فاخر السلطان/ايلاف

إذا ما جاء التحليل صحيحا في ربط تصريحات الرئيس بشار الأسد مساء الأحد للتلفزيون السوري حينما أعلن بأن المنطقة ستتزعزع إذا ما خلص تقرير القاضي الألماني ديتليف ميليس إلى اتهام مسؤولين سوريين بالمسؤولية في اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، وبين الحادث الإرهابي الإجرامي بعد يوم والذي أودى بحياة شهيد الكلمة النائب اللبناني جبران تويني، ومثلما قال القيادي اللبناني الدرزي البارز وليد جنبلاط بأن الرسالة السورية وصلت، فإننا نكون قد دخلنا منطقة مفتوحة من الإرهاب الإقليمي بات يشكلها ويرسم أطرها وينفذ مخططاتها تحالف "البعثين" السوري والعراقي ومن يلف لفهم من أنظمة وأحزاب وتنظيمات، في إطار مواجهة الترتيبات الدولية بقيادة أميركية والرامية إلى تنظيف المنطقة من الأنظمة الاستبدادية المناهضة لرؤية مرحلة جديدة من العلاقات والروابط قائمة على التفاهم والتعايش والنابذة لأنظمة أيديولوجيا العروبة والاسلاموية.

فالربط بين الحدثين، إضافة إلى تحليل وزير الإعلام السوري محمد دخل الله بإرجاعه مقتل تويني إلى خلاف الفرقاء اللبنانيين وكأنه يشعل علنا فتيل الحرب الداخلية، يمكّننا من القول بأن سياسة "الفوضى" القائمة على القتل والإرهاب باتت الوسيلة الوحيدة للدفاع عن بقاء النظام في سوريا بعد اتهام ميليس الضباط السوريين الخمسة بالتورط في اغتيال الحريري، وهي سياسة شبيهة بسياسة البعث العراقي البائد في العراق المتحالف مع التكفير الإسلاموي الإرهابي في سعيه لإشاعة فوضى القتل والتدمير والترهيب بوصفها ورقة الهروب الأخيرة.

فتحالف الفوضى الجديد – القديم يضرب سوريّاً في ظل هطول الاتهامات الواردة من ميليس:

 "أدلة جديدة تعزز ما تم التوصل إليه بشأن ضلوع سوريا في اغتيال الحريري.. ومعلومات تؤكد ضلوع مسؤول سوري رفيع المستوى بتزويد جماعات وأفراد في لبنان بأسلحة وذخيرة، من أجل خلق حالة من الفوضى العامة هناك، كرد فعل على أي اتهام بضلوع سوريا في اغتيال الحريري".

 "على سوريا اعتقال السوريين (الخمسة) الذين تعتبرهم اللجنة مشتبها بهم في عملية الاغتيال".

 "تم استدعاء ستة سوريين اعتبروا من المشتبه بهم ولم تكشف اسماؤهم لاستجوابهم في فيينا الا ان خمسة فقط ارسلوا للاستجواب فيما ارجئ استجواب السادس". وانه "على الرغم من تمنعها ومماطلتها, فان السلطات السورية اتاحت استجواب خمسة ضباط سوريين تم استدعاؤهم بشروط اللجنة".

 "وجود معلومات مفصلة تشير بشكل مباشر الى منفذي ومخططي العملية المنسقة التي هدفت الى اغتيال الحريري والواقفين وراءها, بما في ذلك قيام اجهزة الاستخبارات اللبنانية والسورية بتجنيد عملاء".

 "افادات الشهود تعزز الادلة المتوافرة حتى الان ضد الضباط اللبنانيين قيد الاعتقال وكذلك ضد مسؤولين سوريين رفيعي المستوى". واللجنة "احرزت تقدما كبيرا في الشق اللبناني ويبقى ان يوازيه الشق السوري".

 "استنتاجات التقرير المرحلي الاول الذي سلمته اللجنة في اكتوبر الماضي واشار الى ضلوع اجهزة الامن اللبنانية والسورية في عملية الاغتيال, تبقى صالحة".

إن تلك الدلائل والاتهامات إذ تشير بدقة إلى جهة المسؤولية والمسؤولين في اغتيال الحريري فإنها تؤكد من جانب آخر على أنه لا يمكن مواجهة تلك الاتهامات الرامية في آخر المطاف إلى تهديد موقع النظام في دمشق إلا بإشاعة سياسة الفوضى، والتي هي سياسة تعبر أفضل تعبير عن أدبيات البعث الشمولي الذي لا يرضى إلا بنفسه ولا بديل من دونه إلا الفوضى..