الشرق الأوسط

تجري سورية الآن سلسلة من الاتصالات والمشاورات مع عدد من الدول التي تعتبرها دمشق صديقة لها، وخاصة روسيا والصين، للتدارس حول مشروع القرار الفرنسي المعروض حالياً أمام مجلس الأمن الدولي والمتوقع صدوره اليوم بعد إدخال بعض التعديلات عليه.

وقالت دوائر في دمشق متابعة لهذا الشأن لـ«الشرق الأوسط» إن القرار المنتظر الذي سيأتي خالياً من أية عقوبات على سورية يستند إلى الفصل السابع بفقرته التمهيدية وليس العاملة، وإن أهم ما يتضمنه هو مطالبةُ سورية بالتعاون، وتمديدُ عمل لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رفيق الحريري، والموافقةُ على محكمة ذات طابع دولي، وفتحُ تحقيق دولي في الأحداث التي وقعت منذ الأول من نوفمبر(تشرين الثاني) من العام الماضي.

وعن تفسيرها للتصريحات النارية التي أطلقها المندوب الأميركي في الأمم المتحدة جون بولتون اول من امس، ضد سورية، رأت الدوائر أن تصريحات المندوب الأميركي تندرج في إطار التصعيد الأميركي المستمر للضغوط التي تمارسها واشنطن على سورية والمواقف الأميركية المتشددة والعدائية ضدها.

في سياق آخر قالت الدوائر إن أصحاب المصلحة في أعمال الاغتيال والتفجير في لبنان، هم أنفسهم الذين لهم مصلحة في ضرب أمنه واستقراره ووحدته الوطنية ومن ثم العمل على النيل من سورية وصولاً إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة وإدخالها في حالة من الفوضى المتضرر الوحيد منها هم العرب، بينما المستفيد الأول والأخير منها هو المشروع الصهيوني وإسرائيل. في غضون ذلك دعت دمشق مجلس الأمن الدولي، الذي يجري مشاوراته حاليا حول التقرير الثاني للجنة الدولية، الاخذ بكل الملاحظات السورية على هذا التقرير والعمل على اظهار الحقيقة التي يريدها الجميع وفي المقدمة سورية. وأكد المعلق السياسي في الإذاعة السورية ماجد حليمة ضرورة مناقشة مجلس الأمن للتقرير الثاني بعيدا عما وصفه بالضغوط ومحاولات الابتزاز التي تمارسها بعض الاطراف الدولية على المجلس. وكانت سورية قد نفت في نيويورك مساء اول من امس عدم تعاونها مع لجنة التحقيق الدولية. وفي بيان أدلى به السفير السوري لدى الأمم المتحدة فيصل المقداد أمام مجلس الأمن، الذي استمع إلى تقرير القاضي ديتليف مليس، قال السفير مقداد «إننا لا نتفق مع ما ورد في التقرير من عبارات غير دقيقة تشير إلى تباطؤ من قبل سورية في تقديم التعاون الكامل مع عمل لجنة التحقيق».

وقد أبلغ ميلس أعضاء مجلس الأمن ببطء وتعثر التعاون السوري، وحذر من احتمال استمرار التحقيق لمدة عام أو عامين في حالة تعثر تعاون السلطات السورية مع لجنة التحقيق الدولية. وقال القاضي ميليس «إن من المبكر القول إن سورية قد انتهكت قرار مجلس الأمن 1636». وأكد السفير السوري فيصل المقداد على قيام سورية بالتواصل مع اللجنة بشكل مستمر وقال «هذا موثق من خلال الرسائل المتبادلة والاتصالات التي تمت بين الطرفين وبما أدى في نهاية المطاف أي التوصل إلى فهم مشترك لكيفية إجراء التحقيق في فيينا».

وانتقد المقداد لجنة ميلس لعدم اعترافها باللجنة القضائية السورية واوضح قائلا «إن هذا قد ادى أيضا إلى تأخير غير مرغوب به» واضاف «كان بودنا أن نرى اهتماما للتعاون مع اللجنة القضائية السورية من قبل اللجنة الدولية علما بأن اللجنة القضائية مستمرة في عملها وهي بحاجة إلى ما لدى لجنة التحقيق الدولية من معلومات». واتهم المسؤول السوري عدم التزام لجنة التحقيق الدولية الضمانات الأساسية الواردة في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في الإجراءات الجنائية لدى استجواب المسؤولين. وذكر المقداد من ضمن الانتهاكات تلخيص ما يقوله المستجوب من قبل المحقق بدون الالتزام بتدوين حرفية أقواله وعدم حصول المحامين على نسخة رسمية من المحضر وعدم السماح بتوقيع المستجوب على إفادته باللغة العربية في حين تم توقيعه بلغة أجنبية لا يتقنها. ورد مليس على أقول السفير السوري في مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة مؤكدا أن اللجنة سمحت للمشتبه فيهما الحضور برفقة محاميهما إضافة إلى وجود مترجمين فوريين. وأكد ميليس قائلا «إنهم تمتعوا بكل الحقوق التي طالبوا بها». وأكد ميليس اعتقاده بأن عملية اغتيال الحريري ما زالت ذات دوافع سياسية وقال «ما زلت اعتقد انها قضية سياسية» واستبعد وجود دوافع أخرى، مشيرا إلى قضية بنك المدينة وتهديد الحريري بفتح تحقيق في عمليات الغش والفساد وغسيل الأموال التي رافقت انهيار بنك المدينة، وشدد ميليس على عدم التركيز بشكل كامل على قضية البنك بالكامل. واعترف بصعوبة توسيع مهمة اللجنة الدولية للتحقيق في الوقت الراهن.