نجيب نصير

في قراءتها المدحية ( التحليلية ) لمسلسل ملوك الطوائف ، تختصر الدكتورة سونا فرحان كسر ( تشرين 8 ـ 12 ـ 05 ) المسألة في كلمات. ضائعة بين الانشاء والفوران العاطفي ،في التعاطي مع أخطر المسائل الثقافية التي تجتاحنا هذه الايام ، تقول د. سونا كسر ( رسائل وأسئلة قوية طرحت ضمن إطار تاريخي ذي مصداقية عالية، نشاهدها ونحن لا نعرف ان كنا نحن هم، أم هم نحن، أم كلانا واحد، والحاكم واحد، والعدو واحد، والأسئلة متشابه، والعبر تتكرر..) !!!!

لن أناقش المادة ( النقدية ) فهذا رأي الكاتبة في المسلسل، ولكن الجمل السالفة استوقفتني لما فيها من إطلالة على الذهنية الثقافية المشوشة، والتي تطلق في إطار المديح والقبول كلاما خطيرا كأن نكون سعيدين جدا بأن لا نعرف أنفسنا ( هم ونحن ) أو لا نعرف مكاننا في الزمان ( رسائل وأسئلة معاصرة ضمن إطار تاريخي " ذي مصداقية عالية " )، كما ان ما يواجه هذا الشعب هو نفسه انطلاقا من أعماق التاريخ حتى الآن ( الأسئلة متشابه والعبر تتكرر ) ….. ما هذه السعادة بالتاريخ ؟؟؟؟ ما هذا الاطمئنان للاكتمال المعرفي ؟؟؟ وأخيرا ما هذه الصدمة التي يجب علينا تحملها ما دمنا نعرف كل شيء ومن أقدم ألازمان ولا زلنا مصرين على حتمية الاندحار كما التاريخ نفسه … كم نحن بلهاء إذا قررنا ان العبر تتكرر، وتحت أنظارنا ونمشي باتجاهها مرة أخرى كي تتكرر وتسعد الكاتبة والناس أجمعين بصحة وجهة النظر والتاريخ، أي انه ومن إطلالة أخرى علينا إنتاج المستقبل بصفته تاريخا " ذي مصداقية " وإلا فقد شرف الاصالة والخصوصية، وإذا كنا أكثر ذكاء بقليل يمكن إنتاج هذا المستقبل بصفته الاندلسية، دون النظر عيوب العودة إلى مناقشه الخروج من الأندلس ( إذا كان خروجا ) كأخطاء قام بها حكام لم يراعوا الاصالة في تفكيرهم وفي حكمهم، متناسين ان في اندلوثيا سكان وناس وبني أدمين لهم وطن وأرض كالفلسطينيين مثلا ومن حقهم إخراج من لم يندمج معهم اجتماعيا ( هذا نظريا على الأقل ) وكيف إذا كان التاريخ يحكي عن حروب أهلية دون تفريق بين عرب واسبان، وهل لو أنندمج العرب القادمون بالأسبان الاصليون اجتماعيا كان علينا اعتبار المسألة اندحار أيضا ؟؟ …

لا نحن لسنا هم …. خصوصا في التاريخ الاندلسي الطارئ، وفي الأساس أصبح من المعيب استخدام الأندلس دراميا بهذه الطريقة الفردوسية المفقودة ونحن لا نستطيع التفكير حتى بفلسطين كفردوس مفقود هو لنا، وكان بين أيدينا منذ لحظة زمنية عابرة، أم استعادة الأندلس بهذه الطريقة الفنية ( الإعلامية الإعلانية ثقافيا ) هو استخدام غير شريف للتاريخ وليس " ذي مصداقية عالية " !!!

ان تعليم الذهنية على تكرار الماضي إلى ما لانهاية، هو ليس عيش في الماضي فقط، وانما تدريبها على تنبلة القدرية فما دام كل شيء سوف يتكرر فعلام النهوض والفعل والمقاومة، أو من طرف آخر إذا كانت الأندلس الغالية على قلوبنا طارت مع كل هذا الوله بها، فمن المؤكد ان فلسطين طائرة لا محالة على الرغم من تشابه الوضعين من منظور الذهنية المشتهاة إي كان علينا ان نحسن حكم الأندلس كي لا تطير من أيدينا على الأقل كي يعي الصهاينة الدرس … ولو !!!! وإذا كان تكرار الماضي هو احتمال الصفعة رقم مليون وواحد على أساس ان الصفعة جاءت على حين غرة !! فأننا نحضر لثقافة بلهاء تسعد بهزائمها، وتصفق لأحداث فيما لو عادت لغرقنا في المصائب.

التاريخ إذا كنا نري ان نقرأه، فانه يعلمنا عدم تكراره فقط … كي لا نستعيد هزائمه على الأقل، لأنه من الثابت فيزيائيا اننا لن نستعيد إي شيء فيه، لأنه في جملة ( لا نعرف ان كنا نحن هم، أم هم نحن ) ثابت وحيد وجلي ومدمر هي: لا نعرف.