سورية الغد

المسألة ليست فيما تسعى له الإدارة الأمريكية، بل في قدرتنا على معرفة ماذا نريد وسط الفوضى المزروعة داخلنا .. ولأننا حتى الآن نعتمد على التجييش "التعبئة" لذلك علينا أن نقول وداعا للهدوء.

كنا نعتقد قبل اغتيال الحريري أو تمديد للحود، أو حتى احتلال العراق، أن مسألة التعبئة" الجماهيرية على طريقة الخمسينيات ولت .. وأن الحسابات الدقيقة للوعي الاجتماعي، والأهم من ذلك لوعي النخب السياسية، يمكنها أن ترسم آفاق المستقبل. كما كنا نعتقد أن الشكل "الخطابي" و "الاتهامات" و "التكفير" أصبحت سمة فئة واحدة من الناس، وحل عوضا عنها الهدوء والاتزان في الخطاب السياسي. لكن أزمة اغتيال الحريري أثبتت أن كل التيارات قادرة على التعامل مع الظرف بأسلوب التعبئة.

الهدوء الذي نودعه ليس رديفا لصمت القبور، ولا يناقض ديناميكية الحياة .. فالهدوء المقصود هو الاتزان في قياس الأمور بعد أن سمعنا من التصريحات والتأويلات ما يجعلنا نعتقد أن الولايات المتحدة عازمة على إنهاء المنطقة بأي ثمن.

الهدوء الذي رحل هو قناعتنا بأن الزمن الثقافي في العقل الاجتماعي تبدل، وأن الأفكار الاعتباطية انتهت، لكننا نجد اليوم وعلى امتداد الساحة الجغرافية في الشرق الأوسط من يحل باسترجاع صور الستينات والخمسينيات من القرن الماضي.
اغتيال الحريري أنهى بالفعل زمن محددا .. ولكنه ليس بالضرورة سينقلنا إلى زمن جديد.