الاولى. الرسالة اذا واضحة، وهي أن الحركة تريد رؤية وجود شباب من نشطاء الانتفاضة الاولى برئاسة مروان البرغوثي في البرلمان الفلسطيني. الشارع الفتحاوي يحترم كباره، إلا أنه يريد استبدالهم بالمناضلين الشبان. وفي حال رفض اللجنة للنتائج قد يقوم الشبان بالالتفاف حول مروان البرغوثي وخوض الانتخابات بقائمة منفصلة لـ"فتح"، كما يقول حاتم عبد القادر.

الاسابيع المقبلة ستبقى عاصفة اذا في حركة "فتح". التوتر والصراعات بين القوى المختلفة وبين الشبان والقدامى في اطار الاستعداد للمعركة الحاسمة ضد "حماس"، وبعد الانتخابات العامة اذا جرت بصورة منظمة، سنجد أمامنا برلمانا فلسطينيا جديدا ومغايرا عن السابق كتعبير صادق عن صراعات القوة والمزاج في الجمهور الفلسطيني.

مشاهد الشغب والعنف واطلاق النار واختطاف صناديق الاقتراع التي حدثت يوم الاثنين خلال انتخابات "فتح" التمهيدية في غزة، قد تكون مشهدا مصغرا لما سيحدث في الانتخابات التشريعية العامة التي ستجري في أواخر كانون الثاني. الاضطرابات دفعت قيادة حركة "فتح" الأربعاء الى اتخاذ قرار بايقاف العملية الانتخابية التمهيدية في غزة ومحاولة اجرائها مرة اخرى من خلال صيغة جديدة في الاسبوع المقبل.

الانتخابات التمهيدية في حركة "فتح" تهدف الى تحديد مرشحي الحركة، وهي حزب السلطة الحاكم للانتخابات العامة. كان من المفترض ان تجري الانتخابات في مواعيد مختلفة خلال عشرة ايام في كل محافظة على حدة، وحيث تحددت لكل دائرة نسبة من المرشحين، في القدس مثلا تحدد 12 منتخبا، وغزة 16.

في كل الدوائر ظهرت إخلالات فنية وتشويشات في قوائم الناخبين ووصل الامر الى ذروته في غزة. عضو المجلس الوزاري سفيان أبو زايدة الذي اعتبر مرشحا متقدما في شمالي غزة (جباليا)، يقول أن الآلاف بل وعشرات الآلاف غابوا من سجلات الناخبين، وعندما جاء الناس الى الصناديق وتبين لهم أنهم لا يستحقون التصويت بدأوا في إثارة الشغب، وسرعان ما تحولت بعض صناديق الاقتراع الى ساحة حرب. قيادة الحركة اضطرت في هذه الحالة الى ايقاف الانتخابات.

في محافظات الضفة المختلفة، في المقابل، جرت الانتخابات بصورة منظمة تقريبا. أتباع فتح في غزة يعتقدون الآن أنه سيكون عليهم اعداد قوائم جديدة خلال 3 - 4 ايام، وربما سيقلصون عدد أصحاب حق الاقتراع في غزة بصورة كبيرة. لن يكون هناك مرة اخرى 30 - 40 ألف ناخب في كل دائرة، وانما خمسة آلاف شخص. من هم المحظوظون الذين سيتمكنون من التصويت؟ الحاسوب سيشطب من القوائم المتقدمين في السن والذين سجلوا في الحركة منذ مدة طويلة ومن كانوا في السجون الاسرائيلية. وبعد إخراجهم من القوائم سيكونون هم أصحاب الاقتراع دون غيرهم.

من يطالب باستكمال الانتخابات التمهيدية هم الأجيال الشابة في "فتح" الذين يأملون في النجاح كما حدث في رام الله وجنين ونابلس وبيت لحم وطوباس. هذه النتائج دللت على انقلاب، اغلبيتهم الحاسمة كانت من شبيبة "فتح"، وهم كلهم تقريبا من نشطاء الانتفاضتين الاولى والثانية، والكثيرون منهم أسرى أمنيون سابقون ومن أبناء "الداخل" الذين أزاحوا أبناء "الخارج"، أي طردوا قدامى الحركة الذين جاؤوا مع عرفات من تونس.

اذا استطاع هؤلاء الشبان، وبعضهم من قادة الجناح العسكري في فتح، من "كتائب شهداء الاقصى"، الوصول الى البرلمان، فسيكون من الممكن تسميته "برلمان المناضلين" (الدوائر الأمنية في اسرائيل قد تفضل تسميته "برلمان الارهابيين"). الدكتور مهدي عبد الهادي، رئيس مركز دراسات في شرقي القدس، يفضل تسميته برلمان "الداخل"، أو برلمان الأسرى. في كل الاحوال سيكون هذا برلمانا فلسطينيا مغايرا تماما للبرلمان القائم اليوم.

المشكلة هي أنه لا يوجد تأكيد في أن من سيفوزون في الانتخابات التمهيدية هم الذين سيترأسون قوائم الحركة للبرلمان. القرار النهائي بصدد القوائم سيتخذ من قبل اللجنة المركزية للحركة، وهي في غالبيتها من الحرس القديم القادم من تونس. فلماذا اذا يُجرون الانتخابات الداخلية؟ "ما العمل، ليست لدينا ديمقراطية مائة في المائة وانما 50 في المائة فقط"، قال حاتم عبد القادر، رئيس التيار الشبابي في حركة "فتح" في القدس.

من أجل فهم العلاقة بين الانتخابات التمهيدية في حركة "فتح" وبين الانتخابات العامة للبرلمان، من المهم أن نتفهم التغيرات الأخيرة في قانون الانتخابات الفلسطينية: في القانون السابق الذي جرت الانتخابات بناء عليه في المرة الاولى في عام 1996 تحدد المجلس بـ 88 عضوا حيث يُنتخبون وفق الدوائر. الضفة وغزة قُسمتا الى 16 دائرة تحددت لكل منها نسبة منتخبين وفقا لعدد السكان. أما الآن فقد تغيرت الطريقة وسيزداد عدد النواب من 88 الى 132. نصفهم سينتخبون في الدوائر حسب الطريقة السابقة والآخرون سينتخبون بطريقة مشابهة للطريقة الاسرائيلية التي لا يتنافس فيها مرشحون منفردون وانما حركات واحزاب. الناخب يُلقي بورقتين، واحدة للحزب واخرى لمرشح دائرته. اللجنة المركزية التي ستقرر مصير قوائم المنتخبين في فتح هي التي ستقول الكلمة الأخيرة، وهذه اللجنة تضم اليوم 12 عضوا يقطنون في غزة والضفة. خمسة من اعضاء اللجنة قُتلوا أو ماتوا منذ انتخابها في 1989 (أبو إياد، خالد الحسن، هايل عبد الحميد، فيصل الحسيني وياسر عرفات). ثلاثة آخرون وعلى رأسهم فاروق القدومي يرفضون المجيء الى المناطق. في رام الله مثلا حصل صخر حبش - الوحيد الذي جرب حظه من اعضاء اللجنة المركزية - على 2300 صوت، بينما حصل مروان البرغوثي على 34 ألف صوت ففاز في المرتبة الاولى. الرسالة اذا واضحة، وهي أن الحركة تريد رؤية وجود شباب من نشطاء الانتفاضة الاولى برئاسة مروان البرغوثي في البرلمان الفلسطيني. الشارع الفتحاوي يحترم كباره، إلا أنه يريد استبدالهم بالمناضلين الشبان. وفي حال رفض اللجنة للنتائج قد يقوم الشبان بالالتفاف حول مروان البرغوثي وخوض الانتخابات بقائمة منفصلة لـ"فتح"، كما يقول حاتم عبد القادر.

الاسابيع المقبلة ستبقى عاصفة اذا في حركة "فتح". التوتر والصراعات بين القوى المختلفة وبين الشبان والقدامى في اطار الاستعداد للمعركة الحاسمة ضد "حماس"، وبعد الانتخابات العامة اذا جرت بصورة منظمة، سنجد أمامنا برلمانا فلسطينيا جديدا ومغايرا عن السابق كتعبير صادق عن صراعات القوة والمزاج في الجمهور الفلسطيني.