مبارك: التحقيق في اغتيال الحريري قد يستمر سنة

النهارشعبان عبود:

من المقرر ان تنتهي اليوم في مقر الامم المتحدة بفيينا جلسات الاستجواب التي تجريها لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري مع ثلاثة من الضباط السوريين، فيما توقع الرئيس المصري حسني مبارك – الذي استقبل وزير الخارجية السوري فاروق الشرع – ان يستمر التحقيق في القضية اكثر من سنة. اما الوزير السوري، فاتهم اطرافاً "داخل لبنان وخارجه" بالعمل على تدويل المسألة اللبنانية.

وتستجوب لجنة التحقيق الدولية اليوم ثلاثة ضباط سوريين هم العميد ظافر يوسف الخبير في الاتصالات واجهزة الكومبيوتر والعقيدان في فرع فلسطين عبد الكريم عباس وسميح القشعمي، بعدما انتهت من استجواب كل من رئيس فرع ريف دمشق التابع لشعبة المخابرات العسكرية العميد رستم غزالي الذي كان يتولى رئاسة فرع الامن والاستطلاع في القوات السورية التي كانت تعمل في لبنان ومساعده العميد جامع جامع واللذين عادا الى دمشق الاثنين.

واكد مصدر ديبلوماسي في فيينا ان "الاستجواب سيتواصل الاربعاء".

واستمرت اجواء السرية والكتمان تحيط بالاستجوابات. وتفادياً للمصورين الصحافيين، نقل المسؤولون السوريون الاثنين الى مقر الامم المتحدة في فيينا عبر مدخل سري، فيما قالت وزارة الداخلية النمسوية المكلفة الحفاظ على امن المستجوبين ان "الادلاء بمعلومات عن هذه القضية لا يصب في مصلحة الامن القومي للبلاد".

ورأت مصادر سورية ان "دمشق غير معنية ببقاء المحقق ديتليف ميليس او اعتذاره عن الاستمرار في رئاسة اللجنة الدولية، لان ذلك مسألة تخص الامم المتحدة وترتيباتها". واكدت حرص سوريا "على التعاون مع اللجنة الدولية". واستبعدت ان تطلب اللجنة اي شهود سوريين في الايام المقبلة "لان ميليس في صدد اعداد تقريره" الذي سيقدمه الى مجلس الامن قبل 15 كانون الاول الجاري.

ونقل عن مصادر ديبلوماسية غربية في دمشق استبعادها فرض مجلس الامن أي اجراءات أو عقوبات على دمشق بعد تقديم ميليس تقريره "نظراًُ الى عدم انتهاء التحقيقات". ورجحت ان "يطلب المجلس من سوريا مزيدا من التعاون مع اللجنة الدولية"، بعد موافقته على تمديد مهمة اللجنة ستة اشهر أخرى.

مبارك

وفي القاهرة، صرح مبارك بعد استقباله الشرع اكثر من ساعة بان التحقيقات في اغتيال الحريري "قد تستغرق وقتا طويلا ما بين ستة اشهر وعام، بل انها قد تأخذ وقتا اطول".

وسئل عن تقويمه للموقف بعد المحادثات التي اجراها مع الشرع، فأجاب: "اتمنى ان ينتهي الموضوع على خير". ونفى الانباء التي تحدثت عن قمة مصغرة اليوم في السعودية على هامش قمة منظمة المؤتمر الاسلامي. واعتبر ان "الامر لا يتطلب عقد قمة طالما اننا نستمر في بذل هذه الجهود". واوضح ان الشرع أشار خلال المحادثات الى ابعاد الموقف من وجهة النظر السورية وما يمكن ان تقوم به الدول العربية من جهد، مؤكدا ان "مصر تبذل جهودا كبيرة في هذا الشأن ولا يمكن الدول العربية ان تتأخر عن بذل هذه الجهود التي ترتبط مع ذلك بتطبيق قرار مجلس الامن.

وافاد ان "مصر والسعودية ورئيس القمة العربية (الجزائر يبذلون جهودا في هذا الشأن، كما ان هناك العديد من الدول العربية الاخرى تبذل الجهود نفسها، ولكن ما دام هناك تنفيذ لقرار مجلس الامن ، فان هذه الجهود عادة ما تسفر عن نتائج طيبة".

الشرع

وصرح الشرع الذي نقل رسالة من الرئيس السوري بشار الاسد الى مبارك، بأن "سوريا تريد افضل العلاقات مع لبنان، كما يريد لبنان افضل العلاقات مع سوريا، لكن المشكلة تكمن في محاولة البعض داخل لبنان وخارجه تدويل المسألة اللبنانية". وقال ان التعديل تستغل فيه عملية التحقيق في اغتيال الحريري. ولاحظ "ان هدف التحقيق لا يصبح حينئذ ظهور الحقيقة، وانما احداث تغيير سلبي داخل لبنان وبالتالي في المنطقة من طريق ممارسة ضغوط يومية بكل الوسائل الشرعية وغير الشرعية على كل من سوريا ولبنان".

واكد ان سوريا لا تريد تضخيم الاشياء وانها تسعى الى التوصل الى الحقيقة ومعرفة من هم وراء الجريمة النكراء، مشيرا في الوقت ذاته الى وجوب الا يستخف احد بعقول اللبنانيين او السوريين والعرب بصفة عامة.

واضاف ان دمشق تحاول بذل كل جهد ممكن لتحسين العلاقات مع لبنان من غير ان تضع اي شروط على تحسينها، ولكن "كلما بادرت سوريا الى تحسين العلاقات مع لبنان نجد هناك من يعترض عليها داخل لبنان".

