نضال الخضري

ربما علي أن أتخلى عن الرعب القاتل الذي أتسلح به لمواجهة عالم أصفه بالذكوري، لكنني اكتشف أن "التعصب الأنثوي" هي الخدمة القصوى لثقافة الحرب التي تداهمنا، فعندما يصبح الجهاد أنثويا، تتراجع مساحات من الموت المؤجل ... ولكنني لست عصية عن "ثقافة الحرب" وعن العصب الجديد لعالم يحترف "الاغتصاب" ... و "الاغتصاب" لم يكن يوما فعلا جنسيا لكن "التعصب الأنثوي" رسمه على شاكلة الخيال الذي تريده الأنثى. فعندما أسعى للهروب من تراثي اللغوي اكتشف أن "ثقافة الحرب" هي التي أعطتني مفرداتي ثم عممتها على الجميع.

ضمن العالم الذي يقرؤوني أو يحترف محاورتي كان المجهول هو الذي يلف علاقة مبهمة، لكنني اكتشف أن البحث لن يكون مجديا مادامت ثقافة الحرب هي التي ترسم العلاقة بين جنسين تبدأ عندهما التقاطعات أو التضاد، ثم تنتشر نحو اللوحة الكاملة لمجتمع تكون وربما ما يزال يتكون.

ثقافة الحرب بين الذكر والأنثى لا أراها بعيدة عن أي صورة تغطي المجتمع أو تلف عالما يحاول الارتداد عن الحداثة .. ما لا أستطيع قوله مباح في الغد، لأنني أعيش الماضي، وثقافة الحرب التي أحملها تجعلني لا احتمل "الذكورة" كما هي ... وربما تجعلهم لا يطيقون "الأنثى" على حقيقتها ... فهل يبدأ قبول الآخر برسم صورة السلم بين جنسين؟!!

في رهبة اكتشاف ما خلفته ثقافة الحرب تتداخل الصور، ويصبح الحق اقتطاعا من الذكور أحيانا، وتمنعا أنثويا أحيانا أخرى، بينما تكتسب الحرية مطابقة لجنسين وهي في جوهرها تمايز في كل الأمور. وفي حمى "التعصب الأنثوي" تصبح الجرأة هي اللون الأكثر سطوعا، بينما تتجذر في العمق حالات أخرى لأن الجرأة سمة بشرية تتجلى بأشكال مختلفة. وربما علينا من جديد الدخول إلى صيغة "السلم" ... إلى انتهاك "مقدسات" ثقافة الحرب، لنفهم أن العلاقة التي تحكمنا هي أدوار اجتماعية، وأن انتهاك الأنثى هو اغتصاب اجتماعي، ورغبات الذكور هي ابتسار للحياة.
ليس علينا البدء بالحوار ... فالمسألة أعقد من تبادل الأفكار لأنها فهم بأن البشرية تجمل التمايز، وأن على ثقافتنا أن تتفهم هذا التمايز.