هيثم المهنا

من جديد تنطلق الفتنة ... ومن جديد جهزت بالأوامر المعتادة لتوجيه سهام التهمة إلى سورية , ومن جديد يخشى الدجالون أن تبرأ سورة , ولذلك لا بد من إيقاظ حالة الفتنة من جديد حتى يبقى الوضع في المنطقة متوتراً , وحتى يستطيعوا إخراج لبنان من جلده العربي , وقطع صلة الرحم مع سورية , وتدويله تمهيداً لتحقيق كل الاحتمالات , وكلها واردة.

ومن جديد , تنطح رعاة الشر والتدليس وتبديل المراكب والمواكب , لينظروا من جديد , ليتهموا من جديد وهم المتهمون أصلاً , مع إدراكهم المسبق بعدمية مصلحة سورية في كل ذلك , ويعرفون مقدماً من هم أصحاب المصلح , ولمصلحة من تساق المنطقة إلى الذبح , برضاهم وتنفيذهم و ممارساتهم اليومية والساعية بل وفي الثانية .

قتلوا جبران تويني , وأخذوا يتباكون عليه ببيانات معدة سلفاً , وكأنهم يعرفون مسبقاً ما سيحصل , يعرفون كل حركة له , ويخططون عن طريق أزلامهم كيف تكون التصفية , والحبل على الجرار.

قتلوا جبران تويني , وقتلوا قبله الحقيقة , وما زالوا يمارسون العهر السياسي والأخلاقي والوطني , وما رغبوا إلا في استمرار الفتنة , وإشعال نارها , لتلتهم لا لبنان فقط , بل والمنطقة بأسرها.

ويردد الصداحون , من باعوا لبنان لشارون وغيرهم , ومهدوا الطريق لدخوله إلى بيروت وإلى بيوتهم , يردد هؤلاء الصداحون أنشودة الشر التي لحنها أسيادهم في أمريكا وتل أبيب ومن معهما , الجميع يحقق مصالحه على حساب لبنان ودم الضحايا فيه , يفتحون قبور الموت من جديد عبر أنشودة المحكمة الدولية التي لن تترك من لبنان حتى الاسم , وإعادة التحقيق بكل الاغتيالات التي قاموا بها , ليصبح لبنان من جديد الفتنة التي يراد له بها , وليخرجوا الموت من الموت إلى الموت في شوارع لبنان وساحاته ومدنه وبلداته وضيعاته الوادعة , من شاطئه الجميل إلى جباله الشامخة , يمهدون دروب الموت دون خجل أو مهابة , تعودوا التلون والتغير , بل لم لهم من سلوك سوى التغير والتبدل , فهويتهم وهواياتهم : الفتنة ثم الفتنة , ثم الفتنة , ووجدوا في إحدى الاغتيالات الوسيلة الأسهل لاستمرار الفتنة مشتعلة , وتعليق ثوب الشر على مشلح سورية التي ساهمت في بقاء لبنان عربياً , يريدون قتله وإعادته من جديد إلى الزمن الرديء الذي يريدون .

قلنا : ذهب ميليس , وقتلوا الحقيقة , وهم اليوم باغتيال جبران تويني , يحفرون قبرها لتدفن إلى الأبد , ومن أجل ذلك يطالبون بتوسيع الهدف , كي لا يكون هناك أي هدف , يطلبون أن تصلب سورية من أجل ضياع بصمات جرائمهم وعن طريق أسيادهم ومعلميهم لاستمرار تدفق الشر بين الأهل وفي المنطقة.

سلم ميليس تقريره , وكثرت التكهنات ومسودات مشاريع القرارات , وتوافق ذلك مع اغتيال جبران تويني ليفتح باب الاجتهاد ضد سورية بتوقيت مقدر بدقة وتطابق مع إجراءات وتصرفات إسرائيل وتصريحات رموز الإدارة الأمريكية بنفس الاتجاه.

من جديد , يتمطى الغباء والاستغباء بتوجيه أصابع الاتهام إلى سورية التي تربأ أن يستمر مسلسل الموت الذي يفرشون له الاطارف والحواشي ليقتل لبنان , ليقتل الأمة , ليقتل الإنسان في الإنسان , والعقل والنحو في وطننا العربي عبر لبنان المقهور داخلياً والمحطم والمستهدف دولياً .

فمهلاً أيها الصداحون , أيها الكذبة والفريسيون , يا من تقتلون الإنسان وتمشون في جنازته , أما ترعوون وتعودون إلى ذاتكم ولو لبرهة , تستذكرون , أم أن ذاكرتكم قد غسلت .فالشر آكل أهله , ولن يترك للحب والمحبة والحياة حتى زواريب يسير فيها .

مهلاً أيها الغاوون , يا من قتلتم وتقتلون ليس جبران تويني فحسب , بل كل اللبنانيين الذين تكشفون مقابرهم لتنيرون نار الموت في لبنان من جديد , تقتلون لبنان كل يوم وبدماء باردة , ترشون الورود على نعوش الموت الذي تزرعون , أما شبعتم من سيل دماء أهلنا في لبنان , أما تحققت بعد أهداف مبتاعيكم في السفارات المتسلطة والراعية .

رحم الله جبران تويني , الذي تدبكون في موته دبكة "المرجلة" ضد الأهل وضد أنفسكم , من أجل أن تستمر ملحمة الموت والفناء والإلغاء , وجدتم في موته فسحة جديدة للتشدق والإستقواء , ولكن إلى متى.... فلا تستعجلوا وقد اقترب الموت من صانعيه , وعندئذ نقول : يداك أوكتا وفوك نفخ , وما ذلك ببعيد , فلن يقبل لبنان وأهله رسالة الاستغباء الذي تحررون , ترقصون من جديد على الدم اللبناني , ولا تدركون أنكم ترقصون على دمائكم , على غدكم , على أن يبقى لبنان , كما خلقه وأراد له الله أن يكون بلد الجمال والمحبة والألفة .

عيب كبير , وعار أكبر أن تفعلوا ذلك ولكن : ذهب الحياء فحل البلاء , والعقل جار ولا حياء.