وسئل عن هوية مزارع شبعا وعما اذا كانت قضية لبنانية – اسرائيلية بحسب رؤية سوريا، فأجاب ان مزارع شبعا لبنانية، لكنها قضية احتلال اسرائيلي في الدرجة الاولى للجولان السوري ومزارع شبعا. وشدد على ضرورة حل هذه المسألة المعقدة من طريق الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية والسورية المحتلة أي تنفيذ قراري مجلس الامن 425 و242 كاملين وهذا مطلب سوري ولبناني ومطلب عادل يجب ان يستجيب له مجلس الامن، خصوصا ان المجلس حريص على تطبيق قراراته او ما يصدر عنه.

وهل بقاء ميليس رئيسا للجنة التحقيق في اغتيال الحريري يجد ارتياحا سوريا أم العكس؟ أجاب بأن سوريا مع أن يأخذ التحقيق مجراه الطبيعي.

ولم يستبعد تسييس التحقيق، قائلا انه عندما يصبح هدف التحقيق سياسيا، فذلك يعني ابعاد التحقيق عن اكتشاف الحقيقة وهذا ما لا تريده سوريا.

وعن الضغوط على سوريا قال انها مستمرة، لكن الشعب السوري يرفضها ويعبر عن رفضه لها يوميا.

وعن ادعاء الشاهد السوري في قضية اغتيال الحريري هسام طاهر هسام ان شهادته كانت نتيجة ضغوط لبنانية وتأثير ذلك على العلاقات اللبنانية السورية، قال ان بعض الافراد والقوى السياسية داخل لبنان يحاولون ان يضغطوا على السوريين ليدلوا بشهادات ضد سوريا.

وأبرز في هذا الصدد أهمية التوصل الى الحقيقة "دون أشياء أخرى تتطلبها الوصاية الدولية"، مستشهدا بقضيتي محمد زهير الصديق وهسام طاهر هسام. وأضاف: "ان التسريبات التي خرجت مبكرا عن التقرير الدولي جعلت العربي والعالمي ينخرط في هذه المسألة، وبالتالي لا يستطيع أحد او اللجنة ان يلوم سوريا لأن عملية تسريب المعلومات بدأت من اللجنة ومن حول الاطراف الذين يواكبون عملها".

وعن احتمالات عقد قمة مصغرة على هامش قمة منظمة المؤتمر الاسلامي التي تعقد في مكة اليوم، أو قمة لبنانية – سورية، قال ان ما بين لبنان وسوريا لا يتطلب وساطة او مساعي لان البلدين شقيقان وجاران وبينهما مصالح مشتركة أكبر مما يتصور البعض. ونفى احتمال عقد قمة عربية مصغرة او موسعة في الوقت الراهن.

عريضة سورية

وسلم مئات من الطلاب السوريين ممثل الامم المتحدة في دمشق عريضة من القماش تحمل تواقيع 300 ألف طالب سوري تندد بالضغوط والحملات التي تتعرض لها سوريا.

وحمل الطلاب العريضة، وهي بطول كيلومتر واحد وعرض متر وتحمل تواقيع طلاب من كل الجامعات السورية في العاصمة والمحافظات وسلموها الى نائب الممثل المقيم لبرنامج الامم المتحدة للانماء في دمشق هشام النجار.

ماذا لو فرضت العقوبات

وأعرب رئيس اتحاد الغرف التجارية السورية راتب الشلاح في مقابلة مع صحيفة "الثورة" السورية عن اعتقاده انه اذا فرضت عقوبات اقتصادية على سوريا، فانها ستكون محدودة عموماً. ورأى ان تأثيرها سيقتصر فقط على التجارة الخارجية والتمويل الخارجي.

وقال ان العقوبات لا يمكن ان تكون موازية للعقوبات الاميركية في قضية لوكربي، أي انها لن تطاول المواد الغذائية والأدوية والاشياء الضرورية للامن والصحة. وذكر ان لدى سوريا القدرة على مواجهة مثل هذه العقوبات والتعايش معها.

وأضاف ان الاهم هو تهيئة الوضع المعيشي للمواطن، وخصوصاً اذا ما كانت احدى نتائج العقوبات هي رفع أسعار العملة الاجنبية في سوريا، وهذا اجراء له أبعاد سياسية تتاثر به الأوضاع الاقتصادية، موضحاً انه اذا تمكنت سوريا والسوريون من الحفاظ على اقتناعهم بوطنهم وامكاناتهم، فستكون النتائج السلبية أقل بكثير مما هي.

وأمل ان يتعامل القطاع الخاص مع الحكومة لتنفيذ الخطة الموضوعة لمواجهة أية آثار سلبية للعقوبات في حال فرضها، موضحاً ان هذه الخطة تشمل توفير كل مستلزمات الانتاج والمواد الغذائية والأولية وخصوصاً الاستراتيجية من طريق شراء البضائع واستيرادها بشكل منتظم ودائم.

وعن وضع الليرة السورية وقدرتها، قال ان الليرة السورية تمتعت بثبات واستقرار طوال السنوات الـ 12 الأخيرة، وهذا الاستقرار لم يكن نتيجة فرض سعر من الحكومة، وانما كان نتيجة العرض والطلب في الدول المجاورة ما عكس استقراراً في قيمة الليرة السورية. واعتبر ان الوضع الاقتصادي سيؤدي في وقت من الأوقات الى ارتفاع سعر الدولار أو أي عملة أجنبية، الليرة السورية ستحافظ على مكانتها.

ولفت الى انه على رغم انخفاض سعر الليرة السورية نحو 3 – 4 في المئة في الفترة الاخيرة، فان ذلك لا يعتبر كبيراً بالمقياس الدولي، مؤكداً ان المشكلة تكمن في ان اي ارتفاع في سعر العملة المحلية سيؤثر على المستوى المعيشي وخصوصاً على ذوي الدخل المحدود